انتشر فيديو على موقع “فيسبوك”، لرجل مع طفلتين يتحدث إليهما عن عملية إرهابية التي ينوي إرسالهما لتنفيذها، وهي تفجير نفسيهما، وتبين أن العملية الانتحارية التي تمت منذ ١٠ أيام في إحدى مراكز الشرطة في دمشق، قامت بها طفلة لا يتجاوز عمرها العشر سنوات.
وفجرت الطفلة “فاطمة” نفسها فعلاً، وعادت أختها إلى المنزل، لأن الشرطة لم تسمح لها بدخول المركز، كما قال صاحب الحساب الذي يُعتقد أنها “الأم” بحسب وسائل إعلامية، أما الأب هو أبو نمر، وهو معروف كعنصر سابق في جبهة النصرة، من غوطة دمشق. وأكد نشطاء وأبناء المنطقة أن الفيديو ليس مفبركاً، ونشرته الأم تحت عنوان “فاطمة قبل أن تغزو دمشق بيوم” إلا أن العملية لم تسفر سوي عن قتل الطفلة وجرح بضعة عناصر من الشرطة.
وتم رصد عمليات تجنيد واستغلال للأطفال في سوريا والعراق خلال السنوات الماضية، حيث أثر تقدم داعش، وانتشار الجماعات المسلحة على ازدياد تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم ١٢ سنة، يخضعون للتدريب العسكري ويستخدمون للقيام بدوريات لنقاط التفتيش وحراسة مواقع استراتيجية، وفي العمليات الانتحارية وتنفيذ أحكام الإعدام.
وفجر الطفل السوري أبو عمارة العمري، ١١ سنة، نفسه في عملية انتحارية من تخطيط داعش التساؤلات حول استغلال الحكومات والجماعات الإرهابية الأطفال من أجل تحقيق أهدافهم. وقال تقرير للأمم المتحدة أن الشرطة الأفغانية المحلية التي تعمل غالبا بشكل مستقل عن الإشراف المركزى تجند الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر في صفوف القوات الأفغانية الأمر الذي يعد محظوراً بموجب القانون الدولي، كما يتم وصفه بجريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
ولكن الواقع أمر مختلف تماما عن القوانين فهناك أكثر من ٢٥٠ ألف طفل مقاتل حول العالم ٤٠٪ منهم من البنات اللاتي يتم استخدامهن لأغراض جنسية في خدمة المقاتلين الرجال. وتستخدم منظمات حقاني وطالبان، الأطفال من أجل العمليات الانتحارية وتصنيع الأسلحة أو نقلها، وتجند داعش للأطفال من أجل أسباب مختلفة من أهمها دعم فكرة أشبال الخلافة.
وفي اليمن، قال سكان محليون في إن هناك سماسرة ينشطون في حارات العاصمة صنعاء ويستهدفون المراهقين،. وبحسب السكان “كثف السماسرة من نشاطهم منذ أكتوبر الماضي، إذ تفاجأت مئات الأسر باختفاء أحد أبنائها وتم إبلاغهم أنه أصبح مع “المجاهدين”، وهو الاسم الذي تطلقه جماعة الحوثي على مقاتليها.
وكشفت مصادر أمنية لـ”العربي الجديد” أن صفقات جلب المجندين تدار من قبل سماسرة على تواصل مع مشرفي جماعة الحوثي في جبهات القتال، حيث تدفع الجماعة قيمة كل مجند يتم جلبه ١٠٠ ألف ريال يتم اقتسامها بين السمسار والمشرف الحوثي في جبهة القتال.
وكانت إفريقيا هي الأكبر في حصيلة الأطفال المقاتلين حول العالم، حيث هناك ١٢٠ ألف طفل مقاتل في إفريقيا أي ٤٠٪ من كامل عدد المجندين الأطفال في جميع أنحاء العالم والذين يتم استخدامهم كدروع بشرية وجواسيس في الحروب الأهلية في إفريقيا ويتم إجبارهم على قتل أفراد من عائلاتهم إذا لزم الأمر. كما يستخدمون الفتيات الصغيرات في أعمالهم الإرهابية كما حدث في فبراير الماضي السابق حينما أرسلت جماعة بوكو حرام الإرهابية ثلاث فتيات إلى مخيم للجنود الهاربين منهم وعندما اطمأن لهم الجنود فجرت بنتين منهن نفسيهما في المخيم الأمر الذي أسفر عن مقتل ٨٥ قتيلا وإصابة ٧٨ شخصا.
وفي الصومال، فقد اعتقلت قوات الأمن في بونتلاند، العشرات من الأطفال الجنود بعد القضاء على محاولة توغل مسلحي حركة الشباب، وأصدرت أحكام إعدام بحق اثني عشر طفلا منهم، وعلقت بعدها ليلي زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة إنها حصلت على تأكيدات من سلطات بونتلاند أن تلك الأحكام لن تنفذ. حيث حثت زروقي السلطات على إعادة دمج الأطفال الجنود السابقين في المجتمع ووقف ما يتعرضون له من وصمة العار وسوء المعاملة:
“نحن بحاجة إلى التأكد من إصلاح المشكلة والتعامل مع الأطفال بطريقة لا تسمح بإضفاء وصمة عار عليهم أو تعرضهم للأذى عند عودتهم إلى المجتمع، وألّا يتركوا في الشوارع.”
أما جمهورية إفريقيا الوسطى، يتم تجنيد الأولاد والبنات منذ سن ٨ سنوات، ويتم استخدامهم من كل أطراف الصراع، وفي الحرب بين الأعراق والصراعات الدينية. أما الكونغو، فقد وثقت الأمم المتحدة قضايا جديدة لتجنيد الأطفال في الأجزاء الشرقية من البلاد من بداية سن ١٠ سنوات، كمقاتلين، ويتم استخدام البنات في أغراض جنسية.
وذكر تقرير اليونيسف في بداية عام ٢٠١٦، أن عدد الأطفال الذين يتم استخدامهم في العمليات الانتحارية في نيجيريا زاد من ٤ أطفال في ٢٠١٤ إلي ٤٤ في ٢٠١٥، وأن ٧٥ ٪ من هؤلاء الأطفال بنات.
كما حذرت اليونيسف من أن الأطفال الذين يهربون من المنظمات الإرهابية بعد تدريبهم غالبا من تكون حياتهم في خطر، وأن الأطفال الذين يولدون نتيجة عن الاعتداءات الجنسية التي يرتكبها أفراد تلك المنظمات يتعرضون لأشكال من التمييز العنصري ويلحق بهم العار في بلداتهم. حيث يتم تجنيد عشرات الآلاف من الأولاد والبنات من الجماعات والقوات المسلحة في الصراعات في أكثر من ٢٠ دولة حول العالم منهم من كانوا ضحايا، وشهود، وتم إجبارهم على المشاركة في أفعال وحشية مشينة.
وقالت نائبة الرئيس التنفيذية يوكا براندت، في تصريحات صحفية: “إن الاستثمار في الحفاظ على هؤلاء الأطفال بعيدا عن الخطوط الأمامية، ويشمل ذلك الدعم التعليمي والاقتصادي، هو شئ في غاية الأهمية من أجل مستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم”.
فيما علق مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن مواصلة تنظيم داعش الإرهابي لجرائمه ضد الأطفال واستغلالهم في إعدام ضحاياه وفي العمليات الانتحارية، يعد مؤشرًا على ارتفاع درجة اليأس لدى قادة التنظيم الذي يعاني صعوبة في تجنيد منفذي هذه العمليات.
مصريات