ترجمة وإعداد: رشا جمال
شهر آذار هو شهر المرأة بامتياز، بدءاً من يوم المرأة العالمي وانتهاء بعيد الأم، مما يستدعينا تقييم التقدم والعقبات التي تواجه النساء في جميع أنحاء العالم. وتتزامن احتفالات هذا العام مع العديد من المناسبات السنوية الهامة، ففي عام 2020 وصلت أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف رقم 5 منها، الذي يدعو إلى المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، إلى مرحلة المراقبة والتقييم. بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325، الذي يدعو إلى المزيد من إشراك المرأة في عمليات السلام والأمن، ووضع جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، قد مضى عليه 20 عاماً. وقبل خمسة وعشرين عاماً، وضع المؤتمر العالمي الرابع للأمم المتحدة حول المرأة أكثر الاتفاقات الدولية تقدماً بشأن حقوق المرأة حتى الآن من خلال إعلان ومنهاج عمل بيجين، الذي يشكل إطاراً عالمياً لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
لكن، وعلى الرغم من أن كل ما ذكر أعلاه يدعو إلى المساواة في صنع القرار، إلا أنه لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق التكافؤ السياسي، فقد زادت النسبة المئوية للنساء في الهيئات التشريعية في جميع أنحاء العالم منذ عام 1995 إلى أكثر من الضعف، لتصل إلى 24,5 في المائة، لكنها لا تزال أقل بكثير من التمثيل المتساوي.
وفي محاولة لرصد مسألة استلام المرأة لمناصب سياسية مهمة، تم إطلاق مؤشر قوة المرأة عبر الانترنت من أجل التخطيط لتقدمها والقضاء على الفجوات المتبقية، حيث يصنف المؤشر 193 دولة عضو في الأمم المتحدة ويظهر مدى تقدمها في مجال التكافؤ بين الجنسين في المشاركة السياسية وتحليل نسبة النساء اللاتي يشغلن منصب رئيس الدولة أو الحكومة وفي مجلس الوزراء، والمجالس التشريعية الوطنية، والمرشحات للهيئات التشريعية الوطنية، وفي الهيئات الحكومية المحلية. على الرغم من أن تمثيل النساء في هذه المناصب قد ازداد ببطء ولكن بثبات منذ عام 1995، إلا أنه لا يوجد بلد في العالم يسجل أعلى من 75 من 100 في مؤشر التكافؤ السياسي للمؤشر؛ حيث يشير الرقم 100 إلى التكافؤ في جميع مستويات الحكومة.
وجاء في مؤشر القوة أن 64 دولة حول العالم قد انتخبت بالفعل رئيسة دولة خلال العقود الماضية، ولم تنضم إليهم الولايات المتحدة، إلا أن مستوى النساء في المكتب التنفيذي لا يزال الأعلى على مستوى العالم، حيث أن أكثر من 85% من القيادات النسائية الأمريكية تولت هذا المنصب بعد عام 1990، وصعد أكثر من ثلاثة أرباعهن إلى السلطة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
تستلم اليوم 19 امرأة زمام رئاسة الدولة في مختلف أنحاء العالم. من هؤلاء النساء الأوائل البارزات: رئيسة الوزراء الناميبية سارا كوغونغيلوي- أماديلا – التي قادت البلاد إلى أول فائض في ميزانيتها أثناء عملها كوزيرة للمالية، إلى الرئيسة الإستونية كيرستي كاليولايد، التي شهدت البلاد في عهدها طفرة تقنية مميزة بحيث تم إنشاء منصة تعمل على مستوى البلاد تمكّن المواطنين من التصويت ودفع الضرائب عبر الإنترنت، بالإضافة إلى عضويتها ودورها الفعال في الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
لكن ذلك لا يعني أن الطريق ممهدة بالورود أمام النساء اللواتي يدخلن الساحة السياسية، فهن يواجهن تحديات خطيرة، ويجب القلق جدياً تجاه الهجمات المتزايدة ذات الدوافع السياسية على النساء، فمع تزايد عدد النساء اللاتي يتقلدن مناصب مهمة على مستوى العالم، تتزايد ردود الفعل العنيفة، ووفقاً لأبحاث كثيرة صدرت مؤخراً وُجد أن مستويات العنف السياسي التي تستهدف النساء وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
إن تولي منصب سياسي هو مجرد الخطوة الأولى لممارسة السلطة السياسية. في العديد من البلدان، لا تزال الهياكل المؤسسية والأنظمة السياسية تحد من قدرة المرأة على التأثير في السياسة. وفي نفس الوقت النساء لسن مجموعة متجانسة، ولن تكون جميع القيادات النسائية متعاونة أو مسالمة أو مدافعة عن القوانين التي تعزز المساواة بين الجنسين. وفي حال تم انتخاب إحدى النساء لمنصب قيادي، غالباً ما يعني وصولها لذلك المنصب التنقل في الهياكل التي كان يسيطر عليها الذكور سابقاً، والتي يمكن أن تتحقق نتيجة محاذير سياسية، وليس الهدف منها تغيير السياسة. علاوة على ذلك، مع ارتفاع عدد النساء اللواتي يبحثن عن وظائف، يزداد أيضاً العداء والعنف ضدهن بحيث تتزايد الهجمات ذات الدوافع السياسية على النساء في جميع أنحاء العالم.
أخيراً يمكننا القول أن النساء في جميع أنحاء العالم تواجه أشكالاً من العنف القائم على النوع الاجتماعي تؤثر على قراراتهن في الترشح للمناصب وتعوق قدراتهن على الحكم بفعالية. لذا، وفي الوقت الذي ترفع فيه النساء حول العالم أصواتهن وتدخلن الساحة السياسية، يتحتم على الدول الملتزمة بالديمقراطية بذل المزيد من الجهود لضمان أن تكون ساحات العمل آمنة ومتساوية. وبغض النظر عن النتيجة، فمع ازدياد عدد القيادات النسائية، من المرجح أن يتم إلهام المزيد من النساء للانخراط في السياسة.
المصدر:
https://www.cfr.org/blog/international-womens-day-women-and-political-power