ترجمة وإعداد: ماجدة عبد القادر
كان جسد خديجة، 17 عاماً، مغطى بحروق السجائر والوشوم، التي قالت إنها حُفرت على يديها وذراعيها وساقيها رغماً عنها.
خُطفت خديجة في حزيران / يونيو الماضي أثناء زيارتها عمتها في منطقة بني ملال في وسط المغرب. وقالت أن عصابة مؤلفة من 15 رجلاً اختطفوها وتناوبوا على اغتصابها والإساءة إليها على مدى شهرين. تم تغطية هذا الحادث في جميع أنحاء العالم وأثار مخاوف متزايدة بشأن العنف ضد المرأة في المغرب.
“لقد حاولت الفرار، لكنهم ضربوني وتركوني أعاني. لم يعطوني الطعام”، تقول خديجة، “كما لم يُسمح لي بالاستحمام طوال الوقت الذي كنت فيه في الأسر، خدروني وراحوا يتناوبون على اغتصابي”.
فيما بعد أُلقي القبض على 12 مشتبهاً من أصل 15 في القضية التي أثارت جدلاً في المغرب، وهي دولة محافظة، سمحت حتى وقت قريب للرجال الذين اغتصبوا الفتيات القاصرات بتجنب الاتهامات من خلال الزواج من ضحاياهم. وقد وقع ما يقرب من 75000 شخص عريضة على الإنترنت تدعو إلى العدالة في قضية المراهقة. كتب منظمو الالتماس على موقع Change.org إنهم: “يأملون في جمع تواقيع الأفراد والمنظمات لإظهار سخطهم و “مساعدة الفتاة على إزالة الوشم من جسدها وضمان دعمها النفسي والجسدي”.
في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، قالت والدة الفتاة: “لقد أُغمي علي عندما رأيت ابنتي بعد عودتها، انهارت أعصابي عندما شاهدتها على هذه الشاكلة … وشوم، حروق، وفقدت شرفها”.
وقد حاول الكثيرون التشكيك برواية المراهقة خديجة، ومنهم حسين الحرشي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي أخبر وكالة أسوشييتد برس أنه ينبغي مواجهة اتهامات الفتاة بالشك. وزعم أنها كانت معروفة بقضاء وقت مع متعاطي المخدرات، الأمر الذي نفته والدتها. كما اتهم أقارب المتهمين الفتاة بالكذب زاعمين أنها ذهبت مع الرجال عن طيب خاطر. لكن إحدى جارات الفتاة، التي تعمل كأخصائية اجتماعية، أخبرت الوكالة أن الفتاة يجب أن تؤخذ على محمل الجد.
ورغم إحراز بعض التقدم في الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف الجنسي والاعتداء المنزلي في المغرب، قالت هيومن رايتس ووتش إن القانون الذي أقره البرلمان في شباط / فبراير الماضي سيوفر بعض الحماية لكنه “يحتوي على ثغرات ينبغي معالجتها”. فقد حددت دراسة استقصائية أجرتها الحكومة في المغرب عام 2009 أن 62.8 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و 65 سنة “تعرضن للعنف البدني والنفسي والجنسي والاقتصادي”.
في عام 2016 ، قتلت فتاة مغربية، تبلغ من العمر 16 عاماً نفسها، بعد اختطافها واغتصابها. ووفقاً لجماعة مغربية لحقوق الإنسان، كشف تشريح الجثة أن الفتاة كانت حاملاً، وهدد مهاجميها بنشر صور اغتصابها إذا لم تسقط شكواها ضدهم، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس.
وفي عام 2012، انتحرت فتاة أخرى تبلغ من العمر 16 عاماً بعد أن أجبرت على الزواج من رجل قالت إنه اغتصبها. وقد تم تغيير هذا القانون في عام 2014.
قانون جديد … ولكن!
ترحب الحكومة المغربية الآن بقانون مناهض للعنف ضد المرأة بدأ سريانه الشهر الماضي بعد خمس سنوات من الجهود لإقراره. يقدم القانون مجموعة متنوعة من الحماية للنساء اللواتي يبلغن عن التحرش أو العنف في المغرب، ويحظر الزواج القسري، وينص على فرض غرامات، وحتى عقوبات قصيرة بالسجن على الأشخاص المدانين بالتحرش الجنسي في مكان عام. وهذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها المرأة في المغرب على مسارات قانونية للبحث عن العدالة من هذا السلوك.
تقول بسيمة الحقاوي، وزيرة شؤون المرأة في البلاد، لوكالة المغرب العربي الرسمية للأنباء: “إن هذا القانون واحد من أهم النصوص التي تعزز الترسانة القانونية الوطنية في مجال المساواة بين الجنسين”.
لكن منتقدين يقولون إن القانون الذي طال انتظاره لا يزال عاجزاً عن منح المرأة الحماية التي تحتاجها. وقالت نزهة الصقلي، الوزيرة السابقة لشؤون المرأة، لمجلة جون أفريك بعد صدور القانون في شباط / فبراير الماضي: “القانون الذي تم تبنيه مؤخراً خيب آمالنا بشكل كبير، لقد عُدلت فقط بعض مواد قانون العقوبات ولا يمكن اعتبارها بمثابة انفراجة كبيرة في الكفاح ضد العنف ضد المرأة”.
وقد أعربت الصقلي عن مخاوفها من أن التشريع لا يجرِّم على وجه التحديد الاغتصاب الزوجي، وقالت إن بعض أجزاء النص غامضة للغاية. وأبلغت جون أفريك أن: “الاغتصاب لا يزال يعتبر انتهاكاً لإنسانية المرأة، على الرغم من أن القانون الدولي يعرّفه على أنه انتهاك لسلامة المرأة البدنية”.
وتابعت الصقلي عن التشريع: “من الواضح أنه يحتوي على أشياء إيجابية معينة، لكنه بالتأكيد ليس ثورة”.
يذكر أن المغرب يفتقر تاريخياً إلى السبل القانونية للنساء للسعي لتحقيق العدالة على مثل هذه الإساءات. وحتى الآن، يخشى المدافعون أن القانون الجديد لن يجعل من السهولة تطبيق العدالة على الضحايا. وقال بيان لـ هيومن رايتس ووتش صدر في فبراير / شباط إن “معظم النساء يسقطن القضايا الجنائية القليلة التي يتم تقديمها نتيجة لضغوط من عائلاتهن أو من يسيء إليهن، أو لأنهن يعتمدن مالياً على من يسيء إليهن”. وانتقدت هيومن رايتس ووتش حقيقة أن القانون لا يحدد على وجه التحديد العنف المنزلي.
وقالت سميرة رايس، الناشطة المغربية في مجال حقوق المرأة، لهيئة الإذاعة البريطانية: “إن هذا القانون يشكل رصيداً، لكن هناك أوجه قصور علينا العمل عليها”.
المصدر:
خاص “شبكة المرأة السورية”