ترجمة وإعداد: ضحوك رقية
نشر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بحثًا عالميًا حول قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، لعام 2018، بهدف رفع الوعي وتعميق الفهم واتخاذ التدابير، ولدعوة الحكومات إلى المساعدة في إلقاء مزيد من الضوء على هذه التحديات عن طريق جمع البيانات اللازمة والإبلاغ عن جميع أشكال العنف المرتبط بالجندر.
المقدمة
تشكل عمليات قتل النساء والفتيات المتعلقة بالجندر مشكلة خطيرة في جميع بلدان العالم، الغنية منها والفقيرة. يبين البحث أنه في حين يقتل الرجال على أيدي غرباء، فإن النساء يقتلن على أيدي أشخاص يعرفنهم ويثقن بهم عادة، ويفترضن تلقي الرعاية والاهتمام منهم.
شكلت نسبة النساء اللواتي قُتلن على أيدي شركاء حميميين أو أحد أفراد الأسرة الآخرين 58 في المائة من مجمل ضحايا جرائم قتل النساء المبلغ عنها عالميًا في العام الماضي، ولم يحرز تقدم يذكر في منع مثل هذه الجرائم. وثمة حاجة واضحة لاتخاذ تدابير موجهة.
تعرض هذه الدراسة لمحة عامة عن نطاق قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر؛ فتقدم تحليلًا متعمقًا لعمليات القتل المتعلقة بالجندر التي ترتكب داخل نطاق الأسرة وخارجه. وتستكشف نطاق جرائم قتل النساء والفتيات الناجم عن قتل الشريك الحميم/ أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، وتصف أشكاله المختلفة. وتبحث أيضًا في خصائص مرتكبي جرائم القتل الحميم، والصلة بين العنف المميت وغير المميت ضد النساء، واستجابات العدالة الجنائية.
تدل وفرة البيانات المتعلقة بقتل الشريك الحميم/ الأسرة على أن البحث يركز على تحليل عمليات القتل هذه أكثر من غيرها، وعلى كيفية تأثر النساء والفتيات بأعراف معينة وممارسات تقليدية ضارة وأدوار جندرية نمطية.
تستند البيانات المقدمة في هذه الدراسة إلى احصاءات جرائم القتل التي تصدرها النظم الإحصائية الوطنية التي يبلغ فيها عن العلاقة بين الضحية والجاني.
نتائج البحث الرئيسة
قتلت (87000) امرأة عمدًا في عام 2017. (50000) امرأة منهن، أي أكثر من النصف (58 في المائة)، قتلن على يد الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين. وهذا يعني أن 137 امرأة قتلت يوميًا عبر العالم على يد فرد من أفراد أسرتها. وقتل أكثر من ثلثهن (30.000)، أي 82 امرأة يوميًا على يد شريكها الحميم الحالي أو السابق، أي شخص تثق به عادة.
استنادًا إلى بيانات منقحة، كان العدد التقديري للنساء اللاتي قُتلن على يد شركاء حميميين أو أحد أفراد الأسرة الآخرين في عام 2012، 000 48 امرأة (47 في المائة من مجموع ضحايا جرائم قتل النساء). ما يعني أن العدد السنوي لوفيات النساء الناجمة عن القتل العمد من قبل الشريك الحميم أو الأسرة في ازدياد في جميع أنحاء العالم.
من حيث الأرقام المطلقة قتل أكبر عدد من النساء على يد الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين في عام 2017، في آسيا (20000)، تلتها أفريقيا (19000)، الأمريكيتين (8000)، أوروبا (3000) وأوقيانوسيا (300). لكن من حيث معدل القتل لكل 100 ألف امرأة من السكان تختلف النتائج تمامًا؛ حيث بلغ المعدل في أفريقيا (3.1) لكل 100000 امرأة، الأمريكيتين (1.6)، أوقيانوسيا (1.3)، آسيا (0.9)، وفي أوروربا (0.7). وبذلك تكون أفريقيا هي المكان الأكثر خطورة بالنسبة للنساء، والمكان الأقل خطورة هو أوروبا فيما يتعلق بقتل الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين.
بلغ عدد الضحايا نتيجة قتل الشريك الحميم فقط (لا يشمل ذلك أحد أفراد الأسرة) في عام 2017، في آسيا وأفريقيا (11000 امرأة لكل منهما)، الأمريكيتين (6000)، أوروبا (2000)، أوقيانوسيا (200). أما من حيث المعدل لكل 100 ألف امرأة، كان أعلى معدل في أفريقيا (1.7)، الأمريكيتين (1.2)، أوقيانوسيا (0.9)، أوروبا (0.6)، آسيا (0.5).
قدر معدل القتل الكلي للنساء في العالم في عام 2017 بـ 2.3 لكل 000 100 امرأة، ومعدل القتل على يد الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة بـ 1.3، ومعدل القتل على يد الشريك الحميم فقط بـ 0.8.
قتل أكثر من ثلثي مجموع النساء في أفريقيا (69 في المائة) في عام 2017، على يد الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، وأكثر من الثلث (38 في المائة) في أوروبا. ومن حيث نسبة القتل الخاصة بالشريك الحميم فقط، كانت أعلى نسبة في أوقيانوسيا ( 42 في المائة)، وأقل نسبة في أوروبا ( 29 في المائة).
على الرغم من أن الرجال معرضين لفقد حياتهم نتيجة القتل العمد أكثر بأربعة أضعاف من النساء، حيث تقدر نسبة القتل العام في العالم 80 في المائة للذكور مقابل 20 في المائة للإناث، لكن النساء يتحملن العبء الأكبر من حيث القتل المتعلق بالجندر. حيث كشفت عمليات تصنيف الضحايا/ الجناة عن تفاوت كبير في النسب العائدة إلى مجموع ضحايا جرائم قتل الذكور والإناث من قبل الشركاء الحميميين أو أحد أفراد الأسرة الآخرين: 36 في المائة من الذكور مقابل 64 في المائة من الإناث. والتفاوت أكبر بكثير في نسب ضحايا جرائم القتل التي ارتكبها شريك حميم فقط: 82 في المائة من الضحايا الإناث مقابل 18 في المائة من الضحايا الذكور.
تظهر هذه النتائج أن النساء يتجشمن أفدح الأثمان نتيجة القوالب الجندرية النمطية وعدم المساواة. وتقتل الكثيرات منهن على يد شركائهن الحاليين والسابقين، وكذلك على يد آبائهن وإخوتهن وأخواتهن وأفراد الأسرة الآخرين بسبب دورهن ووضعهن بوصفهن نساء. لا تنجم عادة وفاة اللاتي يقتلن على يد شركائهن الحميميين عن أفعال عشوائية أو عفوية، بل ذروة للعنف السابق المتعلق بالجندر. والغيرة والخوف من الهجر من بين الدوافع.
مفهوم قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر
تستخدم بعض الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية والأكاديميين والمدافعين عن حقوق المرأة مصطلح “قتل النساء المتعلق بالجندر” (femicide)[1] للإشارة إلى هذه المشكلة. ويعود تاريخ هذا الاصطلاح إلى السبعينيات، حيث استخدم حينها بهدف رفع الوعي بحجم وفيات النساء الناتجة عن العنف، وأشار إلى قتل النساء من قبل الرجال لأنهن نساء. فيما بعد، عُرّف مصطلح “قتل النساء” في أول دراسة أدبية نشرت في عام 1992 على أنه “القتل الوحشي للنساء من قبل الرجال بدافع الكراهية أو الاحتقار أو المتعة أو الشعور بالتملك المتجذر في علاقات القوة غير المتكافئة تاريخيًا بين النساء والرجال”. ثم حظي المصطلح والمشكلة المرتبطة به، في العقود القليلة الماضية، باعتراف الأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي؛ على سبيل المثال، أشار تقرير للأمين العام للأمم المتحدة في عام 2006 إلى مصطلح “قتل النساء” على أنه “قتل النساء القائم على الجندر” و”قتل النساء لأنهن نساء”. وركز التقرير على بعض الظروف والسياقات المجتمعية التي ترتكب فيها تلك الجرائم، مثل عنف الشريك الحميم، والنزاع المسلح، والنزاع حول المهر. كما سلط الضوء على خصائص معينة لمثل هذه الجرائم، وعلى عدم المساواة الجندرية بين الرجال والنساء التي تغذيها، مما يفسر الترابط بين الأعراف الثقافية واستخدام العنف في خضوع المرأة. وأطلق الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2018، برنامجًا مشتركًا يهدف إلى معالجة “قتل النساء” في أمريكا اللاتينية.
سياق قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر
على الرغم من أن التصنيف الدولي للجريمة للأغراض الإحصائية يوفر إطارًا لتسجيل بيانات جرائم القتل، والجرائم الأخرى وفقًا لسياق الظرف والموقع الجغرافي والتاريخ والوقت والدافع، بيد أن عددًا قليلًا للغاية من البلدان ينشر بيانات وطنية عن الظروف المحيطة بعمليات قتل النساء والفتيات المتعلقة بالجندر. وما يتوفر هو معلومات منقولة غير رسمية لعدد قليل جدًا من البلدان. تشير التقارير الواردة من الأرجنتين والبيرو إلى أن غالبية عمليات قتل النساء والفتيات على أساس الجندر، أو جرائم قتل النساء عمومًا في هذين البلدين ترتكب في المدن الكبرى، وعادة ما تكون العاصمة. وفي حالة البيرو، غالبًا ما تكون آلية قتل النساء الخنق أو الطعن أو الضرب أو بواسطة سلاح ناري. وخلال الفترة مابين 2011 إلى 2014، وقعت غالبية عمليات القتل المرتبطة بالجندر في البيرو ضمن المجال الخاص، سواء في المنزل الذي يشغله الجاني والضحية، أو في منزل الضحية أو في منزل الجاني.
أشكال قتل النساء المتعلق بالجندر
فيما يلي توصيف للأشكال المعروفة لقتل النساء المتعلق بالجندر استنادًا إلى تعريف “قتل النساء” الذي قدمه مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالعنف ضد المرأة.
- قتل النساء والفتيات الناجم عن عنف الشريك الحميم والعنف المنزلي
تشمل جرائم القتل العائلي، والمعروفة أيضًا باسم جرائم القتل المنزلي، جرائم القتل التي يرتكبها الشريك الحميم أو أحد أفراد العائلة الآخرين: الأشقاء، الآباء الأمهات، الأطفال، وغيرهم من الأقارب بالدم.
وثّق انتشار عنف الشريك الحميم بشكل جيد في العقود الأخيرة. وتشير دراسات سابقة إلى أن الإناث، دون استثناء، يواجهن مخاطر الوقوع ضحايا قتل الشريك الحميم أكثر من الرجال.
يتجذر عنف الشريك الحميم ضد النساء والفتيات في المعايير الجندرية المقبولة على نطاق واسع، والتي تتعلق بسلطة الرجل داخل المجتمع بشكل عام، والأسرة بوجه خاص، وفي استخدام الرجال العنف للسيطرة على النساء. تظهر الأبحاث أنه من المرجح أن يستخدم الرجال والشباب ذوي الآراء المتشددة حول الأدوار الجندرية. على سبيل المثال، الاعتقاد بأن الرجال بحاجة إلى ممارسة الجنس أكثر من النساء، أو أن الرجال يجب أن يهيمنوا على النساء، بما في ذلك الجنس، والعنف ضد الشريك، من بين نتائج سلبية أخرى. وتشير النتائج الرئيسية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن الرجال أكثر عرضة لارتكاب العنف إذا كانوا من ذوي التعليم المحدود، أو لديهم تاريخ من اساءة المعاملة في مرحلة الطفولة، أو شهدوا ممارسة العنف المنزلي ضد أمهاتهم، أو يتعاطون الكحول، أو يؤمنون بمعايير عدم المساواة الجندرية، بما فيها السلوكيات التي تعتبر استخدام العنف أمر طبيعي، والشعور بالاستحقاق على النساء.
تحدث الغالبية العظمى من حالات قتل الشريك الحميم بين الأزواج من جنسين مختلفين، أي جاني ذكر وشريكة أنثى. وتحدث هذه الجرائم أيضًا بين الأزواج من نفس الجنس، والأزواج ثنائيي الجنس والمتحولين جنسيًا، لكن بنسب قليلة جدًا. وجدت أبحاث في الولايات المتحدة أن حالات قتل الشريك الحميم تحدث بين المثليين الذكور أكثر ب 12 ضعفًا من المثليات. وأكدت هذه الدراسة دراسة أخرى استخدمت مجموعة بيانات عن جرائم القتل في شيكاغو في الفترة من 1965 إلى 1990، حيث وجدت أن 41 جريمة قتل ارتكبت بين المثليين، و5 جرائم بين المثليات.
ووجد تحليل حديث في ثلاث دول أوروبية، أن نسبة 2 في المائة من جميع حالات القتل المرتبطة بالشريك الحميم شملت أزواج مثليين في كل من فنلندا والسويد، و7 في المائة في هولندا. ولم تحدث أي من حالات القتل هذه بين المثليات في الإطار الزمني المدروس.
- قتل النساء والفتيات المتعلق بالشرف
ترتكب عادة جرائم قتل النساء والفتيات المتعلقة بالشرف من قبل أفراد الأسرة عندما يرون أن سلوك النساء جلب العار لهم ويحتاج إلى عقوبة. ينجم هذا النوع من القتل عن علاقات الرجل الاستبدادية مع النساء. تتضمن أنماط السلوك النموذجية التي تعتبر أنها تنتهك الأدوار الأبوية الجندرية الصارمة، امرأة شابة تهرب مع رجل آخر غير الزوج الذي تختاره أسرتها، والانخراط في علاقات قبل الزواج.
البيانات المتوفرة بشأن جرائم الشرف نادرة، بسبب عدم الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم، وعدم تسجيلها في معظم الأحيان. لكن الدراسات الحالية تشير إلى أن جرائم الشرف لا تزال موجودة وتمارس في أجزاء من آسيا على وجه الخصوص. يصعب تسجيل هذه الجرائم عندما ترتكب في المناطق الريفية خاصة، ومع ذلك، بذلت جهود للكشف عن نطاق هذه المشكلة في بعض البلدان. في أفغانستان، على سبيل المثال، قدّر تقرير التحقيق الوطني الذي نشرته لجنة حقوق الإنسان الحكومية أن 243 جريمة شرف ارتكبت في الفترة بين نيسان/ أبريل 2011 وآب/ أغسطس 2013. ارتفع خطر الوقوع ضحية مثل هذه الجرائم بين الشابات ومتوسطات الأعمار، وعندما كانت الضحية فتاة غير متزوجة، اتركب الجريمة أحد أفراد الأسرة الذكور غالبًا؛ وقد ترتكبها نساء من الأسرة، لكن بدرجة أقل.
بينت الأدلة القصصية التي قدمتها وكالات الأنباء ومجالس حقوق الإنسان، في بعض البلدان الآسيوية، أن الكثير من ضحايا جرائم الشرف نساء متزوجات، والجاني، في أغلب الأحيان، هو الزوج. وكثيرًا ما يرتبط الدافع وراء القتل بعلاقات غير شرعية للضحية أو باختيارها للزواج. وفي حالات معينة، كان أفراد آخرين من الأسرة، مثل الوالدين، أو الأشقاء، أو الأعمام، أو الأقارب البعيدين، أو حتى الجيران والمعارف مسؤولين عن الجرائم. وكثيرًا ما كانت الآليات المستخدمة في ارتكاب جرائم الشرف الأسلحة النارية، وبدرجة أقل الأدوات الحادة والخنق والضرب والحرق؛ غالبية الضحايا لم يكن عاملات.
- قتل النساء المتعلق بالمهر
يشير إلى حالات قتل العرائس أو دفعهن للانتحار بعد تعرضهن لمضايقات مستمرة واستغلال من قبل أسرة العريس في محاولة لابتزاز المهر أو زيادته نقدًا أو عينًا. تنتشر عمليات قتل النساء المتعلقة بالمهور كثيرًا في بلدان جنوب آسيا. ومن المظاهر الشائعة لهذه الممارسة إحراق الزوجة، وكثيرًا ما تُعرض مثل هذه الحوادث على سلطات العدالة الجنائية على أنها حوادث ناجمة عن انفجار موقد الغاز في المطبخ. وعلى الرغم من حقيقة اعتماد العديد من البلدان التي تنتشر فيها وفيات المهور تشريعات تحظر ممارسة المهر، لكنه يبقى جزءًا لا يتجزأ من التقاليد الدينية والثقافية في بلدان جنوب آسيا.
- قتل النساء في سياق النزاع المسلح
وُثّقت ممارسات استهداف النساء في النزاعات المسلحة، واستخدام العنف الجنسي ضدهن بوصفه أحد أسلحة الحروب في عدة تقارير نشرتها الأمم المتحدة. حيث يستخدم الاستخدام المنهجي للاغتصاب ضد النساء لتدمير نسيج المجتمعات، لأن النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب في أثناء النزاعات غالبًا ما تنبذهن مجتمعاتهن. وثقت حالات اغتصاب وقتل جماعي للنساء والفتيات في الصراعات في رواندا في عام 1994، ومؤخرًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتشير التقارير إلى حدوث عمليات قتل جماعي للنساء اليزيديات من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في السنوات الأخيرة في محافظة سنجار بالعراق، بعد اكتشاف عدة مقابر جماعية.
- قتل نساء الشعوب الأصلية القائم على الجندر
صنف تقرير المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، الذي يتناول حالات قتل النساء المتعلقة بالجندر، قتل نساء الشعوب الأصلية على أنه شكل من أشكال “قتل النساء”. ويُطرح هذا التصنيف ضمن سياق التهميش الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي تواجهه تلك النساء، مما يزيد من ضعفهن. والبيانات المتعلقة بعمليات القتل هذه شحيحة للغاية، مما يجعل من الصعب تحليل هذه الظاهرة على نحو شامل. تظهر بيانات من كندا أن نساء السكان الأصليين يتعرضن لمستويات عنف أعلى بكثير من النساء من غير السكان الأصليين، سواء من حيث العنف غير المميت أو المميت. على الرغم من أن هذه البيانات ليست مصنفة حسب الدافع، ومن غير الممكن تحديد العنف المرتبط بالجندر، فإنها تشير إلى مشكلة كبيرة تتطلب المزيد من البحث.
- الأشكال المتطرفة لحالات قتل النساء باستخدام العنف
تحدث أعمال القتل العنيفة المتطرفة بحق النساء في سياق ظواهر مثل الجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، والعصابات، والهجرة الجماعية، وسلاسل الاتجار بالبشر والمخدرات. يؤثر الاتجار بالبشر في النساء أكثر من الرجال، إذ غالبًا ما يتجر بهن لأغراض الاستغلال الجنسي. وبالتالي من المرجح أن تؤثر عمليات القتل الخاصة الاتجار بالبشر في النساء، وأن تنطوي على دافع يتعلق بالجندر.
- القتل نتيجة الميول الجنسية والهوية الجندرية
يمثل القتل المرتبط بالجندر نتيجة الميل الجنسي والهوية الجندرية شكلًا آخر من أشكال “قتل النساء”، والذي لم يوثق أو يحلل بشكل كافٍ. وصفت عمليات القتل هذه بأنها “جرائم تحيز جندري”، إذ تعكس السلوكيات المسيطرة التي يحاسب فيها الآخرون عن المغايرة الجنسية.
- قتل النساء الناجم عن الاتهام بالشعوذة أو السحر
أُبلغ عن حالات قتل عمد للنساء نتيجة اتهامات تتعلق بالشعوذة أو السحر في أفريقيا وآسيا وجزر المحيط الهادئ. وتشير الدراسات المتوفرة التي تحلل عمليات القتل المتعلقة بالسحر في بلدان في أفريقيا إلى أنه على الرغم من أن الشابات يستهدفن بالاتهام العمل بالسحر ويقتلن، غير أن هذه المخاطر تزداد مع تقدم النساء بالعمر. وتتعرض النساء اللواتي يعشن بمفردهن، خاصة في المناطق الريفية، وغالبًا في حالات الأرامل، لهذا النوع من القتل بسبب اعتمادهن المالي المتزايد على أفراد الأسرة الذكور.
- أشكال أخرى من قتل النساء والفتيات المتعلق بالجندر
على الرغم من أن بعض العادات والأعراف الثقافية يمكن أن تساهم في تمكين المرأة وتعزيز حقوقها الإنسانية، لكن يمكن أن تستخدم بعض التقاليد والقيم الدينية ذريعة لممارسة العنف ضد المرأة. استغلت بعض الأعراف والمعتقدات الثقافية، في جميع أنحاء العالم، لتبرير الممارسات المؤذية، مثل الختان، وزواج الأطفال، وتفضيل الأبناء الذكور، التي نتج عنها ممارسة العنف ضد النساء والفتيات. تمثل هذه الممارسات المؤذية التي ترتكب ضد النساء والفتيات، والتي قد تؤدي إلى وفاتهن، شكلًا آخر من أشكال القتل المتعلق بالجندر. وهذا يشمل أيضًا، وأد البنات، إذ ترتبط هذه ممارسة بالإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين. وعلى الرغم من أن الإجهاض قد لا يعتبر جريمة في ظل العديد من النظم القانونية، صنفت عمليات الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين التي تفضل الأطفال الذكور تحت جريمة “قتل النساء” في بعض السياقات.
- قتل العاملات في مجال الجنس
يعتبر قتل العاملات في مجال الجنس مثالًا آخر على “قتل النساء”، حيث يمكن أن تلعب ذهنية التملك والتفوق الذكوري دورًا. ولدى العاملات في مجال الجنس أعلى معدل من الضحايا المتعلقة بجرائم القتل من أي مجموعة أخرى من النساء دُرست على الإطلاق. تشير الدراسات الوبائية المستندة إلى بيانات الولايات المتحدة إلى أن احتمال تعرض العاملات في الجنس لجرائم القتل يزيد بمقدار 18 ضعفًا عن النساء اللاتي لهن نفس العمر والعرق من غير المنخرطات في أعمال الجنس. وتشير تقديرات أخرى أقل تحفظًا إلى أن العاملات بالجنس يتعرضن لمخاطر القتل أكثر من 60 إلى 120 مرة مقارنة بغيرهن من غير العاملات في هذا المجال.
ونظرًا إلى تهميش المشتغلات بالجنس في المجتمع، ربما يجد بعض الرجال أنه من الأسهل تبرير العنف ضدهن. علاوة على ذلك، من وجهة نظر مرتكب جريمة القتل، قد يؤدي افتقار العاملة في مجال الجنس إلى الوضع الاجتماعي، إلى التقليل من أهمية قتلها والتقليل من انسانيتها.
[1] سوف يشار إلى هذا المصطلح اختصارًا ب “قتل النساء”.