سونيا ابراهيم
أنتم – العار- و ليس أنا
لا أكتب من أجل أن أكون مؤلفة أو شاعرة يذكرها التاريخ، دعوني من هذا المجد سأمنحه لكم، و لا أريد أن أكون أكثر كاتبة محقة و على صواب- من شأنكم- بل سأكتب كما أقولها الآن من أجل أختي الصغيرة.. هل تعلمون كم كان عمرها عندما قتلتْني كلماتها.. لا؟ ستعتقدون أني سأدخل صلب الموضوع على طول هكذا.. هل تعلمون أني أود أيضاً أن أخبركم قليلاً عن ذنوب بنات أخواتي الصغيرات… كلهن جميلات و حبيبات قلبي.. و لكني لن أكتب لمن أعتقد أنه سينتظر مفاجأة مثلاً.. و لن أنتظر حتى أن تكونوا أنتم قررتم أن تهتموا، أو أن تتشاطروا الآراء فيما بينكم.. كل هذا عبثيٌ صدقوني.. سأصدقه حتى لو لم تقولوه.. هذا الألم الذي فرضه واقع مشوه جداً، بين الحروب و بين الألم، و بين ضياع كل حقوق الإنسانية في بقعة قد تكون صغيرة جداً على مجهر هذا العالم.. أنتم بالعادة تحدقون إلى عقاب الساعة، لتتعرفون على قيمة اللحظات، و لكنكم بالواقع لا تعلمون كيف تخذلونها لأنكم تخذلون أنفسكم.. أكنتم تعلمون هذا من قبل؟؟ بالواقع لا.. كنتُ من شدة وقع الصدمة بشكل متكرر فاقدة لمعنى الحياة.. و لو كان لكم أن تعلموا أن العينين قد تفقدان معنى الوجود و هما حيتان ترزقان، و لكن وقع الألم المتكرر على طفولتي و مراهقتي شديد و مؤلم.. أنتم لا تشعرون و لا تفهمون معنى الحياة, و لكني هأنذا أقولها سُلبت الحياة بطفولتها مني.. هل تعلمون كيف يمكن للعينين أن تعتاد على رؤية كم هذا الاعتداء.. المرض النفسي الذي يعاندونه و يختبئ على شكل حيوانات مفترسة تعلم جيداً عندما تمارس الخطيئة، و الحقيقة الوحيدة التي لا يمكنهم إحباطها هي أنهم غير قادرين على مواجهتي أنا.. أنا من ارتكبوا بحقها كل هذه الذنوب.. أكنتم تعلمون هذا؟؟ غير قادرين على ألا يرونني؟ هل كنتم تغرقون بالتفكير.. أنصدق ألّا نصدق؟؟ أنعتقد بحقي و حقهم- الضحايا الذين يتحدثون- بوجودهم بمثل هذه الحياة؟؟ أهناك ما يخيفكم عندما أصف لكم كيف أن الحياة تُقتل بجسد الأطفال كل يوم؟؟ أتُقتل الحياة بحق وجودنا نحن- النساء- اللواتي نحارب و نصمد ضد هذه الهجوم؟؟ ألهذه الدرجة تخلق الطبيعة أماً بقلب وحش؟؟ قلب لا يعلم معنى الأمومة و لا الانسانية؟؟ هذه هي – أمي- التي ما زالت تتنفس و هي على قيد الحياة؟؟ ألهذه الدرجة يمكن للبشاعة و القبح أن يتمثلان كلاهما بشخص واحد مثلها؟؟ أهذه يجب أن نطلق عليها لقب انسانة؟؟ أيحق لهؤلاء الكلاب المتوحشة- رجال الشرطة المعقدين- أن يؤمنوا أو حتى أن يعتقدوا بغير عقيدة المجرمين المستفزة؟؟ رجال الشرطة الذين يتفاخرون بضربهم لنسائهم، و أطفالهم بوحشية، و ذكورية قاتمة و خانقة من شدة المرض و البشاعة، و هم يستمعون لقصص نساء و ضحايا من الألم يغطي السواد- المفروض عليهن- أجزاء من اوتار واقعهن قُمعتْ فيهن، و قَمعتْ أصواتهن التي تخرج بكل صعوبة؟؟ أهذا ما نسميه ممارسات ضد حقوق النساء؟؟ أن تكون باقي النساء- اللاتي يعملن بالشرطة- ذكوريات هن الأخريات، و حاقدات ممتنعات عن اتخاذ موقف من الصواب و الحق لأجلهن؟؟ يقول لها الوغد- بكل شراسة سادية-: «لا تريني آثار الضرب و الكدمات على جسدكِ.. و لن ترافقكِ واحدة من الأخريات للشهادة على ألام الضرب.. أنا أفعل ما هو أسوأ لأم أولادي..» و هو يقول هذا لا يعلم كم نشعر بالحزن، و القرف من ساديته: رجل الشرطة الذي يعتز يكونه كلب آخر في هذا المجتمع الوضيع! يسألني هذا الشرطي الذكي: « هل هناك طريقة لتأهيل أخيكِ؟؟ » يفكر بتأهيل أخي، هذا الشرطي الذكي، و يقول لي: هل لو تزوج سيتوقف عن.. الاعتداء عليكما- أنا و أختي الصغرى؟؟
من المفترض علي أن افكر بالمرة القادمة كيف سأخطئ بحق أخي الذي هددني بالاغتصاب، و القتل، و اعتدى جنسياً على أختي الصغرى، و أنا أقيم له طريقة بالمكافأة. أو دعوني أفكر بسبب مجرد عدم تسجيل الشرطي الشاطر بلاغ ضد أخي.. و هل أنا من هي القادرة على الثقة بهم؟؟ يخرجونه بوساطة.. و هكذا يظل حراً.. هل لا يفكر الشرطي الحر، البليغ، الذي يتمتع بالحكمة، أنه من الممكن أن تكون الضحية التالية أحد الأبرياء، الذين لا ذنب لهم إلا أنه لم يضع أخي خلف القضبان؟؟ لا.. لحظة.. و من قال أنهم سيهتمون؟؟ أنا لستُ بطلة، و لستُ ثورية.. بل ربما أكون أقل من أن يكون لدي الحق في التوجه بخياراتي نحو الحياة التي أتزود منها كرامتي و أحقيتي بالعيش حرة و كريمة.. هُم أهم. أنا لستُ بطلة، و لستُ جديرة بالاهتمام.. بل هم وحدهم الأوفياء.. هؤلاء الهمج، المرضى المنفصمين الشخصية!! سيكونون أكثر قدرة على التعبير.. و لكنهم إلى الأبد مفضوحين.. منشورة هي الحقائق التي سيعلمون قريباً كيف أنهم لم يتمكنوا من وقفي عن اقصائها.. لن أكذب عما رأيته.. بل سأخبركم كل الأسماء, و سأتحدث بكل صراحة عن الجميع.. سأتحدث عن الأخريات و عني.. و سيظل الباب مفتوحاً حتى هم يغلقونه بأنفسهم على أرواحهم ليموتوا بحرية تامة بل و مطلقة بعيداً عن الناس.. سيموتون كلهم متأكدين أنني مثل باقي الضحايا حقيقة.. و لست- بل هم- جهلاً أو عذراً أو قُبحاً.. بل أنا كنتُ كل هذا.. أما هم فلا.. أفكر بكِ الآن يا – أمي- من لم تقتلي الصمت.. سأغتالكِ عندما يُباح! كلكم هادئون الآن