Search
Close this search box.

 احتفال أم لعبٌ على الحياة؟

 احتفال أم لعبٌ على الحياة؟

دمشق – سلوى زكزك

تقول زينة طالما أنهم خصصوا يوم الثامن من آذار من كل عام للاحتفال بيوم المرأة العالمي فمعنى هذا أنه ثمة تمييز وحيف واقع على المرأة يهربون من مواجهتها باحتفال يبدو وكأنه مجرد مانشيت دعائي وترويج صحافي  أو إنشائي  للتحايل على النساء وأوجاعهن  الكثيرة والمتعددة الوجوه.

زهرة  المرغريت البيضاء المطرزة باللون الأصفر بساقها الأخضر ورهافتها الحانية، كلام مكرر عن كلارا زيتكين  المناضلة النسوية العتيدة ومناسبة الاحتفال  التي تكرست عالمياً واكتسبت بعداً مطلبياً واحتفالياً بالوقت نفسه لدرجة أن بعض البلدان جعلت منه يوم عطلة رسمية. وأحاديث ووثائق تروى عن نساء عاملات خرجن في أمريكا للاحتجاج على الظروف الشقية للنساء العاملات، انتهى بمقتل نساء  منهن مما أكد على أحقية النساء باستذكاره بثبات وإصرار. و تحول يوم المرأة العالمي لتاريخ  محدد ومحتفل به  حتى في أكثر الدول ظلما للنساء وفي ظل وجود طاغ لقوانين تمييزية تنقص من قيمة المرأة ومن توصيفها الإنساني الفاعل  تلبية لمطلب الأمم المتحدة وإظهاراً غير فعلي وغير منسجم لحقيقة الوضع المأساوي للنساء في هذا البلد أو ذاك، ومحطة لمراجعة كل أشكال الظلم التي ترزح تحتها النساء ومطالب التغيير والتعديل خاصة في البلدان التي سعت وتسعى لتحقيق مساواة مواطنية متكاملة ومحقة.

 خطابات ووعود وتخوين واتهامات وتقصير متعدد المناح وهروب إلى الأمام ونجاحات مبالغ في ذكرها وفي تضخيم أثرها  الإيجابي على النساء، احتفالات  وخطابات وورود وقطعة حلوى  وأغان ورقص وموسيقى  يواجهها نسيان متكرر وتأجيل معلن ومتفق عليه لكل شيء حتى للمتابعة  لما سيكون صاحب الأولوية في خطة العام الجديد، تأجيلٌ حتى  موعد التاريخ ذاته لكن في العام التالي، وللتالي شجون وموانع وعثرات وإحباطات وتوجيهات وممنوعات وانفراجات بحكم الصدفة البحتة، ليبقى التالي مجرد حبر على ورقة تقلب في تقويم الدهور.

وإن كان سؤال الجدوى هو الأهم ! تجرف السنون والحروب وآلة العسف المتجددة ومظاهر التمييز الحاد والصارخ المعنى الاحتفالي لليوم العالمي للمرأة وتتجدد الأسئلة ويتجدد النكران والنسيان أيضاً.

جربت أن أسأل النساء المقيمات في الحدائق أو في الخرابات أو في البيوت المشتركة حيث انعدام الخصوصية هو السمة الأبرز عن معنى العيد، أضحكتهن عبارة عيد المرأة! عبرت آمنة عن رأيها الذي كونته حسب زعمها عن خبرة طويلة، وقالت: “المرأة مداس للجميع حتى لأبنائها، المرأة أساس الحياة وأس القهر ومحتواه الغزير الغارق في عتمة لا فكاك منها”.

أما ملكة التي سخرت من اسمها قبل كل شيء وقالت: بأنها ذات يوم دخلت إلى محل لبيع زينة العرائس وارتدت تاجاً ماسياً مبهراً فقط لتطابق اسمها على حالها ولو لمرة واحدة، لكنها شعرت بالمهانة من نظرات الجميع  نحوها والسرعة التي سحبت بها البائعة التاج عن رأسها، وأردفت قائلة: “تخيلي أنني حين نظرت للتاج وجدته أسود وليس ماسياً وكأنه مجرد حبل مقصوص من كيس قمامة داكن السواد وذو رائحة كريهة”.

وماذا إذن عن الرجال؟ عن الأبناء؟ ما معنى اليوم العالمي للمرأة؟ كل من سألتهم قالوا إنه عيد الأم !! وماذا لو لم تصبح المرأة أماً، وماذا لو لم تتزوج؟ أجابوني بأن مراعاة مشاعرها واجب وهدية صغيرة في عيد  الأم للنساء العازبات هي جبران خاطر شبه معتمد في المجتمع السوري حتى للجارات أو لصديقات العائلة من غير الأمهات.

في مكان آخر تعيش سمية وضرتها، ضرتها التي تصغرها بعشرة أعوام والتي تبكي كل يوم من فداحة الظلم الذي لحق بها حين أجبرها والدها على الزواج من ياسر زوج سمية والذي يكبرها بعشرين عاما، كلمة واحدة قالها لها أبوها، انت عاقر وولدتِ بلا رحم ورجل بلا أبناء لن يقبل بك! رنا وهي الزوجة الثانية لياسر تخدم زوجته المشلولة جراء حادث سير وتخدم أبناء ياسر وسمية وتعترف لي وأمام سمية بأنها لم تستطع تقبل وجود سمية في البيت، كما أنها لم تستطع التعامل مع أبناء ياسر وسمية كأبناء حقيقين لها حسب ما يروج زوجها من أكاذيب لا تمت للحقيقة بصلة، لابل إن أمها تقول لها إن الله قد رزقها بأبناء لكبرتها وإن كانوا ليسوا من صلبها، وعندما طلبت رنا منزلاً مستقلاً لها ولزوجها أعلن الزوج وبكل اعتداد وثقة بالغة بالنفس بأنه كان واضحاً منذ البداية مع رنا ومع أبيها وكرر لها أن امرأة بلا رحم هي امرأة ثانية وثالثة وربما مجرد مربية لأولاد من  سبقتها من زوجات أو مجرد ممرضة لزوجة مريضة يفاخر زوجها، الذي تزوج مرة ثانية لا بل أحضر الزوجة الثانية ومنحها غرفة نومها بعد أن أضاف سريراً إضافياً لزوجته الأولى في غرفة الأبناء وكـأن ما فعله  هو عمل شبه نادر ورفيع حين أبقاها في بيته بين أولادها ولم يطلقها أو يعيدها إلى بيت أهلها بعد توقف  جسدها عن الحمل والولادة والمعاشرة الزوجية.

والحال المتناقض والتمييز المستمر  والحرب الضروس المعلنة والخفية ضد مساواة النساء وتفعيل حضورهن، لا يفسد قيمة هذا اليوم ولا يدعو أبدا إلى المجاملة الشكلانية في التعامل معه، بل  يعمق الدعوة  لاستمرار النضال التشاركي بنيوياً من قوانين وسياسات وخطط، وتفاعلياً كمشاركة وتقديم كل متطلبات وأسس النجاح للفوز بالمساواة وإعلاء قيمة النساء كمواطنات فاعلات وفعالات في بناء حيواتهن واختيار مصائرهن والمشاركة في  عملية إنجاز  تشكيل الخطط الوطنية وبناء الأوطان.

للنساء كل الأمنيات الطيبة وكل الدعم، مبارك يومكن، خاصة حين تطرزنه بالإصرار والعزيمة والأمل، ولنغير في صيغة مكررة اعتدنا على تبادلها فبدلاً من عاش الثامن من آذار يوماً عالمياً للمرأة، سنقول فلتحيا كل نساء الأرض ليحتفلن بيومهن الخاص  كل عام  وعند كل إنجاز يحققنه  في مسيرة درب آلامهن الكثيرة والمؤلمة وآمالهن العريضة.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »