Search
Close this search box.

زهور تقطف قبل الأوان …مقتل النساء في سوريا يفقد الحياة ألوانها

زهور تقطف قبل الأوان …مقتل النساء في سوريا يفقد الحياة ألوانها

 

زهور تقطف قبل الأوان …مقتل النساء في سوريا يفقد الحياة ألوانها

خاص شبكة المرأة

ميسون محمد

 

تشهد النساء في سوريا، ولا سيما في المناطق المحررة الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، ظاهرة مروعة يتعرضن فيها لموجات قتل بدم بارد، تفقد الحياة ألوانها، وتمزق أواصرَ الأمان والسلامة التي يجب أن تحيط بهن. 

إن هذه الظاهرة المروّعة تشكل جريمةً ضدّ الإنسانية، تستحق انتباه العالم بأسره، والأكثر صدمة هو الصمت المطبق، والتعتيم المريب، الذي يرافق هذه الجرائم، حيث يتم التستر على القتل والحيلولة دون السماح بالحديث أو التحقيق فيه، مما يعزّز استمرار انتهاك حقوق النساء ويحرمهنَّ من العدالة والحماية.

فالنساء السوريات، اللواتي يعشنَ في ظروفٍ صعبةٍ وتحت وطأة النزاعات المسلحة المستمرة، هنّ ضحايا لأوضاع قاتلة، يواجهنَ خطر العنف الأسري والتمييز، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية، والاجتماعية. فالفقر المدقع، والاستغلال الجنسي، والتهجير، والتعذيب والاغتصاب، والقتل، يشكّلون تحدياتٍ حقيقيةً تواجهها النساء، ما يجعل واقعهنّ مأساوياً، ويستدعي تدخلاً فورياً لتوفير الحماية والدعم لهن.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي الثاني عشر قالت إنّ نحو تسعة وعشرون ألف امرأة، قتلن في سوريا منذ عام 2011، وتشير في تقريرها إلى أن 117 منهنَّ قتلن تحت التعذيب، و 11541 سيدة سورية، تعرضت لعنف جنسي، موضحةً أن غالبية الانتهاكات كانت على يد النظام السوري، وأكد التقرير أنه حتى 25 من تشرين الثاني 2023 قتلت 1608 امرأة على يد القوات الروسية، و981 على يد تنظيم داعش، و87 على يد هيئة تحرير الشام، في حين قتلت جميع الفصائل المعارضة المسلحة 1324 أنثى.  

ولعل أهم الأسباب التي تكمن وراء هذه الظاهرة المأساوية، هي تلك العوامل المتشابكة التي تشمل، العنف الأسري، والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، فمجتمعاتنا تتشبّث بنسقٍ من العادات والتقاليد، التي تضع المرأةَ في مرتبةٍ أدنى من الرجل، مما يؤدي إلى تعرضها للإهمال والتمييز والاستغلال، وينظر لها على أنها ضعيفة وتعامل كأنها من ممتلكات الرجل، ما يعكس نظامًا اجتماعيًا يمجّد الذكورة ويقلّل من قيمة المرأة وبالتالي هذه البنية الاجتماعية الهشة تسهم في استمرارية الظلم وتعرقل الوصول إلى مجتمع أكثر عدالة.

ومن العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، يبرز الفقر كأحد الأسباب الرئيسية التي تؤثر على العديد من الأسر السورية، فهو يؤدي إلى زيادة التوتر والضغوط الاجتماعية، التي بدورها تعرّض النساءَ للتسلّط والاستغلال، وهو عامل مساهم في تفاقم العنف المنزلي والاعتداء، حيث تجد النساء أنفسهن في مواقف ضعف، تقلل من قدرتهنّ على الدفاع عن حقوقهن.

يُشكل انعدام الأمن والاستقرار، بيئةً خصبةً لتفشّي جرائم قتل النساء، حيث تُعتبر هذه الجرائم من أشد مظاهر العنف وأكثرها فتكًا،هذه الفوضى الأمنية تسهم في تقويض النظام القضائي وإضعاف القوانين المتعلقة بحماية المرأة وضمان حقوقها، مما يؤدي إلى تزايد الحوادث التي تنتهي بالقتل دون رادع قانوني. إن الأنظمة القضائية المتأثرة بالاضطرابات تعاني من عدم القدرة على تطبيق العدالة بشكلٍ فعّال، مما يُعزز من ثقافة الإفلات من العقاب ويُشجع على استمرار هذه الجرائم.

تُظهر الأبحاثُ أن الدول التي تعيش تحت وطأة النزاعات والاضطرابات تشهد ارتفاعًا في معدلات قتل النساء، وذلك نظرًا لتآكل البنية التحتية الاجتماعية والقانونية التي تحميهن. وهناك يُستخدم القتل كأداة للسيطرة والتحكم، وغالبًا ما يُنظر إليه كتعبير عن السلطة والهيمنة، وبدون وجود إجراءات قانونية صارمة وفعّالة لحماية النساء ومعاقبة الجناة، تستمر هذه الجرائم في الحدوث وتُصبح جزءًا من الواقع الاجتماعي الذي يُهدد حياة النساء وسلامتهنّ يوميًا.

إن تكرار هذه الظاهرة بحق النساء السوريات، يدفعنا إلى التساؤل حول إمكانية حماية الضحايا المحتملين قبل فوات الأوان، وما إذا كان يمكن للسلطات الموجودة على أرض الواقع، والمنظمات المعنية بشؤون المرأة، لعب دورٍ في الحد من هذه الظاهرة. 

في الختام، تُعد ظاهرة العنف ضد النساء، وبخاصة جرائم القتل، من المشكلات المعقدة التي تواجه النساء السوريات، سواء في سوريا أو في بلدان اللجوء، وتتجلى حاجة ملحة لتطوير استراتيجيات فعّالة لحماية النساء والحيلولة دون وقوعهنّ ضحايا لهذه الجرائم.

تقع على عاتق السلطات المحلية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مسؤوليةً كبيرةً في تعزيز الأمن والاستقرار، وتطبيقِ القوانينِ التي تحمي النساء وتضمن حقوقهن. يُمكن لهذه الجهات أن تلعب دورًا حيويًا في الحد من العنف ضد النساء من خلال توفير الدعم القانوني والنفسي للهنّ، وتعزيز الوعي الاجتماعي حول خطورة الجرائم الواقعىِ ضدهنّ، وتشجيع النساء على الإبلاغ عن أي تهديدات أو اعتداءات.

من الضروري أيضًا تعزيز دور المنظمات النسائية والمجتمع المدني في رصد حالات العنف والتبليغ عنها، والعمل على تغيير الأعراف والتقاليد التي تساهم في استمرار العنف ضد النساء. يجب أن تتضافر الجهود لتحسين الظروف المعيشية للأسر السورية، وتوفير فرص التعليم والعمل للنساء، مما يساعد في تقليل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى العنف.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي دعم الدول المضيفة للاجئين السوريين لتطوير برامج حماية النساء والفتيات، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ هذه البرامج بشكل فعّال. كما يُمكن للمنظمات الدولية العمل على تعزيز القوانين الدولية التي تحمي النساء من العنف وتضمن محاسبة الجناة.

من الأهمية بمكان أن تُتخذ خطوات جادة وملموسة للحد من ظاهرة قتل النساء، وأن تُبذل الجهود لضمان تطبيق القوانين بشكل صارم، فقط من خلال هذه الإجراءات يُمكن توفير بيئة آمنة تحمي النساء وتضمن لهن حياة كريمة ومستقرة.

One Response

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »