Search
Close this search box.

ضرورة تغيير أدوار الجندر

ضرورة تغيير أدوار الجندر

خولة سمعان

بالتأكيد لم يتوصل المجتع الانساني إلى المفاهيم المتطورة فيما يخص البشرية إلا عبر طريق طويل من العناء و البحث، ولعل المجال الذي يرتبط بالمرأة ووضعها في المجتمع اكثرها تعقيداً و أطولها معاناة, فقد امتدت معاناة لزمن طويل بالرغم من ادراك أهمية دورها الذي اثبتته بالفعل في الأزمات الانسانية مثل الحروب فكانت ادارتها للأزمة جديرة بالاحترام وباثبات فعاليتها في الحياة على قدم المساواة مع الرجل, الأمر الذي منح المنظمات العاملة في مجال تحسين وضع المرأة القوة في سجالاتها التي ما زالت تتطور منذ أواخر الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين إلى يومنا هذا.

لقد تم طرح مفهوم الجندر في خضم هذه المساجلات في أواخر القرن العشرين و بدأ يدخل في ادبيات الثقافة العربية في تسعينيات ذاك القرن، ينظر مصطلح الجندر إلى العلاقات مابين النساء و الرجال, ويؤكد ان هذه العلاقات او الأدوار غير ثابتة، انما هي علاقات اجتماعية قابلة للتغير, و هي تتغير و تختلف بالفعل باختلاف الثقافات.

من هنا تم العمل على تمكين المرأة في المجتمع وصولاً إلى الاتفاقية المنبثقة عن الأمم المتحدة (السيداو) اي الغاء كافة أشكال التمييز بين المرأة و الرجل، والتي وقعت عليها معظم الدول العربية مع بعض التحفظات، غير انها لم تعمل بها على نحو كامل، تاركة المجال للظروف الاجتماعية في تقدير ما يمكن منحه للمرأة والاحتياجات المعيشية والنقص الناجم عن تطور الحياة المعاصرة.

واعلنت الحكومات عن فسحة في المناصب العليا بمظهر الدول المتطورة، فتبوأت المرأة – بأرقام ضئيلة – بعض الوظائف المهمة في   الدولة، إلا أن النظرة العامة إلى المجتمع ككل تظهر ان الفهم الحقيقي والعميق لموضوع الجندر والنظر إلى المرأة على انها كيان مساو للرجل في الحقوق والواجبات ما يزال يلهث بعيداً عن الطريق المؤدي إلى النتائج المرجوة.

إننا ندرك أن للعامل الاقتصادي دوراً مهماً في إلغاء تبعية المرأة للرجل و تحقيق شخصيتها المستقلة ككيان إنساني ذي كرامة و اعتزاز بوجوده، وقد أدى خروجها إلى ميدان العمل في معظم البلدان العربية وفي سوريا بشكل خاص إلى اثبات شخصها كإنسان يملك قرار نفسه ولو جزئياً، وبالرغم من ان الخطوات التي خطتها باتجاه حريتها ومساواتها بطيئة و صغيرة، لكنها كانت تصب في نسق محدد المعالم، غير ان الحرب التي شهدتها البلاد أدت إلى نتائج مأساوية على صعيد الفرد والمجتمع، واخذت الأسرة السورية نصيبها من تلك المأساة فتصدعت و نشتت في معظم الاحوال، و إن بقيت متماسكة فقد اعترتها إشكالات في الصميم، هذه المشاكل حتمت على المرأة ان تأخذ دوراً جديداً في ظل هذه الظروف القاهرة و منها:

  1. ان الكثير من الأسر السورية فقدت (الأب/المعيل).
  2. ان القهر و العنف الذي وقع على الأسرة أدى إلى تفككها.
  3. فقدان الرابط الاجتماعي الذي كان له دور ضاغط في الحفاظ على  الكيان الأسري.
  4. العامل الاقتصادي الذي يجعل من الضرورة ان يعمل كل من الأب و الأم على السواء.
  5. البطالة او تحكم سوق العمل في العرض و الطلب، مما يعني ان يكون الطلب على الأعمال التي تجيدها المرأة اكثر وفرةً من الاعمال التي يجيدها الرجل او العكس.
  6. هناك حالات فردية أخرى قادت إلى خروج المرأة من داخل أسوار منزلها إلى ساحة العمل منها تقاعس الرجل او فقدان رغبته بالعمل، الأمر الذي جعل المرأة تأخذ دور الرجل بينما جلس هو في المنزل يرعى الأطفال أو لا يعمل شيئاً على الإطلاق.

إن الأسباب التي قادت إلى تبادل الأدوار، و إن كانت قسرية، غير انها زجت بالمرأة في العمل، وأخرجتها من القمقم الذي  كانت حبيسته، غير ان عملية توازن بين الطرفين تبقى مهمة و مطلوبة و ذلك لا يكون إلا عبر توعية مدروسة للمجتمع ككل، كما هو مطلوب الاهتمام والرعاية و التشجيع للمرأة السورية في مأساتها هذه.

في الوقت نفسه لا ننسى ان نتوجه اليها بالتحية و التقدير إذ اثبتت ذكاءاً وكفاءةً لا نظير لهما في طريقة إدارتها للمحنة العنيفة التي اصابت الأسرة وقد رأينا أنها في الكثير من الحلات قد تمكنت من تجاوز مأساتها بنجاح تام.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »