Search
Close this search box.

“التفاحة الذهبية” لحل أزمة العنوسة في سوريا

“التفاحة الذهبية” لحل أزمة العنوسة في سوريا

عبير محمد

تتعرض المرأة  في مجتمعنا السوري إلى ظروف وضغوط عديدة في جميع مناحي الحياة ومنها أزمة الزواج، حيث تضطر للخضوع لمجموعة ظروف يفرضها المجتمع من عادات وتقاليد، أو عوائق يضعها الأهل، أو حتى ممارسات كاللجوء إلى أشخاص يجلبون لهن العرسان بحسب اعتقادهم. بالإضافة إلى موضوع غلاء مهور الزواج، والذي يجعل الشباب يقفون عاجزين عن التقدم لأي فتاة.

والمثل على ذلك شاب يحمل الشهادة العليا من الإتحاد السوفياتي, وأراد الزواج من فتاة سورية ولكن ما منعه من ذلك هو غلاء المهور في مدينة حلب وسوريا عموماً, مما اضطره للزواج من فتاة روسية وبذلك استطاع حل أزمة زواجه.

مع مرور الزمن تحول هذا  الشاب بفكره من الفكر الماركسي الذي حمله من الإتحاد السوفياتى إلى الفكر الديني, مما جعله يتحول إلى مرجعية دينية لدى البعض.

في ظل تلك الظروف طلب منه أحدهم الدعاء لقريبته لكي تتزوج، فوعده بأنه سوف يدعو لها وأعطاه تفاحة لكي تأكلها. عندما وصلت التفاحة إلى صاحبتها ترددت الفتاة كثيرا بأكلها وقالت لنفسها كيف لتفاحة أن تقدم لي عريساً؟ ولكنها أكلت التفاحة وبعد فترة تقدم لها عريس خياط وتم القران.

نسي الشاب الموضوع نهائياً، ولكن بعد زواج الفتاة انتشر خبر التفاحة الذهبية عند بعض الفتيات العازبات انتشاراً سريعاً، مما أدى إلى طلب مماثل من ثلاث فتيات، فقام الشاب بإعطائهن ثلاث تفاحات، اثنتان من الفتيات أكلن تفاحاتهما والثالثة رفضت ذلك لأنها غير مقتنعة بها. وبعد أن تزوجت الفتاتان وصل الخبر إلى دمشق وأصبحت الطلبات تنهال على الرجل  من كافة المحافظات السورية لكنه اعتذر من الجميع.

هذه القصة واقعية، ومغزاها أن الجهل المتأصل في بعض الأفكار في المجتمعات السورية أدت إلى ظهور شخصيات خرافية استغلت نفوس الفتيات الضعيفة اليائسة، والتي تبحث عن الخلاص من بيئتها الاجتماعية التي وجدت فيها.

أما قصتنا الثانية فهي حول فتاة لا تتجاوز الـ(12) من عمرها، حيث عليها الاستيقاظ صباحاً والذهاب إلى الأرض كي تؤمن قوت أهلها، وهو عبارة عن بضع ليرات تقدمها الفتاة لوالدها، وهو المتزوج من أربع نساء وجالس دون عمل كالسلطان.

وعندما اندلعت الحرب في سوريا، أصبح أولئك السلاطين قادة عسكريين لا يهمهم سوى الحصول على المال، أما الفتيات اللواتي تبدلت ظروف أنظمة الحكم في مناطقهن، تحولن إلى سلع لداعش أو للأمراء الجدد، وأصبح العمل بالأرض من الذكريات، فكان البيت هو السجن المؤبد، وأصبحت وظيفة هذه النساء هي إرضاء رغبات أمراء الحرب.

أما الحال في المدن الكبرى كمدينة حلب التي تعاني من هجرة الشباب، فقد باتت الفتيات ينتظرن العرسان الذين وصلوا أوروبا، بينما كان هدف أولئك الشباب الزواج من فتاة أوروبية للحصول على الجنسية الأوروبية. كما إن الكثير من الفتيات اللاتي عايشن الحرب اليومية أردن الخلاص بأي ثمن، ونتيجة لعدم وجود الشباب بالإضافة لتضخم المال أصبح المهر بسيطاً.

وفي وقتنا الحالي يوجد طلب على العرسان، ولكن لا يوجد عرسان بسبب أن أغلب الشباب إما مهاجرين أو مجندين ولا أحد يريد أن يعطي ابنته لمجند ممكن أن يقتل في أي لحظة، أو يُصاب بعاهة دائمة. كما لا أحد يريد أن يخسر ابنته بأن يرسلها إلى شخص في الغربة.

أما في مناطق النظام فقد ارتفعت نسبة العنوسة والأرامل، ومع ذلك ارتفعت نسبة الطلاق في بعض المناطق إلى أكثر من 80%.

إن التراكمات الإجتماعية في المجتمع الذكوري أنتجت أزمات عميقة في داخل هذه المجتمعات جعلت المرأة تدفع أكبر ضريبة، وحل هذه الإشكاليات ليس فقط في سن التشريعات الجديدة والقوانين، ولكن أيضا بتطوير البنية الاجتماعية بداية من المنزل إلى المدرسة إلى الجامعة (رفع المستوى الثقافي عند النساء والرجال على حد سواء)، وفي حل الأزمات الاقتصادية في هذه المجتمعات، وعدم السماح باختراق بعض الثقافات المشوهة لعقول النساء والرجال.

أيضا حل القضايا التي تراكمت من خلال الثماني سنوات الماضية، والتي أدخلت علينا فكراً جهادياً ذكورياً من مختلف المجتمعات التي كانت تعاني من الحروب (الشيشانية، الأوزبكستانية) والتي كان محركها الشهادة للذهاب للحوريات، وهو غريب عن الفكر الديني الحقيقي.

وهناك أيضاً واقع آخر يكمن في الاختلافات الطائفية التي تقسم المجتمع وتقف عائقاً في وجه زواج الكثير من الشباب، بحيث لا تستطيع الفتيات الزواج من خارج طائفتهن، فكم من الفتيات اللواتي ذهبن للدراسة في الجامعات من مختلف المناطق ثم وقعن بحب شباب من خارج الطائفة، لكن تعرضن لتهديدات من الأهل والمجتمع، لتبقى الفتاة دون زواج أو تتزوج بشاب آخر من طائفتها دون حب، بعد أن عاشت قصة حب طويلة ومؤلمة.

هذا جزء بسيط مما يعانيه شبابنا في سبيل تحقيق حلمهم في الزواج، والذي يحتاج إلى الكثير من الجهود المتضافرة من كافة الجهات كي يتم تذليل العوائق التي تقف في طريقهم.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »