سها الحاج
مزقت الحرب المدمرة ملايين العائلات السورية منذ بدايتها في عام 2011. ومما يثير القلق أن النزاع جعل الفتيات السوريات أكثر عرضة للزواج، وفيما يلي استعراض لعدة أمور نحتاج إلى معرفتها فيما يخص هذا الموضوع، الذي تحول إلى ظاهرة مقلقة.
1) تزايد أعداد زواج الأطفال من اللاجئين السوريين بسبب الحرب.
يمثل زواج الأطفال مشكلة متنامية للفتيات السوريات في مجتمعات اللاجئين في الأردن ولبنان والعراق وتركيا. في الأردن، على سبيل المثال، تظهر الأرقام زيادة مع مرور الوقت. في عام 2011، شملت 12٪ من الزيجات المسجلة فتاة دون سن 18 سنة. وارتفع هذا الرقم إلى 18٪ في عام 2012، و 25٪ في عام 2013، و 32٪ في أوائل عام 2014.
في لبنان اليوم، 41٪ من الشابات النازحات تزوجن قبل 18 سنة. ونظراً لأن العديد من الزيجات غير مسجلة، قد تكون هذه الأرقام في الواقع أعلى من ذلك بكثير.
من المرجح أن تواجه الفتيات النازحات داخل سوريا مشاكل مماثلة. ومع ذلك، توجد حالياً بيانات محدودة حول الوضع في البلاد.
2) زواج الأطفال يحدث في سوريا قبل الحرب
زواج الأطفال ليس جديداً على سوريا. قبل الصراع، كانت 13٪ من النساء السوريات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و 25 سنة تزوجن قبل سن الـ 18. يؤدي الصراع والكوارث إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة بين الجنسين ونقص التعليم الذي يسبب زواج الأطفال في المقام الأول. هذا سبب إضافي لمعالجة زواج الأطفال قبل وقوع الحرب.
3) بالنسبة للعائلات السورية، يأتي تزويج بناتهم كاستجابة يائسة للظروف بالغة الصعوبة
حياة العائلات النازحة صعبة جداً، حي يكافح الوالدان من أجل إعالة أطفالهما والخوف على سلامتهم – لا سيما العنف الجنسي ضد الفتيات. ونتيجة لذلك، توصل البعض إلى استنتاج مفاده أن الزواج يمكن أن يحمي بناتهم من الأذى مع تزويدهم بمستوى من الاستقرار المالي.
في العديد من المجتمعات، يُنظر إلى الزواج على أنه وسيلة “لحماية” عذرية الفتاة و “شرفها”، وبالتالي، سمعة الأسرة. من الواضح أن عدم المساواة بين الجنسين تدخل حيز التنفيذ لأن هذه المخاوف قلما تنطبق على الفتيان والشبان.
ووفقاً لمنظمة “أنقذوا الأطفال”، فإن بعض الفتيات يتزوجن أيضاً لتسهيل دخول الرجال السوريين إلى الأردن، وهي عملية أسهل بالنسبة للرجال المتزوجين. كما يمكن للفتيات اللواتي يتزوجن من أزواج أردنيين الحصول على كفالة تسمح لهن ولأسرة الفتيات بالخروج من المخيم.
4) زواج الأطفال له تأثير مدمر على الفتيات السوريات.
تم توثيق تأثير زواج الأطفال على الفتيات على نطاق واسع. وقد تبين أن الفتيات اللاجئات السوريات المتزوجات تواجه نتائج مماثلة للعرائس الأطفال الأخريات: مضاعفات أثناء الحمل والولادة والعنف، والتعليم والفرص الاقتصادية المحدودين، فضلاً عن القليل من الحرية والفرصة للاختلاط مع الأطفال في سنهم.
ومما زاد الطين بلة، أن العديد من هذه الزيجات قصيرة الأجل وغير مسجلة، مما يترك الفتيات دون حماية كافية لأنفسهن أو لأطفالهن. إن الفتيات المطلقات في مخيمات اللاجئين موصومات في مجتمعاتهن، مما يتسبب بعواقب وخيمة على صحتهن العقلية.
5) نسبة التسرب العالية للفتيات من المدارس، مما يؤدي إلى مخاطر عالية من زواج الأطفال.
لقد ترك الصراع السوري ما يقرب من 2 مليون طفل ومراهق خارج المدرسة، في حين أن (1,3) مليون آخرين معرضون لخطر التسرب. وهذا يحد من فرصهم، وبالنسبة للفتيات، يزيد من خطر الزواج.
التعليم هو وسيلة رئيسة لحماية الفتيات من زواج الأطفال. فالبقاء في المدرسة يبني معارف ومهارات لدى الفتيات حتى تكون أكثر قدرة على تأخير الزواج ويمكن أن يدعم فكرة أن الفتيات لا يزلن أطفالاً وغير مستعدات للزواج.
6) يستخدم الزواج والزواج القسري كسلاح من أسلحة الحرب.
ومن المثير للقلق، أن عدداً من التقارير تظهر أن الجماعات المسلحة داخل سوريا والعراق المجاورة تستخدم الزواج القسري والإجباري وكذلك العنف الجنسي كأسلحة حرب للذعر، وترويع السكان وتهجيرهم.
العنف الجنسي منتشر أيضاً في النزاع السوري وقد ترى بعض العائلات زواج الأطفال شكلاً من أشكال الحماية للفتيات المعرضات للخطر. في الواقع، نحن نعلم أن الفتيات غالباً ما يواجهن تجدد العنف داخل زيجات الأطفال.
7) زواج الأطفال لا يتم معالجته بشكل كافٍ في السياق الإنساني.
يعالج عدد من المنظمات زواج الأطفال في سوريا ومجتمعات اللاجئين المجاورة، لكننا بحاجة إلى استجابة إنسانية أوسع.
زواج الأطفال ليس مشكلة قائمة بذاتها، لذلك لا ينبغي عزل الاستجابة. الصحة، التعليم، حماية الطفل، العنف القائم على النوع الاجتماعي – يحتاج المجتمع الإنساني بأكمله إلى معالجة القضية بشكل متكامل. من الجدير بالذكر أن زواج الأطفال حدث في سوريا قبل الصراع. إن منع زواج الأطفال في أوقات الأزمات يعني التأكد من عدم حدوثه في أوقات الاستقرار.
وبينما نركز على زواج الأطفال وأزمة اللاجئين السوريين، لا يمكننا أن ننسى بقية العالم. يؤثر النزاع والنزوح على حياة الفتيات في اليمن أو ميانمار أو جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يشكل زواج الأطفال مصدر قلق متزايد. لا يمكننا ترك هؤلاء الفتيات وراءنا.
خاص “شبكة المرأة السورية”