رولا الخش*
خلخال
أعبرُ جنوني بهدوء
لئلا أوقظ فيه أشباحاً ساكنة
قد هرمتُ بما فيه الكفاية
على تخطّي الرقص
**
الرقصُ
لم يعد ممكناً
إلا بعدَ نوبة تامة
من البكاء
**
العمرُ يستلقي على موتهِ ويدندن
ينحني على أصابعِ قدميه الصغيرة
و ينفجر بالضحك
عطش
(1)
أنا لا أبكي الحزنَ إنما
أبكي الفرحَ القليلَ به
(2)
لم يعد الحزن أنيقاً كما كان
صار كلما شتمتهُ يعود
(3)
يحنو عليكِ كل مافيك
و كلّ ما فيكِ يوجعك
(4)
أنا المحكومة بالخريف
الإنسان المؤجل
حتى يُطلقَ الصيف
موائدَ التفاح
(5)
الحزن
لا يدخل شغاف القلوب المنخورة
خالية الفرح
إنه الحزن
لا يهوى الضجيج
شاطىء
هيّأتُ ما تيسّرَ مني كي أعودَ إلي
هيّأتَ ما تيسّرَ منكَ كي تعودَ إليك
هكذا
يحتفي الغيابُ بالغياب
شبابيك
(1)
إن تدانى المـــدُّ و صرتُ جزراً
فبأيِّ آلاءِ ماءٍ أتيمّم
وإن تدانى الموجُ و صرتُ هودجاً
فبأيِّ آلاءِ يمٍّ أتسامى؟
(2)
إن صفّقتْ لكِ الريــح
لا تبسطي لها يديكِ
حتـّـى وإن بسطت
(3)
إن جاورتــكِ الريــح فــلا تـفزعــي
يكفيكِ عــلماً
أنها عابرة
(4)
الندمُ
صنيعةُ القلق, و القـلقُ صنيعةُ العاجز
و حدوةٌ فــي قــدمٍ ضاقــت علــى حذاءٍ
لــم يــعرف
طــريقَ القصــب
و القصبُ
خــلخــالُ نهرٍ
عــرّشت عــلى جــديلتــهِ
عنــاكــبُ الـقصــب
الــندمُ عــكازُ
عــرجت عــليهِ ريــح
مــن بوابــةِ الأحمق
(5)
لا بــدَّ
من الغيابِ دهراً
عن الزمنِ المستوحش
لا بــدَّ من
خربشةِ العقارب
يــقول الوقت
غــرباء
1
عندما تغفو المدينة
انهضُ
لأرسمَ شكلَ التعب
ينهضُ آخرون
لتصيّد النجوم
والنجوم تابوت
الشمسُ وراءَ الأفقِ مغزل
يبتلعُ القمر
وينثر جثّتهُ شظايا
يخالها الميّتون
ضوءاً
2
شاءتِ الصدفة
أن أولدَ في تلك البقعةِ من الأرض
و أن أحملها إثمــاً
كالجنين
في أحشائي
3
تــلكَ الــبلادُ التي نحنُّ إليها
لــطالما تــكسّرتْ على طــرقاتها العرجاء
أحذيتنا المغشوشة
4
كان للغربةِ سرير
في سقيفةِ بيتنا
بــعد أن فارقنا
صرنا نحنُ السقيفة
5
أمامَ الشاشة
لكلِّ صرخةٍ رصاصة
تأكلني عيناي
يمضغني صوتي
وما إن ألعنَ بُعدَ المسافة
حتّى يخشخشَ الجلادُ في صدري
مفاتيحه
6
ما رأيكَ أن نتبادل المعاطف
حتى لا يبقى الحنينُ عارياً
في السفر
7
لن أنزحَ عنك
ولا إليك
ببساطة شديدة
أنتَ في قلبي
8
الوطن خريطة قلب
لا محلَ لها من الجغرافية
9
الحنين
طفولة عابثة
وحبٌّ غبي
10
الاغترابُ
ليسَ وطناً
لكنّهُ شكلٌ من أشكالِ التداوي
أفكر
أهرب
أغصُّ
أعودُ
أقف خلف النافذة
أرنو إلى البعيد
أضعُ يدي على ثغري
كمن يحاولُ صرخةً ترتدُّ
بخطواتٍ مُتثاقلة أمشي
في غرفتي الصغيرة الحبلى معي
بالأخبار
بأقلام الأطفال المكسورة
أبكي
أضحك
أخفضُ رأسي
أرفعُ رأسي
أقف
أدورُ حولَ نفسي
ثم أهوي مُغمضة
يتصاعدُ صوتها
/موسيقى/
يتسرّبُ من خلفِ الجدرانَ
أرتعش
تُهدهدُ يديَّ أصابعَ عود و تحملني
نحو الجدار
نمتزج في اتحاد حلم
” هل أراك
في علاك
تبلغ السماك
تبلغ السماك
موطني…”
11
حدّثونا كثيراً
عن حبِّ الأوطان
لم يحدثونا كثيراً عن الإنسان
وعن الشعوب التي هجرتها
أوطانها
12
علّموني
أن الوطن
هو المكان الذي أدفنُ فيهِ
بعدَ موتي المديد حسرةً عليهِ منذُ الولادة
“شكراً لكم”
13
البلادُ أيضاً تُهاجر
تُعلن استقالتها عن المجتمعِ الوطني وتنتمي
لـ- اللاانتماء
14
البلادُ اليتيمة أم
ماتت وحيدة
في مُستشفى حكومي
* شاعرة سورية مقيمة في السويد
القصائد من ديوان جديد للشاعرة بعنوان “نحو الزمن إلا خطوة”