Search
Close this search box.

زواج القاصرات … ظاهرة تزيد من معدلات انتحار النساء في إدلب

زواج القاصرات … ظاهرة تزيد من معدلات انتحار النساء في إدلب

نايف البيوش
تتزايد حوادث انتحار النساء والفتيات القاصرات في محافظة إدلب وشمال غرب سوريا، نتيجة عوامل عديدة أفرزتها الحرب السورية من نزوح وفقر وحالة عدم الاستقرار، لتشكل بذلك ظواهر عديدة أبرزها زواج القاصرات والطفلات التي تعد من أبرز أسباب الانتحار في المنطقة.

وتسجل ظاهرة “الزواج المبكر” نسباً قياسية في محافظة إدلب وشمال غرب سوريا، ما أدى لازدياد حالات الانتحار والطلاق والتعنيف الجسدي والنفسي، نتيجة غياب الثقافة المجتمعية والوعي لدى فئة كبيرة من المجتمع المحلي الذي يجهل خطورة هذه المشكلة المتنامية وآثارها النفسية على الفتيات والقاصرات.

وعلى مقربة من مخيمات بلدة مشهد روحين شمال إدلب، أقدمت رؤى عبد الحميد (16 عاماً) على الانتحار وإنهاء حياتها عبر تناولها لحبوب الغاز (الفوسفين) القاتلة، وذلك بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل يكبرها بعشرين عاماً، لتكون بذلك واحدة من ضحايا ظاهرة الزواج القسري للقاصرات في مناطق شمال غرب سوريا.

تقول رغد عبد الحميد وهي قريبة الضحية لشبكة المرأة السورية، إن جميع محاولات رؤى المتكررة في الطلاق من زوجها الذي كان يعنفها بشكل مستمر بائت بالفشل، نتيجة رفض أهلها وذويها لفكرة طلاقها، وهو ما دفعها للتفكير والإقدام على الانتحار للخلاص من عذاباتها ومشقة حياتها التي انقلبت رأساً على عقب بعد زواجها.

وأضافت أن علامات الضرب والتعنيف الجسدي كانت واضحة على وجه رؤى في كل مرة كانت تقابلها بها، ولكنها لم تكن تتوقع أن ينتهي بها المطاف لإنهاء حياتها عبر إقدامها على الإنتحار، وذلك بعد أن أغلقت جميع الخيارات أمامها ومنعها من الطلاق والانفصال عن زوجها الذي فرض عليها.

وأشارت إلى أن ذويها حاولوا إخفاء قصة انتحارها في بداية الأمر، ولكن سرعان ما انكشفت حقيقة وفاتها في المستشفى بعد تأكيد الأطباء تناول الشابة كمية من الحبوب بهدف الانتحار والتي أدت إلى وفاتها.

ووفقاً لإحصائيات محلية، فإن مدينة إدلب شهدت 18 حالة انتحار منذ مطلع العام الحالي، كما سُجلت 28 محاولة فاشلة أخرى، معظمهم من النساء والفتيات، في حين شهدت المنطقة العام الفائت 88 حالة انتحار، من بينها 33 محاولة فاشلة.

لم تكن ياسمين بكور (15عاماً) اسم مستعار، أفضل حالاً من سابقتها، حين أقدمت هي الأخرى على إنهاء حياتها منتحرةً بعد زواجها القسري تحت عرف “الحيار” والذي لم يستمر أكثر من ستة أشهر من ابن عمها، نتيجة الضغوط النفسية والجسدية التي مورست عليها من زوجها وإخوتها.

ويُعرف زواج الحيار بحجز الشاب ابنة عمه منذ طفولتها أو ولادتها، ويتم عبر قطع والد الفتاة أو أخيها الأكبر وعداً على نفسه بتزويجها له عند بلوغها، وغالباً ما يتم هذا الزواج بالإكراه ودون استشارة صاحبة العلاقة والرجوع إلى رأيها.

تقول رولا شقيقة ياسمين إن أختها لم تكن تريد الزواج من ابن عمها، ولكن إخوتها أجبروها على القبول بهذا النوع من الزواج، حيث واجهت العديد من الصعوبات بعد زواجها تمثلت بعدم تقبلها لزوجها بالإضافة للخلافات المستمرة وحالة عدم التفاهم بينهما، قبل أن يلجأ زوجها لضربها وتعنيفها جسدياً ولفظياً ونفسياً بشكل مستمر.

وأضافت أن شقيقتها أخبرتها بنيتها في الإنتحار، ولكنها لم تأخذ كلامها على محمل الجد، قبل أن تتفاجئ بخبر انتحارها عبر تناولها لحبوب ” الفوسفين”.

“مجتمع ظالم وأعراف وعادات لا ترحم” بهذه الكلمات تعبر رولا عن حزنها وألمها على شقيقتها التي راحت ضحية للأعراف والأحكام الظالمة التي لم تمنحها حقها في اختيار شريك حياتها، إذ أنها وجدت في انتحارها طريقاً للخلاص من صعوبة حياتها ومشقتها.

من جهتها تحذر المستشارة الأسرية والاجتماعية نسيبة ادريس (38عاماً) من خطورة هذه الظاهرة المتنامية وآثارها على الفتيات والقاصرات، والتي تشكل لهن أزمات نفسية واجتماعية تدفعهن للتفكير بالانتحار نتيجة عدم وصولهن للنضج النفسي بحكم حداثة سنهن.

وتقول لشبكة المرأة السورية إن القاصر تمر بمراحل اليأس والاكتئاب والانطواء التي تدفعها للتفكير بالانتحار بسبب المعاملة التي تتلقاها وخصوصاً الضرب والتعنيف الجسدي الذي يشكل لها هاجساً يسبب لها آثاراً نفسية صعبة وقاسية تدفعها للانتحار وقتل نفسها للخلاص من هذه الهواجس.

وتضيف أن عدم المساواة بين الجنسين والفقر والممارسات التقليدية والعرفية والمعايير الاجتماعية وضغط الأهل والجهل وعدم وجود عقاب رادع، إحدى أهم وأبرز الأسباب التي ساهمت في انتشار هذه الظاهرة التي تكون ضحيتها الطفلات القاصرات في الشمال السوري.

وأشارت إلى ضرورة تفعيل مراكز تمكين المرأة والفرق التوعوية التي تعرف بمخاطر زواج القاصرات وآثاره السلبية على الفتاة والأسرة والمجتمع، مما سيحد من انتشار هذه الآفة التي تدمر حياة الفتيات في شمال غرب سوريا.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

One Response

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »