كريمة رشكو
تطلق شبكة المرأة السورية مؤتمرها الإلكتروني، وهو المؤتمر الثالث للشبكة بعد مؤتمر استوكهولم التحضيري والقاهرة التأسيسي، الذي أعلن فيه عن إطلاق الشبكة. ويأتي المؤتمر الإلكتروني بعد سنتين من العمل المتواصل الذي تلا اجتماع استوكهولم في شباط 2013، حيث توافق المؤتمرون في استوكهولم على ضرورة إطلاق شبكة للمرأة السورية وتحضير مؤتمر تأسيسي لها، وقد انبثق عن ذلك المؤتمر لجنة تحضيرية اجتمعت في عمان بتاريخ 8-3-2013 وأقرت تسمية الشبكة باسم شبكة المرأة السورية “نساءشمس”، اعتماد الصياغة النهائية لأوراق المؤتمر وأهدافه، وضع أسس النظام الداخلي، الدعوة لعقد المؤتمر التأسيسي في القاهرة ما بين (23 إلى 25)أيار 2013 لإطلاق عمل الشبكة، وأخيراً دعوة المنظمات السورية والشخصيات السورية المستقلة الداعمين لأهداف الشبكة.
وعادة ما تواجه منظمات المجتمع المدني القمع في ظل الأنظمة الديكتاتورية، لأهميتها في توعية الشعوب وتمكينها من الانفتاح على حقوقها والدفاع عنها، وهذا ماقام به نظام الأسد للسيطرة على كافة جوانب الحياة في سوريا. وبعد انطلاقة الثورة السورية، ظهرت الكثير من المؤسسات في الداخل والخارج، من بينها شبكة المرأة السورية،المنظمة غير الحكومية، التي تعمل على نشر ثقافة الجندر والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعمل كذلك على تضمين الدستور والقوانين السورية المساواة التامة. تتضامن الشبكة مع النساء السوريات عامة، وتعمل على الضغط والتحشيد من أجل قضاياهن، وهو ما فعلته بخصوص المعتقلات السوريات، حين أطلقت حملة “سوريا وطن لا سجن” بهدف الضغط على جميع الأطراف المشاركة في مؤتمر جنيف2 بخصوص بنوده المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين.
تؤكد السيدة “جمانة سيف” عضو لجنة المتابعة والتنسيق في الشبكة بقولها عن المراحل الأولى لتأسيس الشبكة: “لقد حضرت مؤتمر استوكهولم في شباط 2013، بوجود عدد كبير من المنظمات والشخصيات المستقلة، حيث تم النقاش والحوار حول الرغبة في التعاون والاستفادة من خبرات البعض من الحضور والتشبيك بين المنظمات، وعليه تم التوافق على تأسيس الشبكة، التي هي التشكيل الأمثل لهذا التجمع. وقد تم تحديد اللجنة التحضيرية لكتابة المشروع والنظام الداخلي وبرنامج المؤتمر التأسيسي والتخطيط والدعوات”. وتعقب “سيف”: “تم بالفعل في أيار ٢٠١٣ تأسيس الشبكة في القاهرة، بحضور عدد كبير من المنظمات الحقوقية والمدنية والإنسانية، وكذلك شخصيات مستقلة. أحلامنا كانت ولا تزال كبيرة، فقد كان من ضمن أهدافنا تحقيقالمشاركة الفاعلة للمرأة في جميع الهيئات السياسية والفكرية والاقتصادية والتشريعية، وتضمين الدستور والقوانين لحقوق الإنسان والمواطنة التامة، ونشر الوعي والتعريف باتفاقية سيداو” .
مضيفة أن: “النقطة الأساسية في ظل هذه الظروف هي إيصال صوت المرأة للمنظمات العالمية الحقوقية والمحافل الدولية، فالجميع يعمل بكل طاقاته وضمن الظرف المتاح، وكل المنظمات المنضوية تحت ظل هذه الشبكة تقريباًتعمل. حتماً هناك منظمات أنشط من غيرها،كل حسب ظرفه،بالنظر إلى ظروف منظمات الداخل والمشاكل التي تعيق أعمالهم، من انعدام وسائل الاتصال والقدرة على التشبيك، والاضطرار للهجرة المستمرة وتشتت الأعضاء” .
حول مهام الشبكة وأنشطتها تقول: “مهمتنا هي تحقيق التقاء وتشابك المنظمات قدر المستطاع،نمتلك في الشبكة فرصة العمل معاً والاستفادة من خبرات بعضنا البعض، مع الإشارة إلى أن الميزة الأساسية للشبكة هي العمل التطوعي، سواء من المنظمات أو من الأعضاء، وهذا بحد ذاته مهم لنشر لثقافة التطوع بين الشعب، واستمرارية الشبكة منذ عامين على هذا الشكل هي بحد ذاتها إنجاذ كبير برأيي” .
وعن بعض النشاطات تفصل “سيف” بقولها: “في العام الماضي قمنا بإطلاق حملة للتضامن مع المعتقلين، هي حملة “سوريا وطن لا سجن”، شاركت فيها الكثير من المنظمات والشخصيات، وقد أقمنا مؤتمرات صحفية ومحاضرات حول ذلك.كذلك المشروع التعليمي الذي دعت إليه الشبكة، والذي كان بالفعل ناجحاً، ولدينا طموح في الاستمرار فيهإلى جانب المشروع الإعلامي بالمشاركة والتعاون مع مجلة مجلة سيدة سوريا.أما على صعيد المشاريع الكبيرة فلم نتمكن من تنفيذها إلى الآن نتيجة الظروف والمتغيرات وانتقال الأعضاء الدائم من مكانهم وغياب الاستقرار” .
وتختم بالحديث عن المؤتمر الإلكتروني الجاري عقده حالياً “رغم كل المتغيرات والوضع الراهن”، مشيرة أن”الشبكة ستقوم بانتخاب لجنة متابعة جديدة”.
تقول السيدة “هيام شيروط “عضو المؤتمر التأسيسي”: “مشاركتي كانت للتعرف على نساء سوريا والإطلاع على تجاربهم في العمل المدني، مؤتمر القاهرة كان ضرورياً لتتمة العمل الذي بدأناه في استوكهولم”، تضيف: “هدفي من وجودي في الشبكة أن يكون للمرأة دور في وقف العنف وإيجاد خطة للمرحلة الانتقالية”، وترى أن “الشبكة قامت بدورها رغم كل العثرات، التي يذكر منها عدم الاستقرار في سوريا،حيث الأعضاء متشتتون مابين دول الجوار وأوروبا، ورغم ذلك فإن الشبكة مصرة على النجاح، من خلال عمل لجانها العشرةالتي تبذل جهداً مستمراً لتحقيق ذلك”، مضيفة أن “الشبكة تمكنت من أن تكون كياناً جامعاً للمنظمات النسائية،أقامت دورات توعية لمشاركة النساء في العمل السياسي وخاصة فئة الشباب، إضافة لدورات تأهيلالكوادر التعليمية في المخيمات، والقيام بحملات في دول الغرب بالتعاون مع المنظمات النسائية في تلك البلاد”. وأن “المرأة السورية تلعب دوراً مهماً في ترسيخ مفهوم السلام ووضع أسس الدولة الجديدة، ونحن نطالب بالكوتا، ونأمل أن تصل نسبة تمثيل النساء السوريات إلى 50%، ليكون لهن دور في كتابة الدستور وضمان حقوق المرأة فيه”.
السيدة لينا الوفائي ،عضو شبكة المرأة السورية، تقول: “يكتسب العمل المدني في سوريا أهميته بسبب عدم تواجده في ظل النظام وقمعه خلال 40 عاماً من حكمه،فالمؤسسات التي كانت موجودة كانت مرتبطة بالنظام وغير مستقلة، لذلك لم أؤمن بالمجتمع المدني في تلك المرحلة لعدم استقلاليته. شبكة المرأة السورية ستساهم في تشكيل سوريا مدنية ديمقراطية، تتمكن المرأة فيها من المشاركة في كافة الهيئات. طريقنا طويل حتماً،فالشعب السوري يعاني التشتت، لذلك فإن العمل في الداخل صعب، لضعف القدرة المادية وعدم توافر الإنترنت وصعوبة العمل بوجود التطرف، لكن الشبكة تسعى لتحقيق أهدافها والعمل على الأرض. هناك مشاريع قيد الدراسة، وهي مشاريع متعلقة بالمرأة والطفل”.
من المؤكد أن النساء السوريات عظيمات ومجتهدات، كل واحدة منهن تعمل حسب ظروفها. لقد شاركت المرأة منذ بداية الثورة وحتى الآن في تحمل المسؤولية تجاه وطنها، وسعت لتحقيق أهدافها وحقوقها، ولا بد أنها ستتمكن بإصرارها من تحقيق كل ما تطمح إليه، هي صانعة الأمل في تجاوز طريق شائك قطعنا منه شوطاً طويلاً وما زال أمامنا الكثير لنستمر من أجله.