حينما نطقت أرملة عراقية أمام إرهابيي داعش بأن “الإرهاب” قتل زوجها، تعرضت للركل والضرب وكسروا أسنانها ووضعوها بحجرة مع الفئران والحشرات، وبجانب اغتصابها لمرات لا تستطيع حصرها، وعانت لهذه اللحظة من أثار نفسية مدمرة. كلمة واحدة خاطئة قالتها لأحد مقاتلي داعش في الموصل العام الماضي كانت كفيلة بإطلاق شرارة سلسلة من الأحداث المروعة لهذه المرأة لدرجة ارتعادها خوفا حتى بعد الفرار من قبضة التنظيم.
خضعت الأم للفحص والتدقيق كي تحصل على معاش من التنظيم الإرهابي بعد بضعة أشهر من سيطرتهم على المدينة الواقعة في شمال العراق عام 2014 وتحويلها إلى عاصمة لخلافتهم المزعومة.
وقالت في مقابلة الثلاثاء في مخيم تديره الحكومة في الخازر شرقي الموصل “ارتكبت خطأ بإبلاغهم أن زوجي راح ضحية للإرهاب. ضربني أحدهم وكسر أسناني.”
حبسها مقاتلو التنظيم في غرفة قذرة مع الفئران والحشرات. وقالت إنهم عصبوا عينيها وقيدوا ذراعيها وساقيها بالسلاسل بينما قام أحد الرجال – أو ربما العديد.. فهي لا تستطيع أن تدري – باغتصابها مرارا وتكرارا.
ولا سبيل للتحقق من روايتها لكنها عكست تجارب أخريات تخرج إلى النور مع خروج مدنيين من أكثر المدن سكانا يسيطر عليها المتشددون على الإطلاق وصراعهم مع آثار معاناة دامت عامين ونصف العام.
كما قالت فتاة عمرها 13 عاما لرويترز أيضا شريطة عدم الكشف عن هويتها أن والدها زوجها قبل أربع سنوات لجار يكبرها سنا بكثير تبين أنه يعمل مع داعش.
وأضافت المراهقة النحيلة وهي تقبض على حافظة نقود مطرزة إنه هددها بقتلها وسمح لإخوته بالاعتداء عليها جنسيا.
وبعد فرارها من الموصل قبل بضعة أسابيع علمت أنه فر هو الآخر إلى مخيم قريب وأبلغت السلطات فاعتقلته. لكن رباط الزواج لا يزال موصولا بين الاثنين.
فرت الأرملة البالغة من العمر 37 عاما الشهر الماضي إلى مخيم الخازر حيث تتلقى مساعدة نفسية من صندوق الأمم المتحدة للسكان التابع للأمم المتحدة بشان العنف على أساس النوع الاجتماعي. وطلبت عدم ذكر اسمها خوفا من الانتقام وارتدت نقابا لم يكشف سوى عينيها.
وعندما أفرج عنها التنظيم الإرهابي بعد الاعتداء عادت المرأة النحيلة إلى منزلها وهي تظن أن مأساتها انتهت.
وأرسلت طفليها الصغيرين – اللذين يبلغان الآن تسعة وأحد عشر عاما – ليقيما مع أقارب في مدينة أربيل الكردية القريبة وخططت للحاق بهما بمجرد أن تتمكن من توفير المال اللازم لتهريب نفسها وابنها الأكبر.
لكنها بعد بضعة أسابيع اكتشفت أنها حامل من أحد معذبيها من التنظيم. وإضافة إلى الصدمة التي تعاني منها جراء اغتصابها فإنها تخشى الوصمة التي تلحق بالنساء اللائي يلدن دون زواج في المجتمع العراقي المحافظ. وخلال شهرين سارعت بالزواج من رجل وافق على اعتبار الطفل الذي ستلده ابنه.
“الموت جوعا أو الزواج”
قالت المرأة التي كانت تجهش بالبكاء بين الحين والآخر ويداها تحت عباءتها الفضفاضة “كانوا يجبرون الأرامل على الزواج. كانت هذه إحدى قواعدهم: إما الموت جوعا أو الزواج.”
بيد أن زوجها الجديد كان لديه ماض مضطرب هو الآخر. فالطالب بالسنة النهائية بكلية الهندسة حكم عليه بالسجن فيما له صلة بجريمة شرف قبل أن يستولي التنظيم على الموصل. وفي السجن صادق المتشددين الذين ساعدوه على الفرار عندما هزم التنظيم القوات الحكومية في 2014.
وبعد قليل من زواج الاثنين وجه مقاتلو التنظيم للرجل إنذارا: إما تقاتل معنا أو سنقتلك. رضخ ووجدت زوجته الجديدة نفسها عائدة إلى براثن المتشددين.
وعندما علمت عائلتها التي تعيش خارج الموصل أنها الآن متزوجة من عضو بداعش قطعوا جميع الصلات بها. وأخذ شقيق زوجها الراحل حضانة طفليها الصغيرين ونقلهما إلى بغداد متعهدا بألا تراهما مطلقا.
وعندما وصلت القوات العراقية إلى الحي الذي تقطنه الشهر الماضي قالت إنها اعتقلت زوجها الجديد للتحقيق في صلاته بالإرهابيين.
وأخذت ابنها الأكبر معها إلى المخيم لكنها تركت الرضيع الذي يبلغ الآن عاما واحدا فقط مع الزوجة الثانية لزوجها الجديد التي لا تزال في الموصل. ومصيره ومصير المئات أو ربما الآلاف من الأطفال الذين ولدوا لمتشددين لا يزال مجهولا مع فقد التنظيم الكثير من الأرض التي يسيطر عليها وتبخر حلمه ببناء دولة.
وقالت الأم عن عائلة الزوجة الثانية “تعتقد أن هذا هو ابن والدهم ..هم لا يعرفون الحقيقة. الطفل لا يشبهني.”
وعقدت العزم ألا تعود مطلقا إلى الموصل حتى إذا تم القضاء على داعش. وأضافت “أريد الذهاب إلى مكان بعيد لا يعرفني فيه أحد.”
وكالات