نبال زيتونة
سفير السلام أو “سفير النوايا الحسنة”، مرتبة شرف رفيعة يمنحها الأمين العام للأمم المتحدة لمواطن عالميّ لمدة ثلاث سنوات.
بدأ هذا التقليد عام 1953، مع ازدياد الحاجة إلى تفعيل دور الأمم المتحدة في إرساء دعائم السلم العالميّ، ومحاربة الفقر والجهل وغيرها من الكوارث الإنسانيّة،
حيث تلجأ منظمة الأمم المتحدة للتعاون مع شخصيّات عامة لها مكانتها في منطقتها للقيام ببعض الأعمال الإنسانيّة، وهي ليست صفة سياسيّة دبلوماسيّة.
وتتلخّص أهداف هذا البرنامج في دعم مختلف القضايا التي تعالجها الأمم المتحدة، سواء أكانت اقتصاديّة، اجتماعيّة أو متعلقة بالصحة والغذاء..
أمّا الغرض من استخدام المشاهير فهو أنّ شهرتهم تساهم في نشر الوعي والدعم في قضايا اللاجئين والأطفال وتمكين المرأة، وقضايا والتنمية المستدامة.
ولعل من أبرز معايير اختيار سفراء السلام والنوايا الحسنة: الشهرة على النطاق المحلي والعالمي، إذْ تقدم الشهرة بعض المزايا الواضحة في الاضطلاع بأدوار معينة، كجذب الاهتمام، وتركيز أنظار العالم على الاحتياجات الإنسانيّة، سواء كان ذلك في بلدانهم، أم بزيارة مشروعات ميدانية وبرامج مواجهة حالات الطوارئ في الخارج، فهم الأقدر على تقديم رسائل مباشرة لأصحاب القرار لإحداث التغيير المطلوب، ويستطيعون توظيف مواهبهم وشهرتهم في جمع التبرعات لمشاريع الدعم والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في الصحة والتعليم والمساواة والحماية.
كما يساهم ظهورهم العلني، واتصالاتهم بوسائل الإعلام العالمية، وأعمالهم الإنسانية، بالمساعدة في نشر الوعي والتعريف بأفكار المنظمة وأهدافها.. وتقوم هذه الشخصيات البارزة، رسل السلام وسفراء النوايا الحسنة، باستخدام أسمائها وسمعتها الطيبة وطاقاتها للدفع من أجل عالم أكثر سلماً، وتتطوع بوقتها، وموهبتها، من أجل زيادة الوعي بجهود الأمم المتحدة لتحسين مستويات الحياة للإنسان في كل مكان.
لقد حفل سجّل هذه المنظمة بأسماء الكثير من مشاهير الرجال والنساء، على امتداد سنواتٍ من عمرها. و سيقتصر بحثنا اليوم على دور بعض النساء، وما قدمنه من إضافات يمكن أن تحدث فرقاً فيما يخصّ القضايا الإنسانيّة.
أنجيلينا جولي:
ممثلة أمريكيّة من مواليد لوس أنجلوس عام 1975، هي الأكثر شهرةً والأكثر حصداً للجوائز. عرفت بأعمالها الخيريّة الكثيرة، وتشغل حاليّاً منصب سفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
توجّهت أنظارها إلى الأعمال الخيريّة مذ رأت الفقر المدقع في كمبوديا خلال تصويرها أحد أفلامها، وخلال عملها كسفيرة للنوايا الحسنة زارت مخيّمات اللاجئين في أكثر من عشرين دولة، من بينها: لبنان، الكونغو، الأردن، تركيا والعراق.. وعرف عنها أنّها تصرّ على دفع نفقات سفرها من مالها الخاص، كما تخصّص ثلث دخلها من الأفلام السينمائيّة للأعمال الإنسانيّة، وكانت أوّل من نال جائزة “مواطن العالم” التي تقدّمها رابطة المراسلين الصحفيين في الأمم المتحدة عام 2003.
هباتها عديدة ومتنوّعة بين مبالغ ماليّة ومواد طبيّة وأغذية، توزّعت على مخيّمات اللجوء في بلدان عديدة، منها: باكستان، لبنان، تركيا، أثيوبيا والعراق.. وتعتزم إنشاء عيادة طبيّة لمكافحة الإيدز في أثيوبيا.
تتالت زياراتها إلى مخيّمات اللاجئين في أنحاء العالم، من لبنان والأردن وتركيا إلى كينيا والعراق وأثيوبيا، وزارت الصومال، أفغانستان، تنزانيا، السلفادور، دارفور وغيرها من المناطق المنكوبة. أسّست مع براد بيت مؤسّسة “جولي” الخيريّة لمساعدة ضحايا الأزمات والمجاعات والقضايا الإنسانيّة حول العالم. حصلت على لقب “نجمة الإنسانيّة” عام 2007، كما منحت جائزة “جان هيرشولت الإنسانيّة” عام 2013، تقديراً لأعمالها الإنسانيّة على مدى سنوات. لديها سبعة أولاد، أربعة منهم بالتبنّي، من كمبوديا، أثيوبيا، فيتنام، وآخرهم سوريّ من مخيّم للاجئين في تركيا. ومن الوشوم الكثيرة المنقوشة على جسد جولي كلمة “العزيمة” باللغة العربيّة على باطن ساعدها الأيمن.
منى أبو سليمان:
أوّل مذيعة سعوديّة تظهر على الفضائيّات العربيّة، من مواليد عام 1973، حاصلة على دكتوراة في الأدب الإنجليزي، وهي أول امرأة سعودية يتمّ تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، كما عينت سفيرة لمنظمة اليونيسيف لتوعية نساء وأطفال اليمن بمخاطر التسمم بالكزاز.
اختيرت منى مرات عدة، كأكثر نساء العرب تأثيراً، من خلال شخصيتها الإعلامية المؤثرة، وعملها الإنساني عبر مؤسسة الوليد بن طلال التي بقيت أمينتها العامة لست سنوات.
شاركت في الحملة الإنسانية إثر فيضانات جدة، وبأعمال الإغاثة في باكستان، والكثير من الأعمال الإنسانية، وكانت متحدثة في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، ومنها منتدى الاقتصاد العالمي حول المرأة، الإسلام، الإعلام والاقتصاد.
مثَّلت منى تطلعات المرأة السعودية وقدرتها على النجاح والتفوق، وغيَّرت الكثير من الصور النمطية التي وسمت بها نساء بلادها.
ميعاد حسين سهر:
المرأة التي “خرجت من جذور الطين” كما تقول عن نفسها، من كربلاء، كانت أوّل امرأة عراقيّة تحصل على لقب سفيرة النوايا الحسنة في مجال حقوق الإنسان والصحّة النفسيّة من المعهد الكنديّ للعلوم والصحة التابع لمنظمة الأمم المتحدة. تعمل في مجال التربية والتعليم، وهي من النساء الرائدات اللاتي كافحن لشقّ طريقهن وخدمة وطنهن.. حقّقت نجاحات في مجال محو الأميّة، الصحة النفسيّة، حقوق الإنسان والسلام.
بهيّة الحريري:
لبنانيّة من مواليد صيدا عام 1953، سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة اليونسكو للإرادات الطيّبة مدى الحياة. نائبة في البرلمان ووزيرة في الحكومة اللبنانيّة، لها أيادٍ بيضاء في سلك التربية والتعليم، معلمة ووزيرة ورئيسة للجنة التربية والتعليم في البرلمان، وعضو في مجلس أمناء الجامعة اللبنانيّة – الأمريكيّة.
من أعمالها إطلاق مرصد المرأة العربية عام 2010، وهو مبادرة مشتركة بين مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإيسكوا) والبنك الإسلامي للتنمية، بهدف تمكين “المرأة العربية” للقيام بدور أكثر نشاطاً في عملية التنمية الإقليمية، ورصد أوضاع النساء العربيات وتحديد الثغرات والانتهاكات المتعلقة بحقوقهن.
عام 2013، قامت بإنشاء “صندوق القيم الوطنية” لمئوية لبنان الكبير، ويهدف إلى تمويل الدراسات والاستراتيجيات اللازمة لرؤية لبنان 2020 نحو الدولة المدنية الحديثة.
كما أسست لجائزة “السيدة خديجة بنت خويلد لسيدات الأعمال العرب”، التي أطلقت في منتدى جدة الاقتصادي عام 2003، لدعم المرأة العربية وتعزيز ما تبذله من جهود ومبادرات على الصعيدين المحلي والدولي.
مناصرة تعزيز مكانة المرأة في المجتمع العربي والمناداة باعتماد القوانين التي تحمي المرأة وتساعد على تحررها:
نداء بيروت: إعلان الثامن من آذار 2002 يوماً للتضامن مع المرأة الفلسطينية والانتفاضة، والطلب من القادة العرب دعم مشاركة البرلمانيات في القمة العربية في آذار 2002.
نداء الكويت: إعلان الأول من شهر شباط يوم المرأة العربية، تشرين الأول 1999.
نداء تونس: نداء بعقد قمة المرأة العربية في مطلع الألفية الثالثة، تشرين الثاني 1999.
هيا بنت الحسين:
تم تعيينها رسول سلام للأمم المتحدة عام 2007، اشتهرت بالتزامها بمناصرة القضايا الإنسانية، وعملت سفيرة للنوايا الحسنة في برنامج الأغذية العالمي عام 2005.
كانت أول سيدة عربية تشارك في مسابقات الفروسية في أوروبا على المستوى الأوليمبي والعالمي، وهي عضو اللجنة الأوليمبية الدولية. وقد عملت هيا على تعزيز القضايا المتعلقة بالصحة والتعليم والرياضة بين الشباب في العالمين العربي والإسلامي. وكرست جهودها لتقديم يد العون من أجل زيادة الوعي العالمي بالأهداف الإنمائية للألفية، بما في ذلك استئصال آفة الفقر والجوع الشديدين.
منى واصف:
ممثّلة ونجمة سوريّة، من مواليد دمشق عام 1942، لها حضورها اللافت على الساحة العربيّة، نالت لقب سفيرة النوايا الحسنة عام 2002. تقلّدت منصب نائب رئيس اتحاد الأدباء عام 1991، شاركت كمحكّمة في لجان التحكيم في مهرجانات عدّة للمسرح والسينما والتلفزيون، ونالت العديد من الجوائز والميداليّات والأوسمة. جودة أعمالها وتنوّعها جعلتها تحتلّ مكانة عالية لدى جمهورها.
صفية العمري:
ممثلّة مصريّة، من مواليد عام 1949، تخرّجت من كليّة التجارة درست اللغة الروسية وعملت كمترجمة. لها الكثير من المسلسلات والأفلام. تم اختيارها عام 1997 سفيرة للنوايا الحسنة بالأمم المتحدة، واعتذرت عن منصبها احتجاجاً على الحرب على لبنان عام 2006.
ماجدة الرومي:
مطربة لبنانيّة، عرفت بأيقونة الموسيقا العربية الشعبية، اختيرت سفيرة للنوايا الحسنة عام 2001. “إنّ الموسيقى أعلى صوتاً من الكلمات.. وسأستخدم موسيقاي وصوتي لأسمع صوت المحتاجين..”، بهذه الكلمات عبرّت ماجدة عن التزامها ومسؤوليتها في حمل هذا اللقب.
وإضافة إلى سلسلة من أعمالها الناجحة، شاركت الرومي طوال سنوات في مناسبات خصصت لحرب المنظمة ضد الجوع في العالم، وظهرت في العديد من البرامج والحفلات لتوعية الناس بحملة الغذاء للجميع. وحلّت بصفتها سفيرة للنوايا الحسنة ضيفة شرف في مؤتمر الأطفال العرب في عمّان، كما حضرت مؤتمر القمّة العالمي للأغذية عام 2002. وإلى جانب ظهورها في لقاءات تلفزيونيّة عدة، أقامت عدّة حفلات موسيقيّة لنشر الوعي وجمع الأموال دعماً للمنظمة.
دي دي بريدج ووتر:
مغنيّة الجاز الأمريكيّة، اختيرت سفيرة للنوايا الحسنة عام 1999، فأرادت تسليط الأضواء على قصص الأمل من مختلف أرجاء العالم، والتذكير بأنّ الجوع ليس مسألة إحسان، بل مسألة عدالة وتضامن.
حصلت دي دي بريدج على العديد من الجوائز ووسام الاستحقاق الوطني ووسام الفنون والآداب، ظهرت لها صور تستعين فيها بمضخّة يدويّة لتجميع المياه من إحدى الآبار التي جرى حفرها بفضل برنامج المنظمة الخاص للأمن الغذائي في السنغال. عملت كداعية نشطة وملتزمة بأهداف المنظمة في العديد من البرامج التلفزيونيّة، وأقامت حفلات موسيقيّة لنشر الوعي، وشاركت في برامج تلفزيونيّة لجمع الأموال لها.
صوفيا لورين:
من مواليد عام 1934، ممثلة إيطاليّة ووجه بارز في إيطاليا، من مشجعي نادي نابولي والداعمين له، وسفيرة النوايا الحسنة لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتّحدة.
ولدت صوفيا لأم فلسطينيّة، وعملت في خدمة الطاولات وغسل الأطباق في حانة جدّتها بعد الحرب العالميّة الثانية. سطع نجمها في هوليوود أواخر الخمسينات، وكانت تعدّ ملكة الإغراء، حازت لقب أجمل امرأة إيطاليّة، ولقب أميرة البحار في الرابعة عشرة من عمرها.. لها العديد من الأفلام والأغاني، ونالت العديد من الجوائز، وأهمها جائزة الأوسكار.
طفولتها البائسة وظروف حياتها الصعبة مكنتها من التغلّب على الصعاب وتحقيق الشهرة والنجاح، وعلى ذقنها تحمل بعض آثار الحرب العالميّة الثانية إثر شظايا أصيبت بها.
قائمة الأسماء تطول وتطول، لكنّ الحصاد ليس بوافر!