Search
Close this search box.

قراءة في كتاب “دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة” (2-3)

قراءة في كتاب “دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة” (2-3)

أسامة عاشور

موقف نصر حامد أبو زيد من المرأة

يعتبر كتاب (دوائر الخوف) تطبيق لمنهج أبو زيد في التأويل على موضوع المرأة. ويرى فيه أن هناك محطتين مفصليتين مرّ بهما التاريخ المصري والعربي المعاصر الأولى هو عام 1919 أول سفور للمرأة وانخراطها في الثورة. وترافقت مع حركة التضامن الإسلامي- المسيحي على أسس وطنية والتي تجلت في مبدأ الدين لله والوطن للجميع.
والتاريخ الثاني ما بعد هزيمة 1967، حيث ساد (خطاب الأزمة الشاملة) والصراع الحاد بين تياري “النهضة العلماني ” و”الأصولية الإسلامية “التي رفعت شعار الإسلام هو الحل والحلول جاهزة في التراث الإسلامي. ودعت الى عزل المرأة عن الحياة العامة والعودة بها إلى عصر الحريم كرد فعل ذكوري على الهزيمة والعجز عن المواجهة ويستوي في ذلك الخطابين الإسلامي المتطرف والمعتدل فالأول يعتبر المرأة عورة يجب تغطيتها والثاني يعتبر المرأة جوهرة ثمينة يجب حجبها وفي المحصلة كلاهما واحد. مع فارق أن الخطاب الديني المعتدل ينافس خطاب النهضة في ادعاء المساواة بين الرجل والمرأة على أساس نصوص المساواة في الثواب الأخروي المبني على الطاعة الدينية وحين يواجه بنصوص ليس فيها مساواة كالمواريث والشهادات وتعدد الزوجات فيلجأ للتبرير (بحجة الفروق البيولوجية وعدم قدرة المرأة على تحمل الأعمال الشاقة. .) ويصبح مدخلا لإنهاء قضية المساواة
تحمل صورة المرأة في التراث والفكر الإسلامي ثلاث سمات : فهي أولاً المسئولة عن إخراج آدم من الجنة بعد تحالفها مع الشيطان. السمة الثانية هي سلبية المرأة وانفعاليتها مقابل فاعلية الذكر، أما السمة الثالثة فتتعلق بطبيعة علاقتها بالرجل فهي جزء “انفصل عن جسد آدم يحن إليه حنين الجزء للكلٍ أو الفرع للأصل”
يضاف إلى ذلك نزعات طائفية وعنصرية وذكورية في اللغة العربية مثل التمييز بين العرب والعجم (فالاسم الأعجمي لا يُنون). والاسم المؤنث في العربية مساويا للاسم الأعجمي ولا ينون، ولهذا امتداداته الثقافية “على مستوى الخطاب المعاصر حيث تعامل المرأة معاملة “الأقليات” من حيث الإصرار على حاجتها للدخول تحت حماية أو نفوذ الرجل” كما حاجة الأقليات لحماية الأكثرية
يضاف الى ذلك دور علم التفسير بتكريس ثقافة التمييز والعداء ضد الأنثى في الثقافة العربية من خلال استعانته بالإسرائيليات. وتبني الطرح التوراتي لقصة آدم وحواء التي تربط الغواية والخطيئة واللعنة بالمرأة بينما تحمل الرواية القرآنية لتلك القصة مضمونا مختلفا للمرأة.
واعتماد الفقه مبدأ “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ” وهو ما يعني جوهريا رفض الحركة وتحقيق المصلحة إذا كانت تحتمل مجرد احتمال أن تفضي إلى بعض المفاسد”.
وتعزز التقاليد والأعراف الذكورية والثقافة القبَلية المغلقة التعامل الانتقائي مع النصوص الدينية طبقاً لما يلائمها كمفهوم الكيد والمراوغة والطبيعة السيئة للمرأة
يؤكد أبو زيد أن الخطاب الديني المعاصر إزاء المرأة هو خطاب يزيف قضية المرأة ويناقشها من خلال مرجعية النصوص الشاذة والاستثنائية أو اعتبارها مؤامرة غربية استعمارية تستهدف الإسلام والمسلمين. متجاهلا أنها قضية اجتماعية في الأساس وهو خطاب إلغائي وتمييزي محوره أن المرأة ليست مساوية للرجل والدعوة إلى حجبها في الزي والمنزل باستثناءات محددة تتصل بطبيعتها الأنثوية. ويوهم الناس أن كل ما ذكره القرآن عن المرأة تشريع و “ما هو بتشريع” فالمساواة بين الرجل والمرأة هي مقصد الخطاب القرآني بدليل تأكيد القرآن على المساواة في أصل الخلق (نفس واحدة) والمساواة (في التكاليف الدينية وما يترتب عليها من ثواب وعقاب). والنصوص التي تحتمل التمييز هي استثنائية أو ثانوية، وأنها وردت في مواضع سجالية أو وصفية وهي لا تدخل في نطاق التشريع. وعليه فإنه يرى “القوامة وتفضيل الرجال على النساء ليس قدرا إلهيا مطلقا بقدر ما هو تقرير للواقع المطلوب تغييره تحقيقا للمساواة الأصلية. فالدرجة التي للرجال على النساء فرع على أصل”. أما الميراث فمعنى النص ألا يعطى الذكر في الميراث أكثر من ضعف نصيب الأنثى وألا تعطى الأنثى أقل من نصف حظ الذكر، وهذه الحدود تسمح للمجتهد بتقرير أن المساواة بين الذكر والأنثى لا تخالف حدود الله. وتعدد الزوجات (هو تشريع مؤقت لمعالجة موقف طارئ نتج عن استشهاد كثير من الصحابة في الغزوات وتيتم كثير من النساء، وهو عادة سابقة على الإسلام نظمها الإسلام وقيدها).
يرى أبو زيد ضرورة تقييد تعدد الزوجات بشرط الضرورة وتقييد الحق المطلق للرجل في الطلاق، والتطليق أمام القاضي. فليس من المقبول أن يقف الاجتهاد عند حدود المدى الذي وقف عنده الوحي وإلا انهارت دعوى الصلاحية لكل زمان ومكان من أساسها واتسعت الفجوة بين الواقع المتحرك وبين النصوص التي يتمسك الخطاب الديني المعاصر بحرفيتها” ويعتبر الحلول لمشاكل المرأة بعد إسقاط أحكام الشرع غير الصالحة لن تكون حلا وضعيا بحتا خارج إطار الدين، وإنما هو اجتهاد -بمعنى ما- يقع في حدود الشرع أو الدين من خلال استلهام توجهه العام أو (مغزاه) وليس معناه التاريخي القديم؛ يكون ذلك من خلال “ربط النصوص بواقعها وقياس مدى تطوير النص للواقع ورصد اتجاه هذا التطوير”

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »