المواطنة والسلم الأهلي والدستور
شهد مفهوم المواطنة تحولاً واسعاً عبر العصور، إذ انتقل من اعتباره امتيازاً قانونياً محصوراً بطبقة محددة من البشر في الإمبراطوريات القديمة، إلى كونه منظومة من الحقوق السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنص عليها شرعة حقوق الإنسان، ولم يعد قاصراً على فئة دون أخرى، بل يشمل جميع الأفراد باعتبارهم مواطنين متساوين في دولهم، يرتبطون بعلاقة تبادلية من الحقوق والواجبات مع الدولة، التي تُعنى بدورها بحماية مصالحهم العامة والخاصة. إلا أن هذا التطور في المفهوم لا ينعكس بالضرورة في واقع كل الدول، ومنها سوريا. فعلى الرغم من احتواء الدساتير السورية على مواد تؤكد مبدأ المواطنة، بقي الحق في المواطنة، وحق التعددية في العمل معاً بشأن أمور تهم كل فرد على قدم المساواة، متعلقاً بإشكالية وجود الاستبداد الذي لا ينكر المواطنة فحسب، بل يعارض المبدأ لقيامها (بحسب ما تبينه حنة أرندت). ويزداد الامر تعقيداً بالنسبة لسوريا أنها شهدت حرباً قاسية أدت إلى الكثير من الدماء والدمار والتشظي المجتمعي على أسس سياسية ودينية وطائفية ومناطقية، وغيرها. مما غيب إمكانية تحقيق السلم الأهلي في الفترة الانتقالية الحالية.
وعليه تبرز أهمية إعادة بناء مفاهيم المواطنة والسلم الأهلي والدستور جزءاً أساسياً من استعادة توازن المجتمع بعد عقود من الاستبداد وسنوات من النزاع. وأهمية الحوار حولها كجزء من التدريب والتمكين بعيداً عن الإطار التقليدي الذي يعتمد الشق النظري البحت. ومن خلال حث المشاركون/ات على ابداء رأيهم والتعبير عنه والنقاش حوله. وبالتالي تقدم هذه الورقة تحليلاً لنتائج آراء المشاركات/ين في جلسات حوارية حول المواطنة والسلم الأهلي والدستور أجريت في عدة مناطق سورية. قام بإدارتها فريق من الميسرين/ ات والمدربين/ات وهم: (رهادة عبدوش، رقية الدرفيل، عبد الفتاح شيخ عمر سها سعد الدين، سحاب فرحة، عبد الكريم أبو كف)
تجدون أدناه ورقة السياسات :