Search
Close this search box.

اضطهاد وتهميش… معاناة أرامل ومطلقات في إدلب

اضطهاد وتهميش… معاناة أرامل ومطلقات في إدلب

هاديا المنصور
تواجه الأرامل والمطلقات في إدلب، الفئة الأشد ضعفاً وتهميشاً في الشمال السوري، الكثير من الضغوطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقيدهن وتحرمهن ممارسة حياتهن الطبيعية.
وشهدت هذه الفئة زيادة كبيرة في أعدادها خلال سنوات الحرب وسط الفقر والغلاء وانعدام سبل العيش والأمان.
تعيش وفاء العبد الله (25 عاماً) التحدي الأكبر في حياتها حين توفي زوجها بالقصف تاركاً لها ثلاثة أطفال أكبرهم لم يتجاوز الخامسة من عمره، سيما وأن أهلها لم يقبلوا بعودتها إليهم مع أطفالها في حين لم تتكفل عائلة زوجها الفقراء بنفقتها ونفقة أولادها ما وضعها أمام خيارات صعبة.
تقول وفاء بأنها حاولت البحث عن عمل ما، لكنها لم توفق بذلك مع عدم امتلاكها أي شهادات أو خبرات، ولخوفها من نظرات المجتمع المشككة بكل حركة تقوم فيها الأرملة في إدلب، بادرت للاعتماد على نفسها والانطلاق لتعلم مهنة الكوافيرا في إحدى المراكز النسائية القريبة من مكان إقامتها في إدلب المدينة، واختارت المهنة لإمكانية العمل فيها في منزلها دون الحاجة للخروج والمتكرر من المنزل، وبدأت مشروعها بعد بيع كل ماتملك لتأمين المعدات والبدء بالعمل الذي راح يدر عليها دخلا تنفق من خلاله على نفسها وأطفالها.
تقول وفاء: “ما أحصل عليه ليس كافياً لكنه أفضل من لا شي، أحاول تدبير أمري به بما تيسر، ذلك أفضل بكثير من خيار التخلي عن أبنائي أو طلب المساعدة من أحد”.
من جانبها لم تتمكن صباح المنديل (31 عاماً) النازحة من مدينة معرة النعمان والمقيمة في مخيمات مشهد روحين شمال إدلب والمطلقة من زوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات، لم تتمكن من الحصول على نفقة أطفالها الأربعة.
ولم تلجأ صباح للمحاكم الشرعية في المنطقة لتجنب الدخول في معركة خاسرة مع زوجها من أجل نفقة لا تسمن ولا تغني من جوع، على حد وصفها.
تقول صباح: “أعرف قصصاً لكثيرات من أمثالي لم يتمكن من الحصول على نفقة كافية بعد لجوؤهن للمحاكم، حيث يقضي القضاة ب5 دولارات فقط لكل طفل وهي لا تستحق العناء في أروقة المحاكم”.
تعمل صباح في أحد معامل المناديل الورقية القريبة من منطقة سكنها، ورغم أنها تعاني أمراض الديسك والأجرة قليلة وساعات العمل طويلة فهي لا تملك خيارات أخرى، ولا تريد التخلي عن حضانة أطفالها.
وعدا عن التهميش والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الأرامل والمطلقات في إدلب، كثيرات هن من يتعرضن لمحاولات استغلال من قبل المحيط الاجتماعي، بسبب حاجتهن للعمل أو للمساعدات الإنسانية.
تلاحق سهير البري (34 عاماً) النظرات والانتقادات بمجرد خروجها من خيمتها الواقعة في مخيمات كللي شمال غرب إدلب، فتجد نفسها مجبرة على عدم الخروج إلا للضرورة القصوى أو لقضاء حاجة بعد أن ترتدي الملابس السوداء الطويلة والخمار الأسود، وهي تعيش هذه المعاناة منذ طلاقها الذي وصل عامه الثالث.
تقول سهير: “أتعرض للكثير من الاضطهاد والعنف اللفظي من المجتمع المحيط الذي يلسعني بألسنة جارحة فقط لأنني قررت الانفصال وتحولت إلى مطلقة، دون التفكير بالظروف التي دفعتني لاتخاذ هذا الخيار”.
” تعي نتزوج لأستر عليكي، اعطيني رقمك للتواصل، مافي معونة بلا عزيمة لعندك عالسهرة”، عبارات استفزازية تسمعها سهير من رجال كثر ترفض إقامة علاقات مشبوهة معهم، في محاولة منهم للإساءة لها واستغلالها على اعتبار أنها بلا زوج يحميها أو يدافع عنها، ما دفعها لترك فرص عمل عدة مرات والتخلي عن حصتها في المعونة الشهرية.
ترفض سهير التقدم بأي شكوى ضد هؤلاء المتحرشين لخوفها من وضع اللوم المجتمعي عليها والإساءة لسمعتها والوصمة التي ستلاحقها مدى الحياة وخاصة في ظل انعدام الأنظمة والقوانين المنصفة للمرأة في إدلب،على حد تعبيرها
من جهتها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية هلا القزيز لشبكة المرأة السورية، أن معاناة النساء المطلقات والأرامل تتمثل بنظرة المجتمع الدونية والسلبية والكلام المسموم ومواجهة مشاق الحياة المعيشية الصعبة وحدهن، بخاصة إذا لم يكن لديهن معيل أو مصدر رزق يؤمن احتياجاتهن واحتياجات أبنائهن.
ونوهت أن المطلقات والأرامل يعانين من أفراد أسرهن ومن أقاربهن ومن المجتمع الذكوري ومؤسساته المختلفة، نتيجة بنية ثقافية تربوية منغلقة بفعل التركيز على الرجل في توفير متطلبات حياة الأسرة.
وأكدت أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية يولد لدى الأرامل والمطلقات معاناة نفسية وانعزالية تتمثل بالانطواء وعدم الاتزان، الخوف والقلق المستمرين والذي يفضي في بعض الأحيان إلى الاكتئاب وحتى الانتحار.
وترى أن تكثيف دور التوعية في مراكز تمكين المرأة والمجتمع، وتأمين فرص عمل وتمويل مشاريع صغيرة للأرامل والمطلقات من شأنها تعزيز ثقتهن بأنفسهن والحد من الآثار السلبية التي تواجه الأرامل والمطلقات في المنطقة.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »