Search
Close this search box.

دور المرأة في الأمن و السلام

دور المرأة في الأمن و السلام

هبة العلي

تستنفذ الحروب والنزاعات المسلحة طاقات الشعوب كافة لتبقيها ضعيفة منهكة تصارع حياة أرهقتها الكوارث. والخاسر الأكبر في هذه النزاعات المسلحة والحروب هو النساء والأطفال. وذلك لما تعانيه المرأة وتواجهه من ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية قاهرة ولا سيما إذا كانت في خضم تلك النزاعات أو كانت هدفا لها بغية تدمير لبنة أساسية من لبنات هذا المجتمع.

لذا أصدر مجلس الأمن في ما يخص هذا الأمر القرار رقم  1325، الذي يضمن فيه حماية المرأة في ظل الحروب ويتيح لها النهوض للمشاركة السياسية بقرارات قد يجهلها صناع القرار من الذكور أو ربما الإناث   لتقدم من خلالها رؤية أخرى أو منظور جديد توجهه للعالم أجمع من خلال رسالتها التي تحملها وتلفت نظر العالم والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان إلى أهمية دورها في الصراعات والنزاعات  المسلحة  في بناء عملية السلام، فضلاً عن حجم الحماية التي تقترحها وتسعى لتأمينها  ليتم تنفيذها على الآلاف من النساء في الدول والمجتمعات التي تعاني من تلك النزاعات المسلحة وترضخ تحت ويلات الحروب.

تجد معظم النساء في مجتمعنا صعوبة في العيش أو ربما التعايش مع ظروف الحرب القاسية، فيفضلن النزوح والهجرة إلى أماكن أكثر أمناً، سواء نزوح داخل الوطن أو هجرة إلى خارجه، وفي كلتا الهجرتين ألم ومعاناة  كبيرين قد لا يقوى عليهما كثير من النساء وما يتخلل ذلك من ظروف مادية سيئة أو ظروف الحرب من قصف وقتل وظروف اجتماعية بما فيها من  عائلات قد يسودها حالات من التفكك الاجتماعي. وبذلك قد تتشعب معاناة المرأة إلى شعب كثيرة، لتجد نفسها الأم والأب والأخت والأخ والمعيل الوحيد أحياناً وفي آن واحد لتكبر معاناتها وتعظم قوتها وارادتها معها.

قد يعتبر البعض بأن المرأة النازحة أو المهاجرة أفضل حالاً من المرأة التي ترزح تحت القصف والحصار ولكن رغم ذلك نجدها تعاني من كافة أنواع العنف في هجرتها أو خلال رحلتها إلى المخيمات، والتي ربما ترى فيها المنقذ الوحيد لها ولأطفالها، لتجد نفسها تعاني الكثير من أنواع العنف، ولا سيما العنف  الجسدي والجنسي والنفسي، حيث يكون  الأخير هو الأصعب بالنسبة لها، خاصة عندما يكون مقابل حمايتها وحماية اطفالها لتصبح ضحية تلك الحروب في مخيمات قد لا تحافظ على عادات وتقاليد المجتمع التي خرجت منه ولا تعترف بها.

وتزداد معاناة المرأة  بسبب تعرضها  للتنقل والهجرة غير المستقرة  وضعف الرعاية الصحية في المخيمات العشوائية وانعدام وجود نقاط طبية فيها، وضعف الخدمات في المخيم أو انعدامها وانخفاض المستوى الصحي, وخاصة النظافة مما يجعلها عرضة للأمراض. بالإضافة إلى ابتعادها عن التعليم الجامعي في ظل تلك الظروف، فضلاً عن حرمانها من التعليم وتدني مستوى الدخل وأخيراً سوء التغذية هناك.

أم أحمد سيدة أربعينية  تقول: “نزحت من مدينتي داريا في ريف دمشق بسبب الحرب، واضطررت إلى النزوح داخل الوطن لأن امرأة مثلي  لا تقوى على الهجرة إلى دولة أخرى كالأردن أو لبنان  مثلاً برفقة ابنتيَّ القاصرتين  وطفلي الصغير فذلك يتطلب منا مصاريف كبيرة تفوق ما نملك بأضعاف المرات، خاصة  أني اضطررت للنزوح بعد استشهاد زوجي قنصاً في داريا”.

تتابع أم أحمد حديثها بعد صمت وبعينين تملؤهما الدموع: “لا يوجد استقرار هنا فكل الأماكن غير بيتي هي منفى، وتنقلاتي كانت كثيرة لذلك اضطررت إلى تزويج ابنتي الكبيرة ذات الأربعة عشر عاماً, ربما تلك الخطوة خففت بعض العبء عني، سواء من الدخل المادي أو من الحماية, فأنا كامرأة قد لا استطيع حماية قاصرتين في مجتمع تسوده الحرب لأن الجنوب لم يكن أكثر أمناً من ريف دمشق، فكلاهما منطقتي حرب ونزاعات. وبعد فترة ليست طويلة قمت بتزويج ابنتي الصغرى أيضا لنفس الأسباب الأولى، لنبقى أنا وطفلي أحمد، فأي عمل أقوم به يكفينا ولن ينسانا الله من رزقه”.

هذا وتبقى المعاناة الاكبر للمرأة  في مناطق النزاعات المسلحة عندما تبقى في خضم تلك النزاعات تفتك بها آلة الحرب،  فهي اليوم مع أطفالها أضحت هدفاً من أهداف الحرب، خاصة وأنها حرب شرسة لا تستثني أحداً، ورغم تلك المعاناة تبقى المرأة هي السند الأقوي لعائلتها، فهي الداعم الأول لها في غياب الرجل.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »