Search
Close this search box.

مجدداً تحت القصف … تزداد معاناة نساء مع النزوح في إدلب

مجدداً تحت القصف … تزداد معاناة نساء مع النزوح في إدلب

إدلب – هاديا المنصور
رحلة نزوح جديدة عاشتها مريم البكور (44 عاماً) مع عائلتها بعد تعرض مدينة جسر الشغور التي أوت إليها بعد نزوحها السابق من بلدتها جنوب إدلب منذ خمسة أعوام، للقصف العنيف من قبل النظام السوري وحليفته روسيا، حيث توجهت لمراكز الإيواء في مخيمات شمال إدلب لتعيش ظروفاً صعبة وسط التشرد وانعدام سبل الحياة.
وقالت أنهم واجهوا الكثير من الرعب مع استمرار القصف العنيف على المنطقة، ريثما تمكنوا من مغادرة المدينة، حيث واجهوا صعوبة في الحصول على سيارة أجرة تساعدهم في الانتقال إلى مكان آمن، واضطروا للخروج بملابسهم وسيراً على الأقدام ريثما استطاعوا إيجاد وسيلة نقل تقلهم لمكان بعيد.
وأضافت مريم أن المخيم يكتظ بالنازحين الجدد، وأن “ضعف الإمكانيات وقلة المياه وانتشار الأمراض، والحاجة لمساعدات طارئة من غذاء ومستلزمات النظافة والمياه والرعاية الصحية، سيد الموقف”.
وأشارت إلى أنها اختارت اللجوء مع زوجها وأبنائها الستة إلى السكن في مراكز الإيواء إلى حين إيجاد مأوى آخر وسط ارتفاع أجور المنازل، وعدم قدرتهم المادية على الاستئجار.
ومع بداية الشهر الحالي بدأ نظام الأسد وحليفه الروسي بحملة قصف عنيفة على مناطق خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غرب البلاد، ما أدى إلى مقتل 42 مدنيا بينهم 12 طفلا و9 نساء، إضافة إلى إصابة 214 شخصا، وأسفر عن نزوح 79 ألف مدني خلال الأسبوع الأول من القصف، وخلق معاناة جديدة لمئات النساء اللواتي انطلقن نحو المجهول وسط الخوف والفقر وانعدام سبل الأمان والمأوى.
وشهدت الهجمات المذكورة استخدام أسلحة محرمة دولياً 9 مرات خلال الأسبوع المذكور، ولم تسلم المدارس ومخيمات النزوح والمنشآت الصحية من الهجمات، وكذلك الأمر بالنسبة للهيئات الإغاثية التي قتل منها موظفان وأصيب 4 آخرون، وفقاً لفريق منسقو استجابة سوريا.
ورغم إبرام مذكرة تفاهم في سبتمبر/ أيلول 2018 لتعزيز وقف إطلاق النار في إدلب المشمولة باتفاق مناطق خفض التصعيد بين تركيا وروسيا وإيران التي أبرمت خلال اجتماعات أستانة عام 2017، وتبعه اتفاق جديد في 5 مايو/ أيار 2020، لوقف إطلاق النار في إدلب، إلا أن قوات النظام تخرقه بين الحين والآخر.
لم تستطع غفران البرغل (37 عاماً) وهي أرملة تعيش مع أطفالها الأربعة في مدينة أريحا جنوب مدينة إدلب، الانتظار أكثر بعد اشتداد القصف على المدينة، وتهدم الكثير من المنازل على مقربة منها ما أدى لمقتل وإصابة العشرات، فقررت الخروج هائمة على وجهها نحو المناطق الشمالية راجية النجاة بحياتها وحياة أبنائها.
وأقامت غفران بمساعدة الدفاع المدني وبعض المنظمات في إحدى الخيام التي أنشأت لهذه الغاية على عجل في منطقة البردقلي شمال إدلب بانتظار أن تهدأ الأمور الأمنية وتتمكن من العودة إلى منزلها مجدداً.
وبينما تحاول غسيل ملابس أبنائها يدوياً في وعاء بلاستيكي، تصف غفران الحياة في الخيمة بأنها قاسية جداً حيث لا هدوء ولا خصوصية ولا كهرباء أو نظافة ولا أي احتياجات أساسية، فالازدحام شديد والخوف من استمرار الوضع على ماهو عليه أكثر ما كان يقلقها.
من جهة أخرى ترفض سمية العبد الرحمن (41 عاماً ) الخروج من منزلها رغم القصف الشديد، فهي اعتادت الأمر بعد تعرض قريتها احسم إحدى قرى جبل الزاوية جنوب إدلب، للقصف المتواصل على مدى سنوات الحرب.
“الموت أسهل من النزوح، فمن لم يذق طعم النزوح لا يمكن أن يعرف مرارته”، هكذا عبرت عن استيائها من محاولات نزوح سابقة حيث واجهت استغلال تجار العقارات ولم تحظى حتى بمجرد خيمة مجانية تأوي فيها أطفالها الخمسة وزوجها المريض بالقلب.
تجلس سمية تحت إحدى أشجار الزيتون التي قامت بقطافها أخيرا بعد انتظار عام كامل وتقول ” استطعت جني الموسم رغم القصف المتواصل، ما نجمعه من موسم أرضنا يغطي نفقات الكثير من الأساسيات في حياتنا، إنها أرضنا ولن نرحل عنها، نعيش فيها أو نموت”.
المرشدة النفسية والاجتماعية علياء المصطفى (36 عاماً) قالت لشبكة المرأة السورية إنه في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد واستهداف النظام بشكل ممنهج لقرى جبل الزاوية وريفي إدلب وحلب،
ومع طول أمد النزاع، والنزوح المستمر ومع اقتراب دخول فصل الشتاء، واكتظاظ سكان مناطق الشمال السوري، وعدم وجود مخيمات جديدة قادرة على استيعاب المتضررين من حملات النظام العسكرية، كل ذلك بالتزامن مع إغلاق معبر باب الهوى، وتوقف إدخال المساعدات الإنسانية لمناطق شمال سوريا، تواجه النساء والفتيات في سوريا زيادة مطردة في مخاطر وأشكال العنف، التي تزداد حدتها في المخيمات ، بسبب تردي مستوى الخدمات الأساسية في مجالات الأمن والصحة والعدالة والخدمات الاجتماعية.
ونوهت إلى أن النزوح القسري ومع أنه يوفر مستوى من الأمان بعيداً عن المعارك، إلا أنه يجلب معه أيضاً تحديات هائلة تتمثل في غياب المأوى الأساسي، والوصول المحدود إلى الخدمات العامة والحماية الاجتماعية، وفقدان سبل الدخل التي يمكن أن تؤدي إلى ضغوطات نفسية وخوف واكتئاب والشعور بعدم الراحة و اللجوء إلى آليات ضارة من أجل التكيف، كالزواج المبكر أو القسري، في حين توفر المخيمات بحد ذاتها بيئةً معززة للعنف، وانتهاكاً للحق في الخصوصية.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »