ترجمة وإعداد: بربارا ميخائيل

لا تعيش المجتمعات البشرية حالات دائمة من السلام والأمان، فغالبا ما تسبب الحروب والأطماع والاضطهاد مصادر أساسية لمشكلات إنسانية واجتماعية تفوق التصور، حيث يعتبر القتل وحروب الإبادة والسجن والتعذيب والترحيل القسري والاغتصاب أدوات في الحروب تستعملها الأطراف المتنازعة لتحقيق أهداف تخرج عن السيطرة وغالبا ما تكون ضحيتها من المدنيين والأبرياء في الدرجة الأولى.

مما ينتج في حالات الحروب والنزاعات الداخلية للبلدان، وغياب قوانين حماية الأفراد وخاصة النساء والأطفال في البلدان المتخلفة، بروز ظاهرة النساء الهاربات، أي النساء اللواتي يهربن من بؤر التوتر والصراع لإنقاذ حياتهن وحياة أطفالهن من مصائر مدمرة أو للرغبة في حياة وكفاية كريمتين.

فحتى نهاية عام 2017 وقبل نهاية العقد الثاني من القرن الحالي قدر عدد النازحين ب 68.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم نصفهم تقريبا من النساء في أفريقيا والشرق الأوسط. ونظراً لأن النساء غالباً ما يفتقرن إلى المال وطرق الهروب الطويلة التي تشتمل على العديد من المخاطر، فغالباً ما يهربن داخل الحدود الوطنية، أما من ينجحن في اللجوء فالفرصة تكون متاحة لهن للعيش بظروف مختلفة كلياً.

في عام 2017 كانت نسبة 40 في المائة من طالبي اللجوء في ألمانيا من النساء، وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 تم تقديم حوالي 43 في المائة من طلبات اللجوء من قبل النساء. وإن غالبية طالبي اللجوء في ألمانيا هم من الفئة العمرية الشابة حيث 84 بالمائة هم أصغر من 35 سنة وفقا لدراسة حول اللاجئات 2017.

إن النساء اللواتي يفرون من البلدان الافريقية بمفردهن إلى ألمانيا أكثر من النساء اللواتي يفرون من سوريا أو أفغانستان.

وان أكثر من 60 بالمائة من السوريين والأفغان الذين تمت مقابلتهم كجزء من الدراسة كانوا برفقة أطفالهم عند فرارهم إلى ألمانيا في حين أن 48 في المائة فقط من النساء السوريات كن برفقة أزواجهن.

يأتي ثلثا اللاجئين في جميع أنحاء العالم حاليا قبل الحرب في أوكرانيا من خمسة بلدان فقط: سوريا، أفغانستان، الصومال، ميانمار، وجنوب السودان.

 فقط تسعة بالمائة من اللاجئين وطالبي اللجوء تستقبلهم أقوى ستة بلدان اقتصادية: الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا. في حين يعيش 85 بالمائة من اللاجئين في البلدان النامية.

الهروب وتجارب العنف

تهرب النساء لأسباب عديدة كالحروب الأهلية والاضطهاد السياسي والكوارث البيئية والفقر وأشكال مختلفة من العنف، مثل العنف المنزلي أو العنف الجنسي مثل (جرائم الشرف) والإجهاض القسري وتشويه الأعضاء التناسلية (الختان) وحرق الأرملة والاغتصاب.

ويلاحظ أن تجارب العنف الجنسي لا تنتهي أو تتوقف حتى بعد خروج المرأة من وطنها حيث يمكن أن تتعرض النساء اللاجئات للاغتصاب أثناء سلوك طرق اللجوء غير الشرعي وهي طرق محفوفة بالعديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى الموت غرقاً أو لعمليات اتجار بالأعضاء البشرية. وتستمر عمليات العنف حتى وصول اللاجئات إلى بلدان الأمان أو البلد المستقبل، فبمجرد وصولهن يمكن أن يصبحن ضحايا العنف العنصري في مخيمات اللجوء.

كما تلعب أسباب الاضطهاد الخاصة بنوع الجنس دوراً رئيساً في عملية الفرار لدى النساء. وقد وثق تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان عددا كبيرا من الجرائم ضد النساء والفتيات حيث تم الإبلاغ عن 280 جريمة قتل وجرائم شرف بحق النساء بين عامي 2015 و2017.

وفي أميركا الوسطى تهربن النساء من أعمال عنف واغتصاب جماعية من قبل العصابات المتحكمة بعمليات التهريب وتجارة الأسلحة أو المخدرات. ويمكن تسجيل ملاحظة هامة وهي وجود الاضطهاد بشكل عام عند حرمان المرأة من الحقوق الأساسية مثل الحق في التعليم أو العمل أو ممارسة الشعائر الدينية.

حماية اللاجئين

لفترة طويلة من الزمن لم تؤخذ في قوانين اللجوء أسباب هروب النساء على محمل الجد، لكن في عام 2005 أدرجت ألمانيا الاضطهاد القائم على نوع الجنس في قانون الهجرة الألماني كسبب لمنح الحماية، لكن التنفيذ العملي لمنح الحماية للنساء الهاربات واجه عقبات عديدة لأن هذا النوع من الاضطهاد يمس نواح شديدة الخصوصية من حياة الناس فغالبا ما يحدث العنف الجنسي داخل الأسرة وفي المنزل.

ومن ناحية اخرى يوجد كثير من النساء اللواتي لا يعرفن أن هذا العنف القائم ضدهن يشكل سببا كافيا لنيل الحماية في البلد المستقبل. لكن اتفاقية جنيف للاجئين، والتي عرفت اللاجئ بأنه شخص قد هرب من الاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو رأيه السياسي، تجاهلت في تعريفها الاضطهاد بسبب الهوية الجندرية او الهوية الجنسية.

لكن منذ التسعينات في القرن الماضي صدرت لوائح حماية دولية خاصة باللاجئات ومنها (السياسة الخاصة باللاجئات) عام 1990 والتي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ولأن نصف الأشخاص الذين يفرون من العالم هم من النساء فذلك يستدعي قوانين الحماية الخاصة والحاجة الملحة إلى منظور يراعي الفوارق بين الجنسين من أجل ضمان حماية اللاجئات في جميع أنحاء العالم وسيتعين تطوير المبادئ التوجيهية الحالية و تنفيذها باستمرار، لكي لا تركز سياسة اللجوء الأوروبية الحالية على منع و إعاقة حركات الهجرة لأن من نتائجها المساهمة في تدهور وضع المرأة و مضاعفة العنف ضدها و سن قوانين تمنع ترحيل النساء و تخفيف القيود على لم شمل الأسر و إيجاد طرق سفر قانونية حتى لا تجبر النساء على اختيار طرق هروب غير قانونية و محفوفة بالمخاطر.

 رحلة النساء في الهروب لا يكون فيها الخلاص والأمان ابدا في مرحلتها الأولى لكن في المرحلة الثانية حيث تستقر النساء كلاجئات يشعرن ببعض الأمان لكن عيونهن وإرادتهن مشدودة نحو الخلاص من اللجوء إلى المرحلة الثالثة وهي مرحلة المواطنات صاحبات الحقوق والواجبات والشعور في المساواة والفرص المتكافئة في الوطن الجديد والعيش بسلام واطمئنان.

المصدر: 

https://www.bpb.de/themen/migration-integration/kurzdossiers/282185/frauen-auf-der-flucht/

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”