Search
Close this search box.

السلام بعيد المنال: إنهاء العنف الجنسي أثناء وبعد الصراع

السلام بعيد المنال: إنهاء العنف الجنسي أثناء وبعد الصراع

سارة كريم

إن منح جائزة نوبل للسلام لعام 2018 إلى المدافعين عن الناجيات من العنف الجنسي في زمن الحرب، وهما الدّكتور دينيس موكويجي ونادية مراد، يشير إلى أنّ مسألة الاعتداء الجنسي قد اكتسبت اعترافًا دوليًا. يأتي هذا بعد عشر سنوات من اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1820، الذي أعلن أن العنف الجنسي المتصل بالنزاع يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. يسلط هذا التقرير الخاص الضوء على النطاق المحدود للقرار، ويدرس الصلات بين العنف الجنسي والصراع، ويحث أصحاب المصلحة الرئيسيين على النظر إلى العنف الجنسي – أثناء النزاع وما بعده – باعتباره تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.

وتشمل عواقب العنف الجنسي أثناء النزاع المسلح الصدمة والوصمة الاجتماعية والفقر الدوري والقضايا الصحية والحمل غير المرغوب فيه. وعلاوة على ذلك، فإن آثار العنف الجنسي أثناء الأجيال الأخيرة من النزاع المسلح، تعطل المجتمعات وتحول دون إحلال السلام.

واعترافاً بحجم المشكلة، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2008 القرار رقم 1820، الذي أدان العنف الجنسي كأداة للحرب وقدم إجراءات محددة لمعالجة أسباب وعواقب العنف الجنسي في زمن الحرب.

ركز تنفيذ القرار 1820 في المقام الأول على العنف الجنسي الذي ارتكبته الجهات الفاعلة المسلحة، ولكن عشر سنوات من البرامج والأبحاث أظهرت صلات واضحة بين الصراع والعنف الجنسي الذي يمتد إلى ما بعد الحرب.

والأشكال الأخرى للعنف الجنسي، بما في ذلك الاستغلال والاعتداء الجنسيين والعنف الجنسي المنزلي والعنف الذي يستهدف النساء في السياسة، غالباً ما تتفاقم بسبب النزاع المسلح وتزيد من انعدام الأمن. يعرّف هذا التقرير هذا العنف بأنه عنف جنسي مرتبط بالنزاعات.

يساهم العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات في تطبيع العنف، ويقوض التماسك الاجتماعي، ويزيد من عدم المساواة الهيكلية.

إن التأثيرات الضارة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع تهدد أمن النساء والمجتمعات والدول، وتعطل عمليات السلام.

يجب على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية أن تعترف بالتأثيرات الضارة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات وأن تعالجها.

اعتُمد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1820 في عام 2008، ودعا الدول الأعضاء إلى إنهاء العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وأقر بمسؤولية المجتمع الدولي عن الاستجابة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات ومنع حدوثه. على الرغم من أن القرار 1820 قد أدى إلى تقدم ملحوظ في معالجة العنف الجنسي أثناء النزاع، فإن التفسيرات الضيقة لما يشكل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع تحد من تأثيره. ويركز هذا التقرير على أنواع العنف الجنسي التي قد تحدث خارج النزاع ولكنها تتفاقم بسببها وتقدم توصيات للمؤسسات التي يمكن أن تلعب دوراً في منع العنف الجنسي أثناء النزاع وبعده.

العنف الجنسي لا ينتهي عندما يتوقف القتال

العنف الجنسي في مرحلة بناء السلام

وقد أشار موكويجي، جراح أمراض النساء الذي يعالج ضحايا الاغتصاب، إلى أن الكثيرين من مرضاه يتعرضن للاعتداء ليس خلال الصراع النشط، ولكن يتم ذلك بعد انتهاء ذلك الصراع من قبل المقاتلين السابقين الذين يعيشون بين المدنيين، كما تحدثت مراد عن صدمتها كعضوة في جماعة اليزيديين، وهي مجموعة عرقية أجبرت الدولة الإسلامية على استعباد نسائها جنسياً، حيث أوضحت الإرث المؤلم للعنف الجنسي للأفراد ضمن المجتمعات. وقد سلطت الأضواء على الأشكال المتنوعة للعنف الجنسي التي غالباً ما يتم نسيانها خلال عملية بناء السلام.

اعتراف نوبل بموكويجي ومراد هو الاحدث في سلسلة طويلة من التصرفات من قبل المجتمع الدولي للرد على آفة العنف الجنسي في زمن الحرب. فقد تم الاعتراف بالعنف الجنسي في النزاع كجرائم حرب في الصكوك القانونية الدولية مثل اتفاقيات جنيف عام 1949، ولكن لم يتحقق سوى القليل من المكاسب في تقديم الجناة إلى العدالة، لكن وفي التسعينيات، عندما ازدادت الصراعات المسلحة في يوغوسلافيا السابقة ورواندا، ازداد الاهتمام بهذه القضية وأسفر عن المقاضاة الدولية والاقتناع بالاغتصاب كجرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية.

كان اعتماد القرار 1820 في عام 2008 إنجازًا رئيسيًا آخر، حيث دعت الأمم المتحدة الدول الأعضاء لإنهاء العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، واعترفت بمسؤولية المجتمع الدولي عن الاستجابة للعنف الجنسي أثناء الحرب والوقاية منه. وبالرغم من التقدم الملحوظ الذي أحرزه القرار 1820 في معالجة العنف الجنسي في الصراع، إلا أن التفسيرات الضيقة لما يشكل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع  حدّت من نطاقه.

يميز هذا التقرير بين فئتين عريضتين من العنف الجنسي، الذي يتفاقم بفعل النزاعات ويؤدي إلى تقويض الحياة على أوسع نطاق.

العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، الذي ترتكبه أطراف مسلحة في النزاع، بما في ذلك المتمردين والميليشيات التابعة للدولة، والقوات العسكرية العادية. وقد يحدث العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات خارج أوقات الحرب، حيث تسوء الأحوال بسبب الصراع.

قد تؤدي فترات النزاع والنزوح إلى تكثيف العنف القائم بين الشريك الحميم والعنف الجنسي و “قد يؤدي أيضاً إلى أشكال جديدة من العنف ضد المرأة”، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. في حين يمكن النظر في مجموعة واسعة من أعمال العنف، فهناك ثلاثة أنواع من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع: الاستغلال الجنسي والإساءة والعنف الجنسي المنزلي والعنف الجنسي ضد المرأة في السياسة. هذه الأشكال للعنف الجنسي هي نتيجة للصراع. من ناحية، فالصراع يزيد من ضعف النساء والفتيات، مما يزيد بدوره من مخاطر العنف الجنسي المرتبط بالنزاع. ومن ناحية أخرى، فإن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات يعطل شبكات التواصل الاجتماعي، ويزيد من التوترات العائلية، ويزيد من تفاقم انعدام الأمن الفردي؛ هذه العمليات تعمل على تقليل استقرار المجتمع وتقويض أمن الدولة. وهكذا فإن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع يمثل تهديدًا ليس للأفراد ولمجتمعاتهم فحسب، بل أيضًا للوجود الوطني، الأمن والسلام الدولي.

المصدر:

https://www.usip.org/publications/2018/12/elusive-peace-ending-sexual-violence-during-and-after-conflict

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »