Search
Close this search box.

كيف تدعم نساء صنع القرار تداعيات المناخ؟

كيف تدعم نساء صنع القرار تداعيات المناخ؟

ترجمة وإعداد: جيهان باشا
في خضم معركة تقليل انبعاث غازات الدفيئة وتجنب تداعيات تغير المناخ، لم يتطرق العالم إلى أحد أهم وأوسع الموارد، ألا وهي المرأة، حيث يتطلب تفادي النتائج الكارثية لتغير المناخ إدراك من وماذا يقود التحولات على الأرض. فالاستثمار في المرأة عن طريق تمكينها من التعلم وحصولها على الموارد الاقتصادية ورأس المال يعطي الحكومات فرصة كبيرة لتحقيق طموحاتهم وأهدافهم فيما يخص المناخ.
وقد أظهرت العديد من الدراسات أن تعزيز المساواه بين الرجل والمرأة من الممكن أن يحفز الإجراءات المختصة بالمناخ، فالدول التي لديها نسب أكبر من النساء في مواقع صناعة القرار، لديها قدرة أكبر على إقرار الإتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بالبيئة، حماية الطاقة، توفير النفقات واستخدام مصادر الطاقة المتجددة. وأكدت الدراسات أنه كلما ارتفع عدد النساء المشاركات في إدارة وتخطيط الأراضي كلما زادت إمكانية الحفاظ على البيئة و حمايتها، كما أن النساء هن الأكثر استخداماً لتقنيات الزراعة الذكية لتتماشى مع التغيرات المناخية. علاوة على ذلك من المتوقع أن يقل انبعاث الكربون بحوالي 2 مليار طن بحلول عام 2050، في حال دعم وتعزيز إنتاجية المزارع الصغيرة التي تمتلكها نساء.
إن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة يتطلب بالتالي التحول في السلطة، أي أن تغيير أنظمة الطاقة يحتاج إلى تغيير أنظمة السلطة، فبرغم مسؤولية المرأة عن إنتاج 60-80% من المواد الغذائية في دول العالم النامي، ونصف الغذاء في العالم أجمع، نجد أن النساء يمتلكن أقل من 20% من الأراضي الزراعية في العالم. كما تمثل المرأة 45% من القوة الزراعية العاملة في دول العالم النامي و 37% من العالم أجمع، إلا أنهالا تحصل إلا على 7% فقط من الاستثمارات في هذا القطاع. وفي حال تمكينها من الحصول على نفس الموارد الإنتاجية التي يتلقاها الرجل فإن المرأة في دول العالم النامي تستطيع زيادة إنتاجية مزارعها بنسب تتراوح بين 20-30% مما يؤدي إلى إنقاذ حوالي 100 إلى 150 مليون فرد من المجاعات.
ومن الحقائق المؤكدة أن التغير المناخي يتسبب به أصحاب النصيب الأوفر من الموارد بينما يعاني من تبعاته الأقل حظاً، لذلك تتحمل فئة النساء والفتيات النصيب الأكبر من المعاناة بسبب التغير المناخي. طبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة فإن 80% من النازحين بسبب التغير المناخي هم من النساء، واحتمالية أن يلقين حتفهن في كوارث مناخية أكبر ب 14 مرة من الرجال. وبحلول عام 2025 فإن التغير المناخي قد يمنع 12,5 مليون فتاة من إتمام الدراسة سنويا. كما ذكر صندوق ملالا أن العائلات المتضررة من كوارث المناخ غالباً ماتقوم بإخراج الفتيات من المدارس للمساعدة في المسؤوليات المنزلية، مثل الحصول على المياه والغذاء والأخشاب من أماكن متطرفة مما يجعلهن عرضة لحوادث عنف، وغالباً ما تلجأ تلك الأسر إلى تزويجهن في سن مبكر لتخفيف العبء عن الأسرة. ففي بوتسوانا مثلاً نجد أن حوالي 70% من الأطفال الذين تركوا المدارس أثناء الجفاف كانوا من الفتيات، كذلك في أثيوبيا تزايدت نسبة زواج الأطفال بحوالي 119% في المناطق المتضررة من الجفاف. عندما تتسبب الظروف المناخية القاسية من حرمان معيلي الأسر من سبل العيش فإنهم بالطبع لا يستطيعون تحمل نفقات تعليم الأطفال ويكون البديل هو تكليفهم بالعمل، فتصبح الفتاة زوجة في عمر الحادية عشر، مما يعني تبديد مواهب وإضاعة إمكانيات تلك الفتيات، كما أنه يعني أمومة مبكرة للكثيرات. علاوة على ذلك فإن الأطفال الذين لايحصلون على القدر الكافي من التعليم يكونون أقل مهارة في استخدام وسائل الزراعة المستدامة.
وقد أظهرت العديد من الدراسات أن المرأة هي الأكثر حفاظاً على البيئة والأكثر تضرراً من تغير المناخ، مما يجعلها الأقدر على طرح حلول فعالة وقابلة للتطبيق. لذلك بدأت بعض الدول بالفعل في إسناد بعض المناصب القيادية المعنية بالبيئة إلى النساء، ومع ذلك فلا يزال تمثيل المرأة في وزارات البيئة والمؤتمرات الدولية والأنشطة الخاصة بالمناخ غير مرض، وخاصة في دول أفريقيا والشرق الأوسط، ففي مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ والذي عقد في مصر عام 2022، قُدر تمثيل المرأة بأقل من 34% من المشاركين، ولم يتعد ال 10% في فرق بعض الدول. وفي 46 دولة لديها وزارات مختصة بالغابات ترأست المرأة الوزارة في 18%، بينما ترأست 11% من وزارات المياه والري. وفي عام 2020 تولت المرأة قيادة وزارة البيئة في 15% فقط في 193 دولة، رغم ما أكده الباحثون في مجال البيئة من أهمية وجود مقاعد للمرأة على طاولات التفاوض.
إن دور المرأة في معركة التغير المناخي ومقاومة تبعاته لا يمكن إنكاره، ولإدراك تلك الرؤية يجب على أصحاب سلطة اتخاذ القرار انتهاز هذه اللحظة الفارقة لإعطاء النساء والفتيات الفرصة لاستغلال إمكانياتهن في دعم تلك المعرك ة،وذلك بتوفير رأس المال لمساندة المرأة في النشاط الزراعي، وتمكين الفتيات من إتمام التعليم وتأهيلهن لاتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم الأسرة. فقد أكدت الدراسات ان التحكم في النمو السكاني سيؤدي إلى تقليل انبعاث الكربون بحوالي 68,9 مليار طن بحلول عام 2050، مع التأكيد على حصول الفتيات على المعلومات والمهارات المطلوبة للتعامل مع أزمة المناخ، وتمويل الرائدات من النساء ومساندة شبكات معلومات الطوارىء التي تديرها النساء، وإعطاء المرأة الفرصة للمشاركة في وضع وتطبيق السياسات الخاصة بالبيئة مما سيساعد على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل. كما أنه سيساهم في تقليل انبعاث غازات الدفيئة، والحفاظ على الاحتباس الحراري في حدود 1,5 درجة مئوية وهو الحد الذي نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ. إن التحول في الطاقة يعد فرصة للجميع، ولتحقيق أقصى قدر من الاستفادة والنفع من ذلك التحول، يتطلب الدعم والاستثمار فيمن لديه القدرة على الدفع به للأمام.
المصدر:
https://www.cfr.org/article/energy-transition-fueling-power-transition

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »