Search
Close this search box.

دراسة عالمية حول قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر (2)

دراسة عالمية حول قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر (2)

ترجمة وإعداد: ضحوك رقية

الجناة في جرائم قتل النساء والفتيات المتعلقة بالشريك الحميم

سمات الضحية والجاني

تبين الأبحاث أن قتل النساء والفتيات على يد الشريك الحميم لا يأت نتيجة أفعال عشوائية أو عفوية. لذلك من المفيد تحديد العوامل التي تسبق عمليات القتل هذه وتحليلها، إلى جانب سمات الجناة وخصائصهم. على سبيل المثال، يبدو أن مرتكبي جرائم القتل الخاصة بالشريك الحميم، من الذكور والإناث، ينتمون إلى مجموعات متمايزة، ليس من حيث معدلات الانتشار فحسب، بل ومن حيث الدوافع الكامنة وراء الجريمة؛ حيث تشمل الدوافع التي ذكرها الرجال، التملك والغيرة والخوف من الهجر، بينما ارتبطت الدوافع التي ذكرتها  النساء بالفترات الطويلة من المعاناة الخاصة بالعنف الجسدي. وخلصت دراسة أسترالية حديثة حول جريمة قتل الشريك الحميم إلى أن غالبية جرائم القتل هذه (80 في المائة) تضمنت رجلًا قتل شريكته الحميمة الحالية أو السابقة. وكشفت السلطات أن ما يقرب من ربع الرجال الذين قتلوا شريكتهم الحميمة كانوا عنيفين تجاههن مسبقًا. وتبين أيضًا أن نصف الرجال تقريبًا قتلوا شريكتهم في غضون ثلاثة أشهر من انتهاء العلاقة.

بينت بعض الدراسات أن ضحايا جرائم قتل الشريك الحميم ومرتكبيها يكونون، وسطيًا، أكبر من ضحايا جرائم قتل غير الشريك الحميم. وأشارت دراسات أجريت في الولايات المتحدة إلى أنه في معظم الأحيان تكون المرأة الضحية أصغر سنًا من المعتدي. وتبين أن الأزواج ذوي الفوارق العمرية الكبيرة معرضون لهذا النوع من القتل بشكل كبير، خاصة عندما يكون عمر الشريك أكبر بنحو 15 سنة من عمر الشريكة.

وأشارت دراسات سابقة إلى أنه غالبًا ما يكون مرتكبو جرائم قتل الشريك الحميم الذكور في الولايات المتحدة  فقراء، وشباب، وينتمون إلى مجموعات إثنية أقلية، ولهم تاريخ من العنف وتعاطي المخدرات.

استنتجت الدراسات التي أجرت مقارنات بين مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم وبقية أنواع مرتكبي الجرائم، أنه غالبًا ما يكون الجناة في الحالة الأولى أكثر تقليدية من الجناة الذين يقتلون رجالًا آخرين، ومن مرتكبي الأنواع الأخرى من الجرائم. ووجدت دراسة في المملكة المتحدة، أجرت مقارنة بين 100 من مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم و400 من مرتكبي جرائم قتل الذكور/الذكور، أن مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم حققوا مستوى أعلى في التعليم المدرسي، ويشغلون وظائف أفضل من مرتكبي الأنواع الأخرى من الجرائم. كما وجدت أن معدل ارتكابهم لعمليات إجرامية سابقة أقل من غيرهم. وتشير دراسات أخرى، استندت إلى بيانات من فنلندا والسويد والمملكة المتحدة، إلى أن مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم أقل معاناة من مرتكبي جرائم القتل الأخرى فيما يتعلق بالعمل والسكن والتاريخ الإجرامي.

لم تتمكن دراسة حديثة أجريت حول السجناء الذكور في تركيا، حاولت تحديد خصائص نفسية اجتماعية لمرتكبي جرائم “قتل النساء”، من الكشف عن أمراض نفسية معينة يمكن خصهم بها. ومع ذلك، اعتبرت أن الهجرة ومفهوم الأدوار الجندرية عوامل تساعد على التمييز بين الرجال الذين يرتكبون العنف ضد النساء وأولئك الذين لا يفعلون. تؤكد هذه الاستنتاجات على أهمية فهم “قتل النساء” بوصفه ظاهرة مجتمعية بالدرجة الأولى، وليس فعلًا ناجمًا عن الفرد.

أشارت دراسة أجريت في غانا حول مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم الذين انتحروا بعد قتل الشريكة، إلى أن الجناة كانوا من خلفية اجتماعية واقتصادية دنيا، وأكبر من الضحايا عمومًا. وكشفت الدراسة، التي حللت 35 حالة من حالات “قتل النساء” التي وقعت بين عامي 1990 و 2009، وأعقبها انتحار،  أن الآليات التي استخدمت في قتل الشريكة الحميمة هي الأسلحة النارية والسواطير غالبًا، في حين استخدم الجناة الرصاص والشنق في الانتحار. وكان دافعهم للقتل الاشتباه في الخيانة والغيرة الجنسية. واعتبر إنهاء العلاقة، والطلاق والنفور عوامل أخرى أدت إلى قتل الشريكة الحميمة.

دوافع مرتكبي جرائم قتل الشريك الحميم

كما هو الحال في عمليات القتل المتعلقة بالعنف المنزلي، يمكن فهم الديناميكيات الكامنة وراء ارتكاب جرائم قتل الشريك الحميم بشكل أفضل تبعًا للدافع. حددت دراسات سابقة، اعتمادًا على طبيعة العينات، تصنيفات من قبيل الغيرة، والخوف من الهجر، والنساء اللاتي يتعرضن للضرب، والمرض العقلي الشديد. واتضح من خلال دراسة متعمقة لـ 105 رجال قتلوا شريكاتهم، أن غالبية الجناة كانوا على خلاف مستمر مع شريكاتهم، وأخضعهن للعنف قبل القتل. نزعت نسبة كبيرة من هؤلاء الرجال إلى إلقاء اللوم على إدمان الكحول، ونسبة قليلة إلى تعاطي المخدرات. وفيما يتعلق برد الفعل على القتل، كان العديد من الرجال المدانين في حالة إنكار تام بعد وقوع الحدث مباشرة، وقدم بعضهم مستويات مختلفة من تقبل القتل مع مرور الوقت. ونحو نصف الرجال لم يبدوا أي تعاطف تجاه الضحية، وحوالي الثلث لم يعبروا عن أي ندم. رفض البعض الاعتراف بأعمال العنف الجسدي المتكررة التي وقعت في أثناء حادث القتل، وادعوا أن المرأة سقطت ببساطة على السكين، أو أن الجاني لم يدرك أنه أمسك بحنجرة الضحية بتلك القوة حتى ماتت اختناقًا. وعلاوة على ذلك، نزع الجناة إلى تقديم أنفسهم على أنهم ضحايا لشريكاتهم، ما يعني أن القتل جاء في الواقع نتيجة للإساءات التي تعرضوا لها.

العلاقة بين العنف المميت وغير المميت ضد النساء

على اعتبار أن جرائم “قتل النساء” غالبًا ما تكون ذروة لعنف سابق قائم على الجندر، وعند النظر إلى البلدان ذات الخطورة العالية أو المنخفضة في حالات قتل النساء على يد الشركاء الحميميين أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، ثمة سؤال مهم يطرح نفسه، ما علاقة جرائم القتل بأعمال العنف الأخرى غير المميتة ضد النساء.

من أكثر أشكال العنف شيوعًا ضد المرأة، العنف الذي يرتكبه الشريك الحميم. ويتخذ هذا العنف- الذي غالبًا ما يطلق عليه العنف المنزلي – أشكالًا مختلفة، بما فيها العنف الجسدي. ويمكن اعتبار العنف ضد المرأة سلسلة متواصلة، تتراوح بين الصفعات واللكمات والركلات، والاعتداء بالسلاح، وفي النهاية القتل.

تظهر البيانات الاستقصائية حول مستوى العنف ضد المرأة المذكور في تقرير الأمم المتحدة المرأة في العالم 2015 تباينًا كبيرًا. ولا يمكن عزو هذا التباين إلى الاختلافات في مستوى العنف بين البيئات فحسب، بل أيضًا إلى الاختلافات في مستوى تدريب المحاورين ومهاراتهم، والاختلافات الثقافية التي تؤثر في رغبة المستجيبين في الكشف عن التجارب الحميمة، والتعريفات الثقافية للعنف. وتكشف البيانات أن مستوى العنف الجسدي والجنسي الذي تعانيه النساء يبلغ أعلى معدلاته في أفريقيا، الأمر الذي يتوافق مع ارتفاع معدلات “قتل النساء” الكلية فيها. ولكن معدلات “قتل النساء” مرتفعة أيضًا في الأمريكتين، لا سيما في أمريكا اللاتينية ومنطقة  البحر الكاريبي، مع أن مستوى العنف الممارس ضدهن، كما قيس في البيانات الاستقصائية، يبدو منخفضًا نسبيًا بالمقارنة مع مثيله في مناطق أخرى.

يمكن عزو الاختلافات جزئيًا إلى حقيقة أن العنف الممارس ضد النساء، والمذكور في الدراسات الاستقصائية يختلف باختلاف الثقافات. حيث يختلف فهم النساء لماهية “العنف ضد المرأة” باختلاف المجتمعات والبلدان، إذ قد تظهر بعض النساء تحملًا أكبر للإيذاء الجسدي واللفظي، أو ربما لا يدركن أن مثل هذه الأفعال تعتبر إساءة. لكن في البلدان التي أحرزت تقدمًا في ميدان حقوق المرأة وتعليمها، وفي تحقيق المساواة الجندرية، من المرجح أن تحدد النساء أفعالًا معينة بوصفها أعمال عنف ارتكبت ضدهن، وأن يبلغن عنها إلى سلطات العدالة الجنائية، أو في أثناء الاستقصاءات المتعلقة بضحايا الجرائم.

ربما يفسر العديد من العوامل العلاقة بين قتل النساء وغيره من أشكال العنف ضدهن، كالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، والمساواة الجندرية، ودور المرأة في المجتمع، بالإضافة إلى نوعية البيانات.

استجابات العدالة الجنائية والسياسة العامة على قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر

اعترفت السلطات الدولية والوطنية في العقود القليلة الماضية بالانتشار الواسع للعنف ضد المرأة والأضرار التي لحقت بالضحايا والمجتمع. تناولت مجموعة من السياسات والبرامج التي تستخدم استجابات العدالة الاجتماعية والصحة العامة والعدالة الجنائية موضوع قتل النساء والعنف ضد المرأة بشكل عام. تضمنت استجابات العدالة الجنائية وضع القوانين التي تحظر جميع أشكال العنف ضد المرأة وإنفاذها، والقوانين التي تقضي على التمييز ضدها، وتنفيذ السياسات، وتعزيز قدرات المؤسسات. وفيما يلي شرح للتطورات في مجال السياسة العامة والتشريعات التي تتناول العنف ضد المرأة و “قتل النساء”.

الاستجابات الدولية 

على قتل النساء والفتيات المرتبط بالجندر

تناول المجتمع الدولي في مناسبات مختلفة مشكلة قتل النساء المرتبط بالجندر. إذ اعتمدت لجنة الخبراء لأول مرة إعلانًا بشأن “قتل النساء” في عام 2008، في لجنة المتابعة التابعة لاتفاقية بيليم دو بارا، ينص على أن “قتل النساء” يمثل أشد مظاهر العنف والتمييز ضد المرأة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين بشأن “قتل النساء” في عامي 2013 و 2015، تشجع فيهما الدول الأعضاء على اعتماد استراتيجيات وتدابير للتصدي للعنف ضد المرأة والحد من خطر عمليات القتل المتعلقة بالجندر، بما في ذلك تجريم العنف المرتبط بالجندر ومقاضاته، وضمان “وجود عقوبة مناسبة لمرتكبي جرائم قتل النساء والفتيات تتناسب مع خطورة الجريمة”.

على العنف ضد المرأة

فيما يتعلق بالتحدي الأوسع المتمثل في العنف ضد المرأة ، اعتُمد عدد من المعاهدات الخاصة بحماية حق النساء والفتيات في عيش حياة خالية من جميع أشكال العنف. لا تغطي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وبروتوكولها الاختياري بشكل صريح الأمور المتعلقة بالعنف ضد المرأة، ولكن تذكر توصيتها العامة رقم 35 بشأن العنف القائم على الجندر ضد المرأة، التي حدّثت التوصية العامة رقم 19، أن تعريف التمييز ضد المرأة بموجب أحكام الاتفاقية “يشمل العنف القائم على أساس الجندر؛ أي العنف الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو العنف الذي يمس المرأة على نحو جائر”. يفرض عدد من المعاهدات الإقليمية التزامات ملزمة قانونًا على الدول التي تصادق عليها بالالتزام بمجموعة من المعايير الدنيا، من أجل منع العنف ضد المرأة ومكافحته تحديدًا، تشمل: اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع العنف ضد المرأة والمعاقبة عليه واستئصاله (اتفاقية بيليم دو بارا)؛ بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا (بروتوكول مابوتو)؛ اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي (اتفاقية اسطنبول).

وإلى جانب المعاهدات، تعكس عدة وثائق ومعايير وقوانين حكومية دولية التزام المجتمع الدولي بمعالجة مشكلة العنف ضد المرأة، والعنف الجندري ضد الفتيات في سياق العنف ضد الأطفال: من إعلان وخطة عمل بيجين اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة إلى سلسلة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت بإعلان القضاء على العنف ضد المرأة في عام 1993. كما اعتمدت لجنة الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية قرارات ومقررات بشأن العنف ضد المرأة، والتي غالبًا ما توجت بقرارات الجمعية العامة، مثل القرار 65/228، الذي اعتمد في عام 2010، الصيغ الحديثة من الاستراتيجيات والتدابير العملية بشأن القضاء على العنف ضد المرأة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية. تحتوي هذه الوثائق على أحكام تفصيلية وإرشادات عملية لنظم العدالة الجنائية، وتعتمد على المعاهدات المختلفة الملزمة قانونًا المذكورة أعلاه وتكملها.

الاستجابات الوطنية

استجابات العدالة الجنائية

نظرًا إلى  أن معظم أشكال “قتل النساء” التي نوقشت في هذه الدراسة تقع ضمن نطاق تعريف جريمة القتل العمد في معظم البلدان، تنهج استجابة العدالة الجنائية لمعظم هذه الجرائم نفس النهج المتبع في جرائم القتل العمد الأخرى. وتستخدم بعض الدول أحكام القانون الجنائي العام المتعلق بجرائم القتل العام، والقتل العمد والقتل الخطأ، وتطبق أقصى العقوبات عندما تكون هناك ظروف مشددة في قضايا مثل قتل الزوجة أو قتل امرأة حامل. ووضعت بلدان أخرى أحكامًا تشريعية إضافية لمقاضاة جرائم “قتل النساء” تحديدًا. يمكن تصنيف هذه الأحكام الإضافية في نهجين:

  1. إحداث جريمة محددة لـ “قتل النساء المرتبط بالجندر”. وتختلف العناصر التي تميز هذه الجريمة المحددة عبر التشريعات اختلافًا كبيرًا. اتخذ هذا النهج في بلدان أمريكا اللاتينية بشكل خاص، حيث ترتفع معدلات هذه الجرائم مقارنة بتلك الموجودة في مناطق أخرى، مثل أوروبا.
  2. إدراج عوامل مشددة في جرائم القتل، تتضمن الظروف الموضوعية مثل العلاقة بين الضحية والجاني، أو حمل الضحية، أو عناصر ذاتية، أي الكراهية أو التحامل أو الشرف.

اعتمدت ثماني عشرة دولة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قوانين تجرم “قتل النساء” بوصفه جرمًا محددًا ضمن أطرها القانونية الوطنية. فاستحدثت غالبية هذه البلدان نوعًا جديدًا من الجرائم، أي “قتل النساء لأنهن نساء”، بينما اعتُبرت في بلدين، الأرجنتين وجمهورية فنزويلا البوليفارية، نوعًا من القتل العمد. في حين أن أغلب قوانين قتل النساء هذه قابلة للتطبيق داخل نطاق الأسرة وخارجه، فهي لا تنطبق في بلدان مثل تشيلي وكوستاريكا ، إلا على النساء اللواتي يقتلن من قبل الشريك الحميم الحالي أو السابق. فيما وسعت بلدان أخرى مثل السلفادور والمكسيك وبنما والبيرو تعاريفًا قانونية لتشمل مجموعة الظروف التي يطبق فيها القانون. وقامت كوستاريكا أيضًا بتعديل تشريعاتها في السنوات الأخيرة، ووسعت نطاق تعريفها الخاص بقتل النساء ليشمل المجال العام من خلال اعتماد مصطلح “قتل النساء الموسع”. وفيما يتعلق بقابلية تطبيق قوانين قتل النساء، فإن العناصر التي تناولتها معظم التعاريف القانونية هي النساء اللواتي يقتلن على يد الشركاء الحميميين الحاليين أو السابقين أو أحد أفراد الأسرة الآخرين.

أدخلت بعض البلدان عوامل مشددة لجرائم القتل المتعلقة بالجندر. صيغت هذه الأحكام، في بعض الحالات، بطريقة محايدة جندريًا، بينما تنطبق أحكام أخرى على النساء حصريًا. يمكن أن تشمل العوامل المشددة دوافع محددة (مثل التحيز، والكراهية، والتمييز المتعلق بجنس الشخص، كما هو الحال في بلجيكا وكندا وأسبانيا، أو دوافع الشرف والعرف، كما هو الحال في تركيا)، والظروف الواقعية (مثل الحمل، كما هو الحال في روسيا الاتحادية وتركيا، أو كونها زوج الضحية، كما هو الحال في بلجيكا وإسبانيا وتركيا). قامت بعض الدول، مثل تركيا وفلسطين، بإلغاء الظروف المخففة من قانون العقوبات الخاص بها، والتي كانت تستخدم للحد من العقوبات المفروضة على الزنا أو الظروف الأسرية الأخرى. كما أدخلت أحكام محددة لتجريم قتل الأطفال، مثل وأد البنات (على سبيل المثال، في أنغولا وكندا وغواتيمالا).

يمكن أن تكون عقوبة جريمتي العنف الجنسي والاغتصاب اللتين توديان بحياة المرأة مساوية لعقوبة القتل العادي أو أقسى منها. إذ يعاقب على هاتين الجريمتين في بعض البلدان، مثل كرواتيا، بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وفي بلجيكا بالسجن لمدة تتراوح بين 20 و 30 سنة، وفي فرنسا بالسجن لمدة 30 سنة. وفي روسيا الاتحادية، يعاقب على الاغتصاب وأعمال العنف ذات الطبيعة الجنسية التي تؤدي إلى وفاة الضحية بالسجن لمدة تتراوح بين 12 و 20 سنة، في حين يعاقب على جرائم القتل الخطيرة بالسجن لمدة تتراوح بين 8 و 20 سنة.

ومن الأمثلة على استجابات العدالة الجنائية التي تركز على عمليات التدخل لإنفاذ القوانين، البروتوكول النموذجي لدول أمريكا اللاتينية للتحقيق في جرائم قتل النساء المتعلقة بالجندر، والذي أعدته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2014؛ يرمي إلى المساعدة في معالجة ارتفاع معدلات الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم في العديد من بلدان المنطقة، ونفذ البروتوكول في الأرجنتين والبرازيل.

إدانة قتل النساء

لا تتوفر بيانات لتقييم استجابة العدالة الجنائية ل “قتل النساء” على المستوى الإقليمي أو العالمي. إذ قلما تصنف البلدان الإحصاءات المتعلقة بالإدانات أو الملاحقات القضائية حسب نوع القتل، ومن الصعب تحديد ما إذا كان مستوى الإدانات استجابة كافية لحجم المشكلة. مع ذلك، تشير البيانات في السلفادور إلى أن التنفيذ التدريجي لقانون “قتل النساء” جاء بعد ارتفاع تدريجي للإدانات المتعلقة بنفس الجرم. وعلى الرغم من أن تأثير تلك الإدانات غير واضح، لكن يبدو أن القانون وفر استجابة العدالة الجنائية للتصدي لهذه المشكلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »