منى حسين
الظمات العالمية الكبرى توجه دول العالم الى توقيع اتفاقيات بشأن حماية حقوق المرأة من كل اشكال العنف والتمييز التي تتعرض لها النساء، منها ماهو متعلق بالقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة ومنها أنهاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة. اتفاقية أنهاء التمييز ضد المرأة والتي سميت باتفاقية السيداو، والتي مضمونها يدعوا الى انهاء التمييز الكامل بين الجنسين المراة والرجل ومساواتهما التامة،
وحسب ميثاق الامم المتحدة والذي يؤكد دائما على الايمان بحقوق الانسان الاساسية وبكرامة الفرد وبالمساواة التامة بين المرأة والرجل. الاعلان العالمي لحقوق الانسان توجه في الآونة الاخيرة الى تأكيد مبدا عدم جواز التمييز بين الافراد. كما وأن اتفاقية السيداو اعطت الحق الكامل للمرأة للتمتع بحقوقها الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لكن ما زال القلق يساور هذه التوجهات بسبب الفوارق التمييزية التي لا تزال موجودة في كثير من الدول، وهذا التمييز نسبته عالية جدا وعلى نطاق واسع مما يسبب العوق لنمو ورخاء الاسرة والمجتمع. ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانيات المرأة وانطلاقها في الحياة خدمة لمصلحة البلد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بشكلها العام. لقد بلغ عدد الدول التي وقعت على اتفاقية السيداو (171) دولة حتى تاريخ 28 / 11 /2002. وأخر دولة وقعت على الاتفاقية هي سوريا بتاريخ 25 / 9 /2002، وتعتبر اتفاقية السيداو اكثر الاتفاقيات عضوية في تاريخ الامم المتحدة بالمقارنة مع باقي اتفاقيات حقوق الانسان، أي ان 90 % من الدول الاعضاء ف الأمم المتحدة انضمت الى الاتفاقية ومنها ستة عشر دولة عربية وهذه الدول هي: الاردن، الجزائر، جزر القمر، العراق، الكويت، المغرب، تونس، لبنان، مصر، اليمن، جيبوتي، السعودية، موريتانيا، البحرين، سوريا.
نعم بالرغم من توقيع معظم هذه الدول لكن العمل على الالتزام ما زال بطيء جدا والجميع على علم بالظروف السياسية الاخيرة التي عصفت المنطقة والعالم، وكان اهمهما الازمة الاقتصادية العالمية ولحد الان لا نعلم الى اين ستنتهي هذه الكارثة الاقتصادية، أضافة الى ظروف التغييرات السياسية في المنطقة العربية والتي تم تسميتها (بالربيع العربي)، كل هذه الظروف اضافت الى رصيد المرأة عجز كبير في ميزانية تقدمها وتطورها وبسبب اوزار الاعتداءات السياسية والعسكرية التي تضمنها تاريخنا الحالي. وبما ان المرأة هي محور الالتفاف حول الحياة.. وهي عتلة التقدم والرقي.. كل ذلك جعل التوجهات العالمية لمنظمات حقوق الانسان والامم المتحدة، تسير نحو مبدا القضاء على جميع نواع التمييز ضد المرأة والتي ترجمتها اتفاقية السيداو والتي تحاول النهوض بما تراجع وتأخر..
تتضمن اتفاقية السيداو ثلاثون مادة ومنها: المادة الاولى والتي وضحت مصطلح التمييز ضد المرأة بأن أي تفرقة او تقييد او استبعاد على اساس الجنس، ويكون من اثاره واغراضه توهين او احباط الاعتراف للمرأة بحقوق الانسان والحريات الاساسية الاخرى وبصرف النظر عن حالتها الزوجي، وعلى اساس المساواة التامة بينها وبين الرجل.. اما المادة الثانية فقد تضمنت شجب الدول الاطراف لجميع اشكال التمييز ضد المرأة. وأن الدول الأعضاء في الاتفاقية تتفق على انتهاج كل الوسائل المناسبة ودون ابطاء سياسي لتستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك على الدول الالتزام ببنود الاتفاقية.. وهكذا بقية بنود الاتفاقية.. حقا ان من يطلع على اتفاقية السيداو يشعر ان الالتزام ببنودها سينتقل بنا الى الانتماء الانساني المتساوي والى العدل القضائي والاجتماعي.. ان اتفاقية السيداو تتضمن ثلاثون مادة ولكل مادة بنودها وفقراتها التي تحفظ حقوق المرأة وتنهي كل اشكال التمييز بينها وبين الرجل.. وتتضمن أنهاء كل ما يمكن ان يضطهد المرأة او يغبن حقها لو كان العمل عليها حقيقي وجاد..
والجدير بالذكر أن العراق وقع على اتفاقية السيداو في 13 / 8 / 1986 وكان آنذاك للحكومة العراقية تحفظات على بعض بنودها شانها شان معظم الدول العربية.. والسؤال الان بعد كل ما تم استعراضه هل؟؟ ستفي هذه الاتفاقيات والتوجهات العالمية باحتياجات المرأة الحقيقية وهل ستحل هكذا اتفاقيات مشاكل المرأة هل يمكن ان تتخلى المجتمعات الذكورية وظلم الحكومات الدكتاتورية عن صلاحياتها بمصادرة المرأة واستغلالها للأغراض القبلية والتخلف.. ان اتفاقية السيداو او غيرها من الاتفاقيات والتي لا يمكنها ضرب المصالح السياسية والاقتصادية مع الدول الاعضاء من اجل تحقيق اهدافها الحقيقية وهل ستبقى الحكومات العربية توقع على اتفاقيات تتحفظ على بنودها وفقراتها.. بعد كل ذلك بإمكاننا القول ان اتفاقية السيداو او أي اتفاقية كانت سينسفها وبشكل جوهري ما تحتويه بداخلها في حق التحفظ على بعض بنودها التي شرعت من اجل الالتزام بها.. ان سيناريوهات المنظمات العالمية التي تعزف سمفونية المساواة وحقوق الانسان باتت مشروخة. على هذه المنظمات ان تفرض شروطها لتحقيق مضامين اتفاقياتها الجوهرية وعليها الابتعاد عن المصالح السياسية التي تفرض عليها الانصياع لتحفظات حكومات. لا هم لها الا اقصاء المرأة وتهميشها، اتفاقية السيداو لا زالت تترجى العون وتشحذ الموافقات من اجل تحقيق المساواة وانهاء التمييز.