Search
Close this search box.

المرأة السورية ما بين الحرب وقرار مجلس الأمن 1325

المرأة السورية ما بين الحرب وقرار مجلس الأمن 1325

خولة سمعان

من الصعوبة بمكان أن نعدد المآسي التي نجمت عن الحرب في سورية وانعكاساتها على الإنسان السوري، وبالأخص على الأسرة ولا سيما المرأة والطفل، على الرغم من وجود الهيئات الدولية التي تعنى بحماية المدنيين عامة، على ضوء القرار 1325 المنبثق عن مجلس الأمن في جلسته المنعقدة بتاريخ 31 تشرين الأول / أكتوبر عام 2000 والذي يؤكد على حماية النساء عند حدوث أي صراع مسلح أو نزاع عسكري.

يتألف القرار من 4 صفحات،تتضمن 14 مادة تتفرع عنها بضع فقرات، يتمحور على حماية المرأة ويؤكد ضرورة مشاركتها في العملية السلمية.

سأورد بعض ما جاء فيه مما له وثيق الصلة في موضوعنا هذا:

في الديباجة الممهدة لنص القرار جاء ما يلي :

(إن مجلس الأمن) وإذ يضع في اعتباره مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة ومسؤولية مجلس الأمن الأساسية بموجب الميثاق عن حفظ السلام والأمن الدوليين .

(وإذ يعرب عن قلقه لأن المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال يشكلون الأغلبية العظمى من المتأثرين سلباً بالصراع المسلح بما في ذلك بوصفهم لاجئين ومشردين داخلياً، ويمثلون بصورة متزايدة هدفاً للمقاتلين والعناصر المسلحة، وإذ يسلم بأثر ذلك على السلام والمصالحة الوطنية .

(وإذ يؤكد مجددآ الدور الهام للمرأة في منع الصراعات وحلها وفي بناء السلام ، وإذ يشدد على أهمية مساهمتها المتكافئة ومشاركتها الكاملة في جميع الجهود الرامية إلى حفظ السلام والأمن وتعزيزهما، وعلى ضرورة زيادة دورها في صنع القرار المتعلق بمنع الصراعات وحلها).

وهنا بعض المواد التي جاءت في نص القرار :

  • يحث الدول الأعضاء على ضمان زيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات والآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الصراعات وإدارتها وحلها.

وفيه أيضاً:

9- يطلب إلى جميع الأطراف في الصراع المسلح أن تحترم احترامآ كاملآ القانون الدولي المنطبق على النساء والفتيات وحمايتهن وخاصة باعتبارهن مدنيات،ولا سيما الالتزامات المنطبقة على هذه الأطراف بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولها الإضافي لعام 1977واتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989وبروتوكوليها الاختياريين المؤرخين 25 أيار / مايو 2000، وأن تضع في الاعتبار الأحكام ذات الصلة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

10- يدعو جميع الأطراف في الصراعات المسلحة إلى أن تتخذ تدابير خاصة تحمي الفتيات والنساء من العنف القائم على أساس الجنس…

11- يشددعلى مسؤولية جميع الدول عن وضع نهاية للإفلات من العقاب ومقاضاة المسؤولين عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، بما في ذلك تلك المتعلقة بما تتعرض له النساء والفتيات من عنف جنسي وغيره من أشكال العنف، ويؤكد، في هذا الصدد، ضرورة استثناء تلك الجرائم من أحكام العفو والتشريعات ذات الصلة، حيثما أمكن.

فماذا عن المرأة السورية في أتون هذه الحرب:

لقد وقعت المرأة في سورية ضحية الحرب بطريقة متعمدة أو غير متعمدة، حيث تم النظر إليها على أنها مادة مهمة في ميزان الثقل والتفاوض والضغط، عدا عن حالات العسف والقهر والاعتداءات العشوائية أوالمستهدفة.

لقد تم رصد الكثير من أنواع العنف الذي وقع على المرأة، بدءاً من العنف المادي الجسدي كالتجويع والتعذيب وسلب الأمان والتشتيت وانهيار الأسرة وفقدان المعيل، وانتهاءاً بالاعتداء المباشر بتدرجاته من الاعتداء الجنسي والاعتقال حتى القتل، وابقى هناك العديد من الحالات القهرية التي تشكل حالات فردية أو هي من حالات العسف غير المباشر.

لقد أكدت العديد من التقارير الدولية والوطنية ازدياد جرائم العنف الجنسي المرتكبة ضد النساء والفتيات، من هذه التقارير تقرير لجنة الانقاذ الدولية الذي وصف الاغتصاب على أنه: (سمة بارزة ومقلقة في الحرب السورية).

وقد ورد في تقرير الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان: أن أغلب ادعاءات الاغتصاب والعنف الجنسي الأخرى التي اطلع عليها وفد الفدرالية تم ارتكابها أثناء تفتيش البيوت وعند نقاط التفتيش وأثناء الاحتجاز، بالإضافة إلى حالات اعتداء على سيدات في أماكن عامة أو أمام أقارب لهن، كما أن بعض الضحايا من المغتصبات قتلن على أيدي مغنصبيهن دون أن تجري أي محاسبة للجناة، مما أدى إلى صدمات نفسية حادة بين الضحايا والناجيات، بالإضافة إلى أن بعض النساء قد أجبرن على تحمل حمل قسري ناجم عن الاغتصاب.

ومن ثم:

تم استهداف المرأة في الحرب عنوة، وذلك باستهداف الناشطات المدنيات، إذ اعتبرتهن الترسانة العسكرية خصماً عسكرياً بالرغم من نشاطهن المدني والإنساني، فتمت مطاردتهن واعتقالهن وتعذيبهن، وهناك الكثيرات ممن اختفين دون معرفة إن كن ما زلن على قيد الحياة أم أنهن فارقن الحياة!

من جهة أخرى تم اعتقال الكثير من النساء دون أي سبب سوى أنهن كن يمثلن ورقة رابحة في مجال التفاوص من أجل تسليم أحد الأشخاص من العائلة نفسها، أو لاستخدامهن كرهائن من أجل تسليم السلاح، وفي حالات أخرى تم احتجازهن لمجرد الانتقام من العائلة، أو من أجل دفع مبالغ كبيرة مقابل الإفراج عنهن.

لقد كان هذا الإجراء متعمداً من أجل تدمير العائلة والضغط عليها، الأمر الذي قاد – في كثير من الأحيان – إلى جرائم مرتكبة بفعل الضغط أو الصدمة، وقد تحدثت الشبكة الأورومتوسطية للحقوق ولجنة التحقيق المستقلة عن معتقلات تمت تصفيتهن من قبل عائلاتهن، وذلك بدافع الشرف، وقد كثرت حالات الطلاق في ظل هذه الظروف التي مزقت هيكل الأسرة ونواتها وأصابت القيم الأخلافية في الصميم. وكان النبذ أو العنف الجسدي في داخل الأسرة شكلاً من أشكال القهر الواقع بطبيعة الحال.

أما العنت الذي وقع على المرأة في مجال الصحة البدنية نتيجة تدني مستوى المعيشة اجتماعياً واقتصادياً، سواء في سياسة التجويع المتعمد الذي جاء كجزء من الأداة الحربية، فإن لذلك وجوه عديدة لا تقل عنفاً عن تلك، وقد نقلت العديد من المصادر توثيقات لحالات وفاة ناجمة عن الجوع، كذلك تحدثت عن تدهور صحة المرأة ولا سيما في الولادة والإرضاع.

وفي غياب الذكور – الذين هم وقود الحرب – اضطرت المرأة إلى العمل لإعالة أسرتها دون أن تكون مؤهلة لذلك، مما أدى إلى استغلالها جسدياً ومادياً، حيث كان عليها أن تبذل الجهد المضاعف مقابل أجر أقل .وفي كثير من الحالات كانت تتعرض للإهانة الجسدية.

لقد فرت الكثير من العائلات خارج البلاد هرباً من الموت وللنجاة ببناتهن وأولادهن، فتولدت معاناة أخرى في مخيمات اللجوء، وعلى رأسها مشكلة تزويج القاصرات. فقد أشار بحث أجراه مركز المجتمع الدولي والديمقراطية أن ظاهرة الزواج المبكر قد ازدادت بعد النزوح أو في اللجوء بفعل العديد من الأسباب، من أهمها الوضع الاقتصادي المتردي، وتغير طبيعة العلاقات الاجتماعية نتيجة النزوح.

يشير تقرير اليونسيف الصادر في آذار 2013 أن 86 بالمئة من اللاجئين الموجودين خارج المخيمات في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، وفي لبنان يعيش 55 بالمئة من اللاجئين في مآوي دون المستوى المطلوب.

فإذا تمكنا من الوقوف على المشاكل الكبرى الناجمة عن الحرب، علينا ألا ننسى ذكر المئات من حالات القهر والعذاب، التي تعانيها العديد من النساء بصمت وكحالات فردية مما لا يمكن إحصاؤه أو الوقوف عنده. إنما نستطيع أن نشير إلى صدمة عنيفة هزت الأسرة السورية عامة، وإن تفاوتت آثارها، فإن ظاهرة اليتم والتشرد والترمل باتت حالة عامة تقريباً، ولا يخفى علينا ما ينجم عن ذلك من مشاعر متردية كالقنوط واليأس وانسداد الأفق.

من الضروري أن نعي مفردات القرار 1325من أجل تطبيقه بشكل فعال وسليم، مما ينتقل بالمرأة من ضحية حرب إلى طرف فعال وكيان قادر على إحلال السلم والسلام، ومشارك في النمو الاجتماعي والتقدم.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »