Search
Close this search box.

نساء تحت وطأة العنف الأسري في إدلب

نساء تحت وطأة العنف الأسري في إدلب

إدلب – سونيا العلي
تواجه العديد من النساء في إدلب، أوضاعاً معيشية صعبة في ظل الفقر والغلاء ونقص الخدمات الأساسية، فضلاً عن ازدياد حدة العنف الأسري الواقع عليهن، لعدم وجود قوانين تحمي حقوقهن، إلى جانب الخوف من الوصم المجتمعي .
وتعرف الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة “العُنف ضدّ النساء” على أنّه أيّ اعتداء ضدّ المرأة مبنيّ على أساس الجنس، والذي يتسبّب بإحداث إيذاء أو ألم جسديّ، جنسيّ أو نفسيّ للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضّغط أو الحرمان التّعسفيّ للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامّة أو الخاصّة.
تعاني صفاء السلوم(29عاماً) من تعنيف زوجها الذي ازدادت حدته في الآونة الأخيرة، خاصة بعد نزوحهم من مدينة سراقب إلى مخيم في مدينة سرمدا شمالي إدلب، وعن ذلك تقول: “زوجي عصبي المزاج، يعنفني مع أولادي الثلاثة باستمرار، وفي كل مرة أقرر فيها الانفصال عنه أتراجع عن هذا القرار من أجل البقاء إلى جانب أولادي، حيث أعلم أنه سيحرمني من رؤيتهم اذا تركته”.
وتبين السلوم أنها ليست المرأة الوحيدة التي تتعرض للعنف، فكثيراً ما تسمع من جاراتها في المخيم عن مشكلاتهن مع أزواجهن، التي تنتهي عادة بضربهن أو تهديدهن أو تعنيفهن لفظياً، وعن ذلك تضيف: “نحن مجبرات على التعايش مع هذا الواقع في هذا المجتمع الذي يبرر العنف ضد المرأة بقوانين جائرة، وأعراف اجتماعية تجعل من المرأة الضحية عرضة لعنف أكبر يقع عليها في حال تجرأت وأعلنت عما تعرضت له من انتهاكات، فضلاً عن سوء الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية السيئة التي تجعلنا نعزف عن الإبلاغ عن العنف، خاصة وأن الزوج هو المعيل الوحيد .”
أما كاملة العون (25 عاماً) من بلدة معرتمصرين شمالي إدلب فقد قررت الانفصال عن زوجها بسبب قسوته وقيامه بضربها لأتفه الأسباب، وعن ذلك تقول: “لم أعد قادرة على التحمل أكثر، وخاصة أن زوجي قام بكسر يدي في إحدى المرات، وعندها قررت ترك المنزل وعدم الرجوع إليه ثانية”.
وتؤكد العون أن والدها منعها من تقديم شكوى قضائية ضد زوجها، فمن المعيب أن تقوم المرأة بارتياد المحاكم لسبب كهذا، ومن الطبيعي أن تتعرض المرأة للضرب من قبل زوجها.
وتضيف العون: “تحملت عنف زوجي لمدة سنتين، وقبله عنف والدي الذي أجبرني على ترك مدرستي في عمر صغير وكان عنيفاً في التعامل معي، وبذلك قتل طموحي وحرمني من أبسط حقوقي”.
من جانبها عاملة في مجال الصحة المجتمعية عبير الداني (33 عاماً) من مدينة إدلب تتحدث عن تعرض النساء للعنف الأسري بالقول: “أصبح العنف وسيلة الأزواج والآباء لعلاج مشكلاتهم النفسية وضغوطاتهم اليومية، ولكن قلّما تصل حالات العنف الأسري إلى المحاكم في إدلب، بل يتم التستر عليها لدواع اجتماعية، وتستمر التبريرات الاجتماعية للعنف الأسري في المجتمع، فالبعض ما زال يعتقد حتى الآن أن الضرب جزء من التريبة والتأديب، فيما يرى آخرون أنهم أحرار في التعامل مع زوجاتهم وأطفالهم وأفراد أسرهم”.
وتؤكد الداني على ضرورة تسليط الضوء على قضايا العنف التي تمارس ضد النساء والفتيات، ورفع الوعي ونشر المعرفة حول العنف المبني على النوع الاجتماعي، والدور الذي يمكن أن تقوم به النساء لتحقيق حياة أكثر أماناً .
وتشدد الداني على حماية النساء اللواتي يتعرضن للعنف لأن الغالبية العظمى ممن يحتجن إلى مساعدات طبية ودعم نفسي اجتماعي لا تتاح لهن هذه الخدمات .
وأكدت الأمم المتحدة، أن أكثر من سبعة ملايين شخص في سوريا، غالبيتهم الساحقة من النساء والفتيات، يحتاجون حالياً إلى خدمات “العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وأشار البيان إلى أن “العنف القائم على النوع الاجتماعي يعد واقعاً مأساوياً ومستمراً في سوريا، ويتجلى في شكل إساءة جسدية وجنسية ونفسية واقتصادية، والتي تفاقمت بسبب الآثار المركبة للحرب الطويلة الأمد والنزوح والتدهور الاقتصادي.
تتعرض النساء للعنف الجسدي واللفظي، هو ما يمثل وجهاً آخر لمعاناة المرأة في إدلب، في ظل الاستهتار وغياب التوعية المجتمعية بحقوقهن، وهيمنة قوانين تجرم العنف الأسريّ بعقوبات مخففة، ما يشكل حاجزاً أمام استيفاء المرأة لحقوقها الإنسانية.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »