Search
Close this search box.

التمكين السياسي للمرأة في الشرق الأوسط

التمكين السياسي للمرأة في الشرق الأوسط

ترجمة وإعداد: هالة الحسن

فرضت ثورات الربيع العربي وما تلاها من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط أشكالاً جديدة لنضال المرأة، وازداد نشاط النساء لجعل أصواتهن مسموعة في ظل الاضطرابات السياسية التي هددت حقوقهن مباشرةً، ونتج عن ذلك النشاط طفرة في مشاركة النساء السياسية، ما دفع القادة والحكومات الأصولية والمحافظة للتراجع، لكنهم في الوقت نفسه ضاعفوا هجومهم على حقوق الإنسان ولا سيما المرأة في محاولة لحماية سلطتهم.

يقول الدكتور مجدي عبد الحميد بلال، رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية “منذ اندلاع الثورة السياسية، عاشت المرأة حالتين متناقضتين الأولى: أصبحت النساء أكثر انخراطًا في السياسة، وتعلمن المزيد عن حقوقهن ولماذا يجب عليهن الدفاع عنها، لكن على الجانب الآخر، أمسك الأصوليون بزمام السلطة وعملوا ضد النساء، نحن في صراع أحياناً نفوز وأحياناً نخسر”. وتعمل الجمعية المصرية على تعزيز مشاركة المصريين في المجتمع المدني والفضاء العام ومنتديات السياسات، وتعمل مع النساء المهمشات لتعليمهن حقوق الإنسان وتطوير الديمقراطية ونتيجة الصراع، ضاعفت الجمعيات النسائية جهودها لتأكيد مشاركة النساء والفتيات في العمليات السياسية وتمكينهن اقتصادياً. تقول يارا فتحي عبد السلام من مركز “وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية” بعد الثورة في مصر، حاول الإخوان إلغاء جميع المكاسب التي حققتها النساء في الماضي، لذا انخرطت جميع منظمات حقوق المرأة في هذه المعركة حتى بعد استلام الحكم الجديد السلطة، شعرنا أن هناك تجاهلاً كبيراً للنساء. لم تكن حقوق المرأة مدرجة في جدول الأعمال، لذلك كان علينا نحن والمنظمات غير الحكومية الأخرى أن نعبئ أنفسنا ونصبح أكثر مشاركة في المناصرة السياسية بسبب التهديدات ضد حقوق المرأة”.

معارضة أصولية

يقول بلال: “إن الثقافة الأبوية في المنطقة هي واحدة من أهم التحديات التي تواجه النساء المشاركات في السياسة، يستخدم الرجال الدين الإسلامي من أجل تقييد النساء، هذه العقلية قوية جداً في منطقتنا، لكن الأمر لا يقتصر على الدين فقط، بل يتعداه إلى الثقافة والتقاليد البالية”.

ويضيف “حتى عندما تفوز المرأة بحقوقها، فهي ليست بالضرورة قادرة على الاستمتاع بها لأنها محرمة عليها بحكم الأعراف والتقاليد الاجتماعية القوية على سبيل المثال، على الرغم من أن المرأة في مصر لها حق التصويت، وجدت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، (التي تقوم بمراقبة منتظمة للانتخابات) أنه في القرى الريفية، يقوم الأزواج أو الآباء أو الأخوة بتوجيه النساء حول كيفية التصويت، أي ببساطة يجبرون المرأة على التصويت وفق رغبتهم”.

تقيد القوانين في المنطقة، سواء كانت القديمة أو الحديثة، حقوق الإنسان للمرأة وتقدم دليلاً صريحاً على أن مستلمي السلطة لا يعتبرون النساء متساويات. على سبيل المثال، في عام 2014، قدم البرلمان العراقي مشروع قانون حاول أن يجيز الزواج من فتاة لا تتجاوز التاسعة من العمر، والسماح بالاغتصاب الزوجي، والسماح بتعدد الزوجات. كما لا يسمح القانون المعمول به في لبنان للمرأة بنقل جنسيتها، مما يعني أنه إذا تزوجت امرأة لبنانية من رجل غير لبناني، فإن أطفالها لا يحملون الجنسية اللبنانية. كما شكلت الجماعات الأصولية تهديداً قوياً ومتزايداً، مع استراتيجيات تستهدف النساء بشكل مباشر، بما في ذلك الاختطاف والاسترقاق الجنسي القسري للنساء اليزيديات في العراق من قبل ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

تقول لينا أبو حبيب، منسقة حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي: “هذا هو الوقت الذي يتعين على النساء فيه تولي زمام الأمور، عليهن أن يدافعن عن أنفسهن، وعن حقوقهن ووجودهن، هذه الأوقات ليست عادية نحن نتعامل مع خصم بشع، خصم لا يعتقد أن النساء والفتيات بشر، ومن هنا تأتي أهمية المشاركة السياسية، والحصول على الصوت والعمل الجماعي، والموارد لمواصلة العمل والتنظيم والمشاركة”.

مراقبة لا أكثر

مع وجود الكثير من الكيانات القوية التي تعارض حقوق الإنسان للمرأة في الشرق الأوسط، يشعر الكثير في المنطقة أن الدعم الدولي كان ضعيفاً جداً. لذلك تشدد قيادات الجماعات النسائية عبر المنطقة على الحاجة إلى الدعم والتضامن الدوليين.

يقول بلال: “تراجع بعض المانحين عن دعمهم للجماعات النسائية في مصر لأنهم لا يريدون التورط في المشاكل. فهم يعتقدون أنها تجلب لهم الصداع، أنا أنتقد هذا بالطبع أعتقد أن من مسؤولية العالم تجاه المجتمع المدني المصري دعمنا ومساعدتنا في أزمتنا. هذه حقيقة بالنسبة لي”.

بالإضافة إلى الدعم المالي، تطالب النساء أيضاً بالتضامن الدولي والمجاهرة بالدعم، مستشهدين بكلا النوعين من الدعم على أنهما حاسمان لمقاومة الأصولية.

تؤكد المجموعات النسائية أنه رغم من أن التهديدات الأصولية ضد حقوق المرأة هي في الوقت الحاضر أقوى في الشرق الأوسط، فإن القضية هي في الواقع مشكلة عالمية تقول لينا أبو حبيب “مع ما يحدث على الصعيد العالمي، من بلجيكا، إلى باريس، إلى كوت ديفوار، إلى تونس، تركيا، وفي جميع البلدان في الشمال والجنوب، أعتقد أن الوقت قد حان لأن ندرك جميعاً أن المعركة ضد التطرف والأصولية هي معركة دولية عالمية، والأمر لا يقتصر على حدود بلد أو منطقة، بلد هو دولي، فالمعركة ليس لها حدود لذلك، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمكنهم توجيه الموارد في وجه التحدي الدولي، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمكنهم المشاركة دولياً، والذين يتحدثون دولياً، وهذا هو الشيء الوحيد المهم في هذه المرحلة”.

في الواقع، تواجه النساء في بلدان حول العالم – وليس فقط في الشرق الأوسط – تهديدات لحقوقهن من القيادة المحافظة، وذلك ابتداءاً من الحفاظ على الحقوق الإنجابية وصولاً  إلى الدفاع عن القوانين التي تحمي النساء، ويعرف النشطاء أن المعارضة العالمية الموحدة للأنظمة القمعية – بما في ذلك الدعم الصوتي والدولي – هي الاستراتيجية الأكثر فعالية.

لا تراجع

على الرغم من هذه التحديات، فإن الجمعيات النسائية في المنطقة مرنة. إنهن متأكدات من أن النساء سيواصلن مقاومتهن على الرغم من التحديات، ويأملن في إمكانية استمرار القوة السياسية للمرأة في النمو، يقول بلال: “المرأة في مصر قوية، إذا شاركت المرأة في الشؤون السياسية، فستكون فعالة للغاية، يمكنها تغيير المشهد السياسي في مصر، وستغيره، فالنساء نصف مصر، 45 مليون شخص على الأقل، تتمتع هذه الكتلة السكانية بإمكانيات كبيرة، ليس فقط اقتصادياً ولكن سياسياً، عليهن أن يشاركن في تقرير حياتهن وفي اختيار الطريقة التي يردن العيش بها”.

تقول لينا أبو حبيب: “كلنا نحافظ على قوتنا ضد القوى البربرية المذهلة التي أطلقت العنان لجميع شرورها ضد النساء، إن شجاعة النساء مصدر إلهام – التصميم على عدم التخلي، وعدم الاستسلام. أن تكون جزءاً من هذه الحركة التي تدفع ضد كل الصعاب أمر ملهم جداً”.


المصدر:

https://www.globalfundforwomen.org/political-empowerment-for-women-in-the-middle-east

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »