Search
Close this search box.

النساء والسيداو والدين

النساء والسيداو والدين

سلمى الدمشقي

كثرت في السنوات القليلة الماضية المنظمات النسوية كناتج مباشر من نتائج الثورة  في مجتمع كان يفتقر لأبسط اشكال المنظمات المدنية. كما كثرت الدورات التدريبية التي تناقش المشاكل النسوية وحقوق المرأة في القانون السوري. ولعل من أهم المواضيع المطروحة هي اتفاقية السيداو وتحفظات الحكومة السورية على أهم بنودها.

وفي أغلب الدورات التي ناقشت موضوع السيداو وموضوع قانون الأحوال الشخصية السوري كان هناك نقاش ما يزال مفتوحاً وسيبقى لفترة طويلة بين النساء العلمانيات وبين النساء الإسلاميات في أحقية استناد هذا القانون إلى الدين الاسلامي وتحديداً إلى المذهب الحنفي منه في بلد يضم  الكثير من الطوائف والأديان.

حيث أنه بتاريخ 28 آذار عام 2003 صادقت الحكومة السورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إلا أنها تحفظت على المواد التالية:

المادة 2:

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:

(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.

(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة.

(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أى عمل تمييزي.

(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.

(ه) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة.

(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.

(ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.

المادة 9:

2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

المادة 15:

4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل مسكنهم وإقامتهم .

المادة 16:

1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص التدابير التي تضمن المساواة بين الرجل والمرأة:

(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.

(د) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً.

المادة 29:

  • يعرض للتحكيم أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوَّى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكن الأطراف، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم، جاز لأي من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.

الملاحظ في كافة المواد التي تحفظت عليها الحكومة السورية أنها تجتمع كلها تقريباً في تعديل وتغيير مواد قانون الأحوال الشخصية المعمول به في سورية، ومنها على وجه الخصوص:

  • تحديد سن أهلية الزواج:

حدد المشرع السوري سن الزواج ب 18 سنة للزوج و17 سنة للزوجة، بالمقابل فإنه أجاز للقاصر الطلب من القاضي أن يأذن له بالزواج وقبل بلوغه السن القانونية، حيث يمكن للمراهق الذي أكمل سن 15 وكذلك للمراهقة التي أكملت سن 13 الطلب من القاضي أن يأذن لهما بالزواج بشرطين أن يتبين القاضي صدق دعواهما و  احتمال جسميهما.

وهو ما يعني أن المشرع ما يزال يميز بين الذكر والأنثى في مسألة تحديد سن الزواج، ويسمح بالزواج المبكر للطفلة حين يرى القاضي ذلك مناسباً وترى بعض الإسلاميات أن هذا الزواج لا ضير فيه وخاصة أنه سنة النبي في زواجه من عائشة. ولا شك أن لهذا الزواج مساوئه الكثيرة وقد يكون أبرزها مخاطر الحمل والولادة ، إضافة إلى تحمل المرأة مسؤولية تربية الأطفال وهي لا تزال بعد طفلة من الناحية الشرعية والقانونية.

حضانة الأم لطفلها:

حدد القانون السوري في تعديله الأخير انتهاء سن الحضانة للذكر بـ 13 سنة وللأنثى بـ 15 سنة. ويتفق علماء النفس على أن الحضانة فترة حرجة تتطلب المزيد من الاهتمام في التعامل مع الطفل ولذلك لا بد من تمديد سن الحضانة لكلا الجنسين إلى 18 سنة، لتستطيع الأم خلالها أن تشرف على تربية أبنائها حتى بلوغهم سن الرشد. كما حرم المرأة من حضانتها لأطفالها في حال طلاقها وزواجها مجدداً بينما لم يحرم الرجل منها في حال زواجه مجدداً وهذا يتضمن التمييز بين الجنسين .

  • الولاية على المال:

من استعراض النص المتعلق بالولاية في قانون الأحوال الشخصية السوري نجد أن المادة 170 و172 قد نصتا على ولاية الأب والجد العصبي على مال الصغير، وبالمقابل فإنه وفي الحالة التي تصبح فيها أموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو لأي سبب آخر، فإن للمحكمة أن تنزع الولاية منه ويجوز للقاضي أن يعهد إلى حاضنة القاصر ببعض أعمال الولي الشرعي المالية إذا تأكد أن مصلحة القاصر تقتضي ذلك وبعد سماع أقوال الولي، وبالمقابل فإن للأب وللجد العصبي عند فقدان الأب أن يقيم وصياً مختاراً على القاصر أو الحمل، وبالتالي فإن المرأة قد استبعدت من الولاية على المال إلا في حالات ضيقة، وليس لها علاقة بإدارة أموال القصر من أولادها. وأيضا في هذا تمييز واضح بين الجنسين.

  • قانون العقوبات:

يضم قانون العقوبات السوري العديد من المواد التمييزية فيما يخص المرأة كمكون أساسي للأسرة والمجتمع، ومن هذه المواد:

1)- جرائم الشرف:

فمثلاً تنص المادة 548 على ما يلي:

1- يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنى المشهود، أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر، فأقدم على قتلهما أو إيذائهما، أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد.

2- يستفيد مرتكب القتل والأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.

وقد عدلت هذه المادة بالمرسوم التشريعي رقم (1) الصادر بتاريخ 3/1/2011 والذي نص على أن “يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخوته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد وتكون العقوبة الحبس من خمس سنوات إلى سبع سنوات في القتل”

2)- العلاقات الجنسية:

1- الزنى:

يفرق القانون السوري بين زنا الزوج وزنا الزوجة في العقوبة، فقد نصت المادة 473 على معاقبة الزوجة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين بينما يعاقب الزوج الزاني بالحبس من شهر إلى سنة، وتشترط المادة 474 لفرض العقاب على الزوج الزاني أن يكون الفعل قد تم في منزل الزوجية حصراً في حين لم يشترط ذلك في عقاب الزوجة الزانية.

ومن الواضح أن هاتين المادتين تحفلان بالتمييز ضدّ المرأة إذ نجد أن عقوبتها أشد، زوجة كانت أم عازبة، بينما عقوبة الرجل العازب لا تتجاوز نصف عقوبة المرأة، وكأنها هي وحدها من ارتكب جرم الزنى أو شجع عليه. بينما الرجل هو الضحية هنا.

الاغتصاب:

نصت المادة 489 على معاقبة من أكرَهَ غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجِماع بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرين سنة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره، كما نصت المادة 490 على معاقبة كل شخص جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة، بسبب نقص جسدي أو نفسي، أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع بالأشغال الشاقة تسع سنوات.

كما علقت المادة 508 ملاحقة وتنفيذ العقاب على مرتكب جريمة الاغتصاب إذا عُقد زواجٌ على المعتدى عليها، على أن تُعاد ملاحقته وتنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة، وانقضاء خمس سنوات على الجناية، إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع، أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها، وقد عدل بالمرسوم التشريعي رقم 1 للعام 2011 إذ أصبحت عقوبة المجرم الحبس مدة سنتين على الأقل حتى وإن تزوج من ضحيته زواجاً صحيحاً.

قانون الجنسية:

من الملاحظ، وفي ضوء قانون الجنسية السوري، فإن المرأة السورية لا تمنح الجنسية السورية لأولادها إلا بتوفر شرطين هما :

1- أن يكون قد ولد في القطر العربي السوري.

2- ألا يثبت نسبه لأبيه.

ومن الواضح أن قانون الجنسية السوري ينطوي على تمييز وعدم مساواة واضحين بين المواطن السوري والمواطنة السورية، فقد منح للسوري حق إعطاء الجنسية لأولاده وبصورة مباشرة، وإن ولدوا خارج القطر، وحتى إن لم يعرفوا بلدهم الأم سوى بالاسم، على حين أن الأم السورية تحرم من هذا الحق حتى وإن كانت مقيمة مع أولادها في سورية.

ولو عدنا الى الخلاف في الرأي بين وجهتي النظر الاسلامية والعلمانية لوجدنا أن هناك خلافاً في المبدأ الاساسي وهو أحقية  استناد قانون الأحوال الشخصية إلى الدين الإسلامي في أحكامه حيث ترى الإسلاميات أن الله كرم المرأة في الدين الإسلامي وما ولاية الرجل عليها إلا تكريما لها حيث أنها تحتاج إلى الرعاية والتكريم لذلك الرجال قوامون على النساء وحق الرجل بأن يرث ضعفي المرأة لتكليفه بحق كفالة ورعاية أمه وأخواته وأطفاله وليس تمييزا له أو تكريما بينما الأنثى لا يتوجب عليها النفقة على أمها او إخوتها أو حتى أطفالها .

أما في التفاصيل المذكورة لاحقا وانعكاساتها على تطورات حياة المرأة السورية وخاصة المهجرة والنازحة وتوليها لشؤون رعاية أسرتها وكفالة أطفالها في ظل غياب الزوج الذي أصبح السمة الأساسية لاغلب العائلات السورية المهاجرة والنازحة لوجدنا أن ما يجمع النساء الآن على اختلاف انتماءاتهم الإيديولوجية هو أكثر مما يفرقهم فقانون الأحوال الشخصية أصبح عائقا أمام المرأة ومقيدا لها في وضعها الجديد وهي معيلة الأسرة الأساسية وما تعانيه النساء الآن في المخيمات من إثبات هوية أطفالها وكفالتهم إلى حقها في سفر أولادها معها إلى غياب الزوج وعائلته أيضا في كثير من الأحيان إلى وجود عدد كبير من الأطفال غير مثبتي النسبة نتيجة لوجود الزواج العرفي بكل أشكاله سابقاً ولم يثبت الزواج للآن نظراً لغياب الزوج إلى صعوبة استخراج الأوراق الثبوتية وغيرها الكثير من المشاكل والذي يحتاج إلى قراءة جديدة لقانون الأحوال الشخصية باتجاه تغيير هذا القانون وإيجاد حلول للمشاكل التي خلفتها الأزمة الحالية في سورية.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »