إعداد: رشا علوان
جيل كامل من الأطفال السوريين مهدد بالأمية بسبب حرمانهم لسنوات من الالتحاق بصفوفهم الدراسية في إثر العنف الدائر في مدنهم، ومع تقدم “لبنان” في صدارة الدول المستقبلة للاجئين السوريين الذين يشكل الأطفال 50% منهم وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن ما يقارب نصف مليون طفل سوري بحاجة الى التعليم في لبنان.90 ألفا منهم تمكنت المدارس الحكومية العام الماضي من استقبالهم على مرحلتين: صباحية ومسائية؛ حيث أحصت وزارة التربية اللبنانية عدد الطلاب السوريين بـ 88 ألفا مقابل 85 ألف طالب لبناني. تلك الإحصائية دفعت وزير التربية “إلياس أبو صعب” إلى إصدار قرار في بداية مرحلة التسجيل للعام الدراسي 2014 / 2015 يقضي بمنع التحاق الطلاب السوريين بالمدارس اللبنانية، مع ترجيح احتمالية أن يكون هناك مخطط لفتح مدارس بدوام مسائي خاص لهم، وبمنهاج أقرب للمنهاج السوري نظرا لعدم تكيف الطلبة السوريين مع المنهاج اللبناني، مما أثر ذلك سلبا على الطلاب اللبنانيين، وعدم التساوي العلمي بين الطلبة، وكذلك للقضاء على المشاكل المرافقة لتلك الأعداد، ومنها الحاجة إلى كوادر تدريسية، ومدارس واحتياجات أولية وثانوية، حيث يرى إمكانية القضاء على المشكلة وآثارها، غير ملتفت لما يؤول إليه قراره من آثار سلبية في مستقبل جيل بأكمله من الطلاب السوريين الموجودين في لبنان، مما أعقب ذلك القرار انتقادات عدة من الشارعين السوري واللبناني، ولما له من منافاة للحقوق البشرية، فتم تعليق القرار وعدم العمل به للعام الدراسي الحالي 2014/2015.
لم يكن هذا القرار إلا أحد مؤشرات كثيرة تهدد واقع الطلبة السوريين ومستقبلهم في دول العالم، ولاسيما دول اللجوء. وصعوبة الواقع التعليمي للطلاب السوريين لا تقتصر على لبنان وحده من دول الجوار السوري، ففي “الأردن” مع بداية العام الدراسي هناك ما يقارب 40% من الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن لا يلتحقون بالمدارس، و30% منهم تقريبا في “تركيا” بلا تعليم؛ ففي العام الماضي هدد كثير من الطلاب بالطرد من المدارس السورية ذات الاستقلالية السورية في تركيا، وذلك لعدم قدرتهم على دفع أقساط المدرسة أو المواصلات، مما أجبرهم على التحويل إلى الدراسة المنزلية، ومن ثم حرمانهم من الحصول على الحصة الدراسية ليقتصر العام الدراسي على أداء الامتحانات بطريقة غير منتظمة، بالإضافة إلى حالات الغش والاحتيال التي تعرض لها عدد من المدرسين والطلبة، فكانت فكرة المدرسة أفضل الطرق لجمع الأموال بمدارس وهمية تحت أسماء رنانة، لتجد هيئة التعليم في الائتلاف نفسها مجبرة على التحرك بسرعة لتلافي الوضع، وعدم السماح بضياع العام الدراسي على طلاب تلك المدراس بأقل التكاليف، ولا نستطيع التغاضي عن كثير من المدارس التي توقفت عن دفع رواتب العاملين فيها لأشهر إلى أن تم دعمها من قبل الحكومة المؤقتة بمبالغ مالية ضئيلة، ولكن واقع الطلاب السوريين وحاجتهم في عدد من الدول العربية والعالمية للتعليم بوصفه حقا من حقوقهم البسيطة يدفعنا لنسأل: أين هي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من واقع التعليم للسوريين داخل سورية وخارجها؟ حيث تقول المفوضية: “يمثل التوقف عن التعليم مشكلة خطيرة في كل من الأردن ولبنان”، ووفقا لإحصائياتها بأن هناك أكثر من 20% من الأطفال السوريين اللاجئين يتوقفون عن التعليم في لبنان، فعدد السوريين الذين بحاجة إلى التعليم في لبنان عام 2013 -من عمر 6 سنين حتى عمر 17 سنة- بحسب إحصائيات الأمم المتحدة نفسها هو “330 ألفا، علما أن عدد الطلاب اللبنانيين في المدارس الحكومية كلها هو 300 ألف فقط، أما في عام 2014 فأصبح هنالك أكثر من 400 ألف طفل سوري بحاجة إلى تعليم أولي على الأراضي اللبنانية، من بينهم 900 ألف طالب تم استيعابهم في مدراس الحكومية خلال العامين السابقين ليبقى “340 ألف” طالب مجهولي المصير العلمي، في حين إن “اليونيسف” في إحصائياتها الأخيرة تؤكد على وجود 66% من الطلاب السوريين في لبنان لا يذهبون الى المدرسة.
لم يختر الأطفال السوريون أن يعيشوا تلك الظروف القاسية بعيدا عن مدارسهم وبيوتهم في أرجاء العالم ليحرموا من حقهم بالتعليم، فحق التعليم واحد من حقوق كثيرة سلبها النظام وآلة القمع والدمار من أطفال سورية، وعلى الرغم من نجاتهم من الموت والجوع داخل بلادهم فإنهم يواجهون الموت البطيء لمستقبل من دون تعليم .
عن موقع “العهد”