ترجمة وإعداد: قمر عبد الحكيم
القاهرة – أثار عضو من لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري، جدلاً واسعاً فور اقتراحه تعديل المادة رقم 20 من قانون الأحوال الشخصية، ليصبح ليس من حق المرأة المصرية طلب الطلاق، عدا في حالة “الأذى الشديد للزوجة”.
إذا أعطى مجلس النواب إشارة بالموافقة، فإن التشريع المنقح سوف يحصر “الخُلع” على حالات: الخيانة الزوجية، العجز الجنسي، العقم، السجن، الإيذاء الجسدي الشديد والتخلي عن الزوجة لأكثر من عامين.
يُعرف “الخلع” بأنه إجراء يمنح الزوجة الحق في الطلاق، مع فقدانها الحق في النفقة، وإعادة المهر وغيره من الهدايا التي تلقتها من زوجها ومن عائلته. وقد أشاد الإعلام المصري بالإجراء الإسلامي للطلاق، الذي بدأ العمل به في مصر عام 2000 باعتباره (حجر الأساس) حيث منح المرأة المصرية الحق في الطلاق منذ فترة طويلة.
وقد برر عضو البرلمان (عاطف عبد الله) هذا التعديل في حواره مع (المونتير) قائلاً: “إن معدلات الطلاق في مصر تتزايد باستمرار، وهو ما يشكل تهديداً مشؤوماً للمجتمع”. موضحاً: “إن غالبية حالات الطلاق في مصر بدأت من قبل نساء يسعين للطلاق من أزواجهن لأسباب غالباً ما تكون تافهة، مثل شخير الزوج ليلاً، وعلينا أن نضع حداً لذلك، وأن نحافظ على قدسية الزواج، لأن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية التأسيسية التي تعزز سلامة المجتمع”.
ويلجأ عدد كبير من النساء المصريات إلى “الخُلع” كوسيلة للخروج من الزيجات غير السعيدة. ولكن في الآونة الأخيرة، أعطت بعض المدعيات -اللواتي يقدمن طلبات الطلاق- أسباباً غريبة للرغبة في إنهاء زواجهن، الأمر الذي جعل القضاة غير مقتنعين بأن لديهن أسباباً قانونية للطلاق، ففي الشهر الماضي، قدمت امرأة التماساً للطلاق في محاكم الأسرة مُبرِرة رغبتها في إنهاء الزواج قائلة: “إن زوجي ترك شعره يطول، وأصبح من محبي القطط”!
وهناك امرأة أخرى متزوجة منذ أربع سنوات ولديها طفل واحد، قد طلبت الطلاق قائلة: “إن زوجي يسخر مني لأنني قصيرة القامة”. ثم أضافت: “وقد أهانني أكثر من مرة أمام عائلته”.
لا تزال القضيتان قيد النظر في المحاكم وسنرى إذا كانت الأحكام ستكون في صالح الزوجتين أم لا، ومع ذلك، لا يمكن اعتبار جميع قضايا الخلع مثل هاتين الحالتين، فهناك الكثير من النساء من مقدمات الشكاوى تستشهدن بإدمان أزواجهن للعقاقير كدافع لطلب الطلاق، وكثيراً ما تسير مشكلة الإدمان جنباً إلى جنب مع مشكلة العنف المنزلي. وتلجأ نساء أخريات إلى الخلع بعد اكتشاف أن أزواجهن قد تزوجوا زوجة ثانية دون التماس موافقتهن على النحو الذي يقتضيه القانون. كذلك هناك أخريات تشتكي من أن أزواجهن قد توقفوا عن دعم الأسرة. والواقع أن الظروف الاقتصادية القاسية الناجمة عن إجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة المصرية منذ عام 2016 تؤثر على الأسر الفقيرة التي تناضل من أجل البقاء واقفة على قدميها.
وقد أسهمت الضغوط الاقتصادية إسهاماً جزئياً في ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة، فوفقاً لتقرير صدر في فبراير 2018 عن «الوكالة المركزية للتعبئة العامة والإحصاء»؛ فإن خُمس 1/5 الزيجات في مصر تنتهي بالطلاق سنوياً، كما أن 40% من حالات الطلاق تحدث خلال الخمس سنوات الأولى من الزواج.
رفضت (عزة كامل) الناشطة في مجال حقوق المرأة، التعديل المقترح باعتباره “محاولة شديدة التعصب للتحايل على القانون الحالي الذي يمنح المرأة حقاً متساوياً في الطلاق”. فبموجب الخلع يمكن للمرأة أن تتحرر من زواج لم تعد ترغب فيه، بغض النظر عن أسباب ذلك، وقد منحتها الشريعة هذا الحق منذ أيام النبي محمد، شريطة أن تتخلى عن حقها في الدعم المالي من زوجها بعد الطلاق وتعيد له أية هدايا تلقتها منه أثناء الزواج.
وأشارت (كامل) إلى أن: “التشريع المقترح لتقييد الخلع في حالات معينة، مثل العجز الجنسي والعقم، يهدد بحرمان المرأة المصرية من حقها الذي اكتسبته بشق الأنفس فيما يخص مسألة الطلاق، وهو أحد المكاسب المهمة التي حققتها المرأة في العقود الأخيرة”.
وفي حين يساعد “الخُلع” العديد من النساء على الهرب من زيجات مُسيئة، فإن بعض المدافعين عن حقوق الإنسان مثل المحامية عزة سليمان، مؤسسة ومديرة مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية؛ يجادلون بأن هذا الإجراء لا يعطي المرأة حقوقاً متساوية في الطلاق.
وعلى حد قول (سليمان) لـ (المونيتور) فإن “تنفيذ حكم الخلع يترك مجالاً كبيراً لتحسين الأوضاع. وفي حين يمكن للرجال أن يطلقوا زوجاتهم بمجرد أن ينطقوا بعبارة (أنتِ طالق)، فإن (الخلع) عملية طويلة ومملة، وتعرض النساء اللاتي يطلبن الطلاق لأشهر من المعاناة والإذلال في المحاكم”.
وأضافت (سليمان) أن “النساء لسن مطالبات بذكر سبب الطلاق فحسب، بل يجب عليهن أيضاً دعم شكواهن بالأدلة، والتي غالباً ما يصعب تقديمها. ويجب على المرأة أيضاً أن تتخلى عن دعمها المالي من زوجها (بعد الطلاق)، بالإضافة إلى اضطرارها إلى إعادة المهر لزوجها”.
هناك خلاف بين البرلمان والأزهر، وهو أعلى سلطة دينية في البلاد فيما يخص الإسلام السني، حول من الذي سيصوغ قانون الأحوال الشخصية الجديد في البلاد. وقد أصر شيخ الأزهر (أحمد الطيب) على ترك المهمة لعلماء الدين.
وقد صرح شيخ الأزهر لصحيفة (الوطن) في كانون الثاني/ يناير قائلاً: “في حين أن الأزهر ليس هيئة تشريعية، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بتشريع متأصل في الشريعة، يجب ترك الأمر للخبراء (رجال الدين) لاتخاذ القرار” وقد جاء تصريحه هذا رداً على اعتراضات العديد من المشرعين على صياغة الأزهر لقانون الأسرة. فلقد احتجوا على أن صياغة القوانين “ليست ضمن ولاية السلطة الدينية”.
وقال (أحمد عمر هاشم) عضو هيئة كبار العلماء، في تصريح نقلته صحيفة «الوطن»: “لقد التقينا أكثر من 30 مرة لصياغة القوانين التي تحكم جميع جوانب الحياة الأسرية. وهدفنا هو التوصل إلى قانون عائلي متماسك وشامل، وسنعرضه على البرلمان والحكومة لمراجعته”.
ويبدو -على الأقل ظاهرياً- أن التشريع المقترح من قبل الأزهر؛ أكثر رأفة بالنساء من التنقيحات المتنازع عليها، وفي الوقت الحالي، ما زال الصراع قائماً بين الأزهر والبرلمان، مع تمسك كل منهما ببندقيته!
خاص “شبكة المرأة السورية“
المصدر: