أمينة بريمكو
أطفال بأعمار مختلفة يعملون في جمع العبوات البلاستيكية الفارغة سعياً وراء لقمة العيش.
التقينا بأطفال بين أكوام القمامة مستفيدين من النفايات المرمية كنوع من دخل يفيد الأسرة دون المساس بدراستهم؛ رغم أننا لا نستطيع الجزم بأداء أولئك الأطفال لواجباتهم المدرسية على حساب ما يسمى دخلهم اليومي من جمع النفايات.
في البداية التقينا بالطفلة”عيدا” ذات السنوات الخمس مرحة تضج حيوية، طوال حديثنا معها ظلت تضحك وتتحدث بعفوية. تعمل في جمع البلاستيك كوالدها الى جانب مساعدتها لوالدتها في صنع مربى البندورة، حلمها دخول المدرسة تحب والديها والحارة وصديقتيها “رودين” و “ربا”.
“زهر الدين”- ذكر لنا بأنه يعمل في جمع البلاستيك منذ كان صغيراً جداً، وهو الآن يعيل أسرته المكونة من ستة أشخاص، وعندما سألناه عن عمل والده، أجابنا: « كان يعمل سابقاً في تركيب الأسنان الاصطناعية، لكنه الآن مريض وطريح الفراش» ثم أكد بأنه لا ينوي ترك دراسته.
“روجين” -عشر سنوات- طالبة في الصف الخامس الابتدائي ، تبيع كل كيلو من العبوات البلاستيكية الفارغة بعشر ليرات، غالباً تقوم بجمع كيس من البلاستيك، وتحصل تقريباً على 35 ليرة يومياً. برأيها أفضل أوقات جمع البلاستيك يكون في الثالثة فجراً، حيث تكون صالات الأفراح قد ألقت القمامة خارج الصالة. ل”روجين” أصدقاء كثر في الحارة وجميعهم يعملون في جمع البلاستيك. أخبرتنا بان أفضل الأوقات التي تحس بأنها سعيدة عندما يعود والدها من دمشق حيث يعمل هناك. تتمنى “روجين” أن تكمل دراستها وتصبح محامية.
أماكن جمع البلاستيك- أطراف المدينة ارض جرداء تتكوم فيها النفايات ، يتم جمع البلاستيك هناك في جميع الأوقات. ابتسمت “رودين” وقالت: « الى جانب جمع البلاستيك هنا مكاننا المفضل للعب». ثم أخبرتنا بان المكان الثاني لجمع البلاستيك منطقة الشقيف لكونها مركزاً لصالات الأ؛ يقول
تقول “رودين” : « في هذه الساعة تكون الحفلات قد انتهت، وعمال الصالات يرمون أكياس القمامة في الشارع » “رودين” في التاسعة من العمر طالبة في الصف الرابع، توافق أختها بأنها تكون سعيدة عندما يعود والدها لزيارتهم، وعندما سألناها إذا كانت سعيدة في عملها، نفت برأسها، تحلم”رودين” بان تكمل دراستها، ويعود والدها للعيش معهم .
أما “حسين” الذي يناهز عمره السادسة، طالب في الصف الأول الابتدائي ، يحب الحارة ورفاقه ويحب عمله؛يقول: « أحب عملي لأنني أستطيع شراء ما أشتهي من الأطعمة اللذيذة، مما أجنيه من دخلي اليومي». وعندما سألناه عن أوقات الدراسة قال: « في المساء اكتب وظائفي، و تعلمني أختي».
فيما حدثنا “عاصم” عمره 12 سنة بان أجره اليومي 100 ليرة، وانه يساعد أمه في مصروف البيت رغم التزامه بالدراسة، لكون والده مريض. يتمنى “عاصم” أن يكمل دراسته، يقول: « أحب المدرسة، لكن ليس لدي الوقت لأدرس».
التقينا بالمرشدة النفسية “أحلام كينجو” التي وضحت لنا أسباب عمل هؤلاء الأطفال قائلة: « الفقر السائد في مجتمعنا هو السبب الرئيسي، والدافع الأساسي لعمالة الأطفال بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والثقافي للأسرة، اللذان يلعبان دوراً هاماً في تفاقم هذه الظاهرة». برأيها الأسرة تلعب الدور الرئيسي في تحديد اتجاهات الطفل، وتحديد ملامح شخصيته،وعلاقته بالمجتمع الخارجي.
أما بالنسبة لمفهوم عمل الطفل، ترى الأنسة “أحلام كينجو” بان لمفهوم عمل الطفل أثار إيجابية وأثار سلبية. قائلة: «الإيجابية تكمن في ولادة شعور جديد في نفس الطفل وذاته، وهي إمكانية اعتماده على ذاته، وتحمل المسؤولية، وعدم الاتكال على الآخرين، وإحساسه بالثقة في تأمين احتياجاته، أو احتياجات أسرته».
لكن بالرغم من هذه الآثار الايجابية تعتقد الآنسة “أحلام “بأن الآثار النفسية السلبية تكون أشد وطأ على الطفل، أولاً تحرمه من التمتع بمرحلة الطفولة، و يكون مقصراً في دراسته، برأيها العمل تكسبه أحياناً اضطرابات نفسية وجسدية، كتأخر النمو العقلي والبدني، واكتسابه السلوك العدواني. عدم التكيف الاجتماعي. عدم احترام الذات وتقديرها، أحيانا الانحراف والانقياد من خلال العنف الجنسي، أو الاستغلال الجنسي تقول:« لأنه الحلقة الأضعف في مكان العمل». تتابع الآنسة “كينجو” بان هناك أطفال تظهر عندهم بعض أشكال القلق تجاه الغد والمستقبل، وينظرون للمستقبل نظرة تشاؤمية، و أطفال تغلب عليهم المزاج الاكتئابي. تختم الأنسة كينجو حديثها: « أسوأ الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة عمالة الأطفال: تفشي بعض العادات الضارة كالتدخين وتعاطي المخدرات».
خاص موقع شبكة المراة السورية
