Search
Close this search box.

عواصف الشتاء وعدم الجهوزية، التحديّ المقبل في وجه اللاجئين السوريين في لبنان

عواصف الشتاء وعدم الجهوزية، التحديّ المقبل في وجه اللاجئين السوريين في لبنان

لبنان – مزنة الزهوري

مع حلول فصل الشتاء، تتعالى مناشدات اللاجئين السوريين في مخيمات لبنان؛ طلباً لتدخّل المنظمات الإنسانية بمساعدتهم. فيما أصدرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR بياناً مع عدد من المنظمات أشارت من خلاله إلى أنّ الاحتياجات الأساسية أصبحت بعيدة المنال بالنسبة إلى معظم اللاجئين السوريين فقد بات تسعون بالمئة منهم يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة.

في جولة لشبكة المرأة السورية بين العوائل اللاجئة خلال الأسابيع الماضية، لاحظت استعانتهم بدفء الشمس أثناء النهار في حال ظهورها، لكن مع التقدّم في أشهر الشتاء حالياً، تجلس الأسر مرتقبة للمجهول الذي ينتظرها وتخشى وصول العواصف.

تقول أم محمد 50 سنة للشبكة، وهي لاجئة منذ 2012 تعيش في سهل البقاع: “لم نستطع تأمين مواد التدفئة من الحطب والمازوت هذا العام. بالكاد نؤمن ثمن الخبز كلّ يوم. بات الدفء حلماً لنا. نجرّب التدفئة والطبخ على ما يجمع الأطفال من بقايا النفايات والبلاستيك”.

تحاول أم محمد كما بقية العوائل تدبّر أمورها بالاستدانة من المحال التجارية، لعدم وجود فرص عمل ومورد آخر غير المساعدات. وتستخدم كلّ ما هو قابل للاشتعال مثل البلاستيك وروث الحيوانات والثياب والأحذية المهترئة.

وهذا الحال  يدق ناقوس الخطر بسبب الأمراض التي يسببها الدخان المنبعث من الاحتراق، بالإضافة للوضع الصحي السيء جراء انتشار الأوبئة المعدية مثل التهاب الكبد والكوليرا والأمراض التنفسية مؤخرا في لبنان، بحسب ما أورده الناشط الإنساني سامر عامر من فريق ناشطون التطوعي في مخيمات عرسال الحدودية، والذي ندد بدوره بالمأساة الملمّة باللاجئين كما وصفها. ويستشعر فريق ناشطون التطوعي، خطر الأيام القادمة في مخيمات قابعة بين قساوة الجرود والجبال فالمنطقة هناك الأكثر برودة وتعرضاً للثلوج كلّ عام.

يقول سامر: “تعطي مفوضية الأمم المساعدات لبعض العوائل، بمعدّل مليون ليرة لبنانية قيمة المساعدة المالية. أو خمسمئة ألف ل.ل للفرد، بشرط أنّها لخمسة أشخاص فقط مهما كان عدد الأفراد في العائلة. وبكلا الحالتين لا تكفي هذه المساعدة ثمن الخبز اليومي لهم.”

ويستكمل شرحه “هذا الوضع المذري للغاية، أشبه بالكابوس اليومي لكلّ ربّ أسرة. بحيرته لتأمين قوت أطفاله من شراب وطعام وتدفئة وكهرباء وإيجار بيت أو خيمة. غلاء فاحش في جميع المواد الأساسية.”

ويشير سامر في حديثه إلى عدم وجود تنسيق محكم بين الجمعيات والمنظمات العاملة إغاثياً وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة، فـالمساعدة لا تعمّ الجميع: “نأسف لحال الكثير من المخيمات، بالفعل يوجد مخيمات تعيش في بحبوحة والكثير من المخيمات والتجمعات السكنية لا يصلها أيّ شيء.”

في الوقت ذاته، تحكي مرفت إحدى المتطوعات في مساعدة اللاجئين في الوصول إلى الخدمات في البقاع الغربي عن التحديات التي تواجهها العوائل لتخطي قساوة الشتاء خاصة بعد وصول رسائل الفصل من المساعدات لأكثر من 90% من العوائل خلال الشهر الماضي، فتصف الحال لشبكة المرأة السورية: “كانت العوائل المقيمة في منازل، تُجهز غرفة واحدة بمدفأة لإمضاء الشتوية كلّ عام، وتشتري بعض اللترات من المازوت أو بعض المؤونة منه خلال فصل الصيف. أماّ هذه الشتوية، نسيت الناس هذا الموضوع، عندما تسأل أحداً عن مدفأة المازوت يضحك من قلبه. لا أحد يفكّر بزيارة محطات الوقود من غلاء الأسعار. و لا أحد ينوي تركيب مدفأته بسبب الوضع المادي السيء الذي نعيشه كلاجئين.” وتسرد في الحديث عن وضع المخيمات: “لا ألواح خشبية و لا شوادر تقي برد هذا الشتاء. و هناك غياب ملحوظ لدور الجمعيات الإغاثية.”

وتحذر مرفت من ارتفاع حالات التعنيف في المنازل وبين الأسر، بسبب قلّة الموارد وعدم وجود فرص عمل، مما يتسبب بمشاجرات و تفريغ الاحتقان النفسي بالضرب و التعنيف بين الأبوين أو مع الأطفال.

أمّا عن الوضع المعيشي تقول مرفت “فصل العوائل من المساعدات الغذائية و المالية زاد المعاناة، وباتت تختزل وجبات الطعام في اليوم على واحدة فقط. ويبدو واضحاً الشحوب بالبشرة و نقص فيتامين د والحديد و فقر الدم على الوجوه خاصة الأطفال. لا يوجد حديث بين الناس غير التدفئة و ارتفاع سعر الدولار، ولا أحد يعرف إلى أين سنصل.”

هذا ما أكدّه بيان المفوضية الأخير من خلال ممثل مكتب المفوضية في لبنان، أياكي إيتو، فقد أشار إلى أنه ” بالرغم من ارتفاع أسعار المواد والخدمات الأساسية بنسبة تزيد عن 700% منذ حزيران 2020، لا تزال العائلات في لبنان تكسب أقل بينما تضطر إلى دفع المزيد من المال مقابل السلع الأساسية. تواصل المفوضية والمنظمات الشريكة دعم اللاجئين الأكثر ضعفاً من خلال تزويدهم بالمساعدات الإنسانية. كما تدعم أيضاً المؤسسات العامة، بما في ذلك المستشفيات والبلديات.”

وأضاف إيتو أن “هذه المساعدة بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية. فثمة حاجة ماسة إلى زيادة المساعدة المقدَّمة إلى اللاجئين والأسر اللبنانية الأكثر احتياجاً، بما في ذلك دعم المؤسسات اللبنانية، لكي توفّر خدمات أساسية بشكل مستدام.”

ويشهد سعر صرف الدولار الأمريكي في لبنان ارتفاعاً كبيرا في الآونة الأخيرة حيث تجاوز الـ 44 ألف ل.ل مقابل الدولار الأمريكي الواحد، بينما يتمّ رفع إيجارات المنازل والكهرباء و المواد الغذائية والأدوية. ويرتفع معه النزاع على الموارد بين الناس.

 الجدير بالذكر، أنّ مأساة الشتاء تعود بالضرر كلّ سنة على اللاجئين في مخيمات لبنان،ويبقى هذا العام الأكثر خشية وخطورة. بينما لا يوجد خطط طوارئ واضحة من قبل المنظمات التي تسعى بعضها لترميم وتجهيز الخيم بشوادر وأخشاب ودعامات ربّما لا تكفي لتصمد في عواصف ثلجية ومطرية قادمة. فيما ينتظر البعض الآخر قبول الممولين بإرسال الدعم عند وقوع الكارثة في عمق الشتاء.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »