Search
Close this search box.

أن تكون مختلفاً!

أن تكون مختلفاً!

سلمى الدمشقي

يشير مصطلح LGBT إلى المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، ويضيف مصطلح LGBTI إليهم حاملي صفات الجنسين. وفي حين أن هذين المصطلحين يلقَيان استجابة متزايدة في كل دول العالم الغربي، ويتم التعريف يوميا ومنذ سنوات عديدة بحقهم في الحياة وفق هوياتهم الجنسية التي يختاروها دون إساءة او تنمر من قبل الدولة والمجتمع، فان ما يحدث لهم في مجتمعاتنا يعتبر مغايراً تماماً، حيث يطلق على المثليات اسم السحاقيات وعلى المثليين اسم اللواطيين.

وقد سعت وكالات الأمم المتحدة  إلى الانتباه لهذه الشريحة الواسعة والى التعريف بها لحماية حقوقها، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم /17/ أيار 1990 حذف المثلية الجنسية من قائمة الامراض النفسية منهية بذلك قروناً من الزمن تم اعتبارها فيهم حالة مرضية، ومن ثم تم إعلان هذا اليوم كيوم عالمي لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحول الجنسي، وبالطبع لا نحتفل بهذا اليوم في دولنا العربية.

الوصم والتمييز

أما حاملو صفات الجنسين فهم يولدون بخصائص جنسية جسدية أو بيولوجية لا تنطبق عليها التعاريف المعتادة للذكور أو الإناث، مثل البنية الجنسية أو الأعضاء التناسلية أو الأنماط الهرمونية و/أو أنماط الكروموزومات. ويمكن أن تكون هذه الخصائص واضحة عند الولادة، كما يمكن أن تظهر في مرحلة لاحقة من الحياة، ويكون ذلك غالباً عند البلوغ. ويمكن أن يكون لحاملي صفات الجنسين أي ميل أو هوية من الميول أو الهويات الجنسانية وهؤلاء   يطلق عليهم مصطلح “خنثى”.

في بعض البلدان (لا سيما في البلدان الأفريقية والآسيوية) يواجه هؤلاء الأشخاص الوصم والتمييز منذ الولادة، لا سيما عندما يكون التباين الجنسي الثنائي واضحاً، وقد يشمل ذلك قتل الأطفال وترهيبهم ووصمهم بالعار من قبل عائلاتهم، وقد تتهم الأمهات اللواتي ينجبن أطفالاً ثنائيي الجنس في شرق أفريقيا بممارسة السحر، ويمكن وصف ولادة طفل ثنائي الجنس على أنه لعنة.

وقد تعرض بعض الأطفال والرّضع ثنائيو الجنس، الذين يمتلكون أعضاء تناسلية خارجية مبهمة لعمليات جراحية و/ أو هرمونية لجعلهم يمتلكون خصائص جنسيّة مقبولة اجتماعيّاً.

وتعتبر كريستيان فولينع أوّل ثنائية جنس تربح قضية رفعتها ضدّ طبيب جرّاح بسبب تدخّل جراحيّ لم توافق عليه المريضة عام 2011. وفي عام 2015 اعترف مجلس أوروبا لأوّل مرّة في حقّ ثنائيّي الجنس بعدم الخضوع لعمليات تعديل على أعضائهم التناسلية دون موافقتهم. وفي شهر نيسان /أبريل من سنة 2015 أصبحت مالطا البلد الأوّل في العالم الذي يحظر التدخّلات الطبّيّة غير التقليدية لتعديل التركيب البنيوي الجنسيّ، بما في ذلك العمليّات على ثنائيي الجنس.

 وقد أصدرت كلّ من وكالات الأمم المتحدة والبرلمان الأسترالي والمؤسسات الأخلاقية الألمانية والسويسرية تصريحات تؤكّد انتهاك هذه الإجراءات لحقوق الإنسان. كما أصدرت منظّمات ثنائيي الجنس Intersex organizations حول العالم بياناتٍ مشتركة على مدى عدّة سنوات ترفض هذه الإجراءات، بما في ذلك إعلان مالطا الصادر عن المنتدى الدولي الثالث لثنائيّي الجنس.

الاختلاف في مجتمعاتنا

يواجه الأشخاص من المثليين والمثليات ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً  في سوريا تحديات قانونية حيث  تحظر المادة 520 من “قانون العقوبات 1949” “العلاقات الجسدية ضد نظام الطبيعة”، وتنص على عقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، وتحديات اجتماعية تتمثل برفض المجتمع للاعتراف بهوياتهم المختلفة او السماح لهم بالعيش المشترك او التعبير عن رغباتهم وفي بعض المجتمعات المغلقة في سوريا هناك رفض لوجودهم بالمطلق، فكثير من الأباء والأمهات يرفضون الاعتراف بحالة طفلهم او طفلتهم الفريدة.

ولعل الحالة الأشهر كانت في بداية التسعينيات حيث واجه القصر العدلي بدمشق حالة زوجة تطلب الطلاق من زوجها بعد إنجابه لثلاثة أطفال وتحوله إلى أنثى. وكانت الحالة الأولى في تاريخ سوريا حيث اجتمع قضاة المحاكم للغرف الشرعية الستة للتداول وانتهوا إلى الحكم بالطلاق لعدم جواز زواج اثنتان من نفس الجنس وتنسيب الأطفال لعمهم.

الجنس المخفي

وربما يكون  الكاتب السوري نهاد سيريس في روايته “حالة شغف” الصادرة عام 1998 هو أول كاتب يلقي الضوء وبكثافة على عالم الجنس المخفي لدى النساء السحاقيات، فيكشف لأول مرة عن ما يسمى بنات العشرة في حلب، وهو مصطلح انتشر في صالونات النساء لدى الطبقات الميسورة في دمشق وحلب من الخمسينيات ولغاية السبعينات من القرن العشرين ويدل على وجود فتيات ٌتربين في هذه البيوت لمتعة أصحاب البيت ومتعة النساء في صالونات هذه البيوت.

وحاولت بعض مسلسلات الدراما السورية الإشارة الى هذه الجوانب المخفية في المجتمع السوري. ففي أحدى حلقات “أهل الغرام” عالجت موضوع التحول الجنسي من فتاة لشاب ولكن كانت المعالجة ذكورية حيث تفرح العائلة بأن ابنتها أصبحت شاباً من غير الغوص في أعماق شخصية الفتاة وتناقضاتها عند تحولها الى شاب. ومؤخراً أعلن الممثل المصري هشام سليم دعمه الكامل لابنته التي أتخذت قراراً بالتحول إلى ذكر في عمر /18/، حيث قال: “كنت ألحظ أن لها تصرفات ذكورية منذ صغرها”، وأوضح مدى الصعوبة التي عانتها ابنته حتى أخذت هذا القرار واعترف أنه من الاسهل التحول من انثى لذكر في مجتمعنا، أما الحالة المعاكسة فتلقى رفضاً شديداً. ولعل مسلسل “قلم حمرة” للمخرجة رشا شربتجي هو الاوضح حيث يطرح مشكلة شاب رسام مثلي وتخلي أمه وعائلته عنه حين حاول أن يجاهر بمثليته ويعلنها وعدائية أصدقائه له حين معرفتهم بوضعه واستغلال صاحبة المعرض الفني  لحالته من أجل الترويج للمعرض.

الاغتصاب التصحيحي

وبعد عام 2011، وحين خروج مناطق عدة عن سيطرة النظام في المناطق التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية، تم إستهداف النساء والرجال المغايرين، كجزء من فرض الشريعة الإسلامية، حيث يعاقب داعش أولئك الذين “ارتكبوا أفعال أهل [النبي] لوط”، والتي يشيرون إليها أيضًا باسم “اللواط” بالجلد، والسحاقيات بعقوبات تصل إلى القتل أحياناً. أيضاً في المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في سوريا، يتم اعتقال المثليين السوريين وضربهم وإعدامهم.

ولعل مصطلح “الاغتصاب التصحيحي” هو الأبرز في توصيف الحالات الجديدة بعد عام 2011 فمع دخول المنظمات المدنية النسوية للعمل في الداخل السوري وتركيزهن على العنف الممارس ضد النساء بجميع اشكاله ولقائهن لعدد كبير من النساء اللواتي تعرضن للعنف او التمييز أو التنمر، وبعد تجرؤ هؤلاء النسوة على البوح، تم اطلاق هذا المصطلح على الفتيات اللواتي يتعرضن لهذا الاغتصاب من قبل  أولياء امرهن وبوجود باقي الاسرة، وذلك حين ملاحظة خلل لدى الطفلة او المراهقة في ميلها لبنات جنسها او عدم ميلها للجنس الآخر حيث يتم اغتصابها لتصحيح مشاعرها وميولها المختلفة. ولعل الحالة الأبرز كان اعتراف مراهقة في ريف دمشق لأحدى المحاميات النسويات أنها تعرضت للاغتصاب من قبل عمها وبوجود والديها في ذات الغرفة، بعد تصريحها لوالدتها أنها تحب رفيقتها ولا تستطيع أن تفسر شعورها هذا.

وطبعاً هذه المنظمات، وفي أقصى الحالات تستطيع الإشارة ومناهضة هذه الاعمال العنفية ولكنها لاتستطيع الإشارة الى حق أولئك المختلفين في الحياة والتصرف وفق مشاعرهم لرفض المجتمع القاطع والدين لهم لغاية الان.

في النهاية يمكننا القول إن “الاختلاف” في مجتمعاتنا سيظل وصمة اجتماعية تحكمه المفاهيم المتوارثة، في الوقت الذي تفتقد به تلك المجتمعات إلى قوانين تحمي اختلافهم، بل على العكس تتم إدانتهم ومحاسبتهم على “خروجهم” عن السائد.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي الكاتبة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »