Search
Close this search box.

إيقاف التعليم في الرقة لدفع الطلبة للانخراط مع داعش

إيقاف التعليم في الرقة لدفع الطلبة للانخراط مع داعش

كريمة رشكو

تواجه مدينة الرقة أخطر إرهاب وتمر في أسوأ مرحلة بعد سيطرة تنظيم دولة الشام والعراق عليها قبل أكثر من عام، وذلك بعد تحررها بشكل تام من النظام السوري، لتكون بذلك أول مدينة محررة من كافة رموز النظام وشبيحته. وقد شهدت مرحلة ناجحة بالنسبة  لباقي المحافظات وازدادت فيها المؤسسات المدنية ولكن وبعد سيطرة تنظيم دولة الشام والعراق (داعش) تحولت إلى مدينة شبه مدمرة معنوياً ومادياً وثقافياً. وباتت  مدينة الرقة تفتقر لأبسط حقوقها نتيجة فرض هذا التنظيم لقرارات وسن قوانين تتماشى مع مفاهيمهم فقط وتتناقض مع رؤية الشعب المستقبلية لسورية والأهداف الأساسية للثورة. فقد صدر قرارات تخص المرأة  وتم  جلدها ورجمها. بالإضافة إلى صدور قرارات اقتصادية واجتماعية، كان آخرها قرار خاص حول واقع العملية التعليمية وألزموا المدرسين بإتباعها حيث تم إخضاعهم لمدة أسبوع لدورة شرعية، تحت طائلة المسؤولية والعقاب من يخالف الخضوع لهذه الدورة.

وقد أُطلق على هذا القانون ( التعميم رقم ١)، وصدر من ديوان التعليم التابع لتنظيم دولة الشام والعراق والذي أحدث تغييرات في المناهج التعليمية ومن أبرز التغييرات والتعديلات هي تغيير اسم الجمهورية العربية السورية واستبداله بـ”الدولة الإسلامية”، كما تم إلغاء عدة مواد منها التاريخ، الفن، الموسيقا، الرياضة، التربية القومية والتربية الدينية الإسلامية والمسيحية لوضع منهاج يتوافق مع رؤيتهم.

إيقاف الدراسة

لكن ومنذ قرابة شهر، صدر قرار يقضي بإيقاف التعليم بشكل تام في المدينة وعدم التدريس وفق المنهاج القديم إلى حين الانتهاء من أعداد المناهج الجديدة المحكومة بضوابط الشرع الحنيف. وهذا القرار سيؤدي إلى تشتت الطلاب السوريين في الرقة وإحداث حالة شرخ بينهم وبين باقي المحافظات ولاسيما أن النظام أعلن عدم شرعية المدارس الخاضعة لداعش وعدم الاعتراف بنتائج الامتحانات، مما يضع مستقبل طلاب الرقة في حالة ضياع .

وقد تعددت آراء ومواقف النشطاء السوريين حول آخر قرارات داعش، تقول ( ج.م . مدرسة سابقة في الرقة):”تم حبس أنفاس أطفالنا بقرارات داعش الجائرة، فمنذ أكثر من ستة أشهر وطلابنا يعانون منهم. وقد تم فرض النقاب علينا وكانوا يتهجمون علينا بين الفينة والأخرى بحجة تواصل المدرسين مع المدرسات مما كان يثير المخاوف والرعب بين الطلاب الذين تعودوا على ترديد الله أكبر خوفاً منهم”.

تواصل كلامها:”هذه التغييرات لم تقتصر على المدارس فقط بل وعلى الجامعات أيضاً، فقد فُرض شرط الدوام الجزئي بحجة منع اختلاط الطالبات مع الطلاب، أي دوام الذكور ثلاثة أيام ودوام الإناث ثلاثة أيام مختلفة. إن إغلاقهم للمدارس بحجة الانتظار لإعداد المنهاج الجديد هو مجرد حجة، فالتنظيم يحاول حرف طلابنا عن خط الدراسة وتوجه بهم لحمل السلاح وزرع الكراهية في قلوبهم والحقد على القوميات الموجودة في سورية، بل ووصل بهم الأمر لكره كل من لا يربي اللحية ، بالتالي أنا قلقة جداً على ضياع جيل كامل في مدينتنا وأطالب المنظمات الإنسانية بالتدخل وإنقاذ أطفالنا”.

الالتحاق بداعش

أما الكاتب والإعلامي عبد الرحمن مطر فيقول:”لم تأت خطوة داعش في إغلاق المدارس في الرقة من فراغ، إنما في سياق سلسلة من الخطوات المتتابعة، بدأت بإيقاف التعليم في الرقة مع احتلالها في الفترة الأولى، ومن ثم فصل الجنسين، وكذلك إعادة تقييم المدرسين والمعلمين بإخضاعهم لشروط داعش، كالالتزام باللباس الشرعي و التزام التعليمات التي تحددها داعش. ومن ثم قامت بإلغاء تدريس عدد من المواد، وصولاً إلى اعتماد منهاج جديد للتعليم. وأخيراً إغلاق المدارس تزامناً مع الإعلان عن افتتاح كلية للطب بالرقة بشروط غير علمية”.

وتأتي هذه الإجراءات جميعها في ظل استمرار القصف الجوي الذي يمارسه نظام الأسد، ضد المدنيين العزل، بما فيها المدارس التي تعرضت لهجمات متعددة، دون أن يراعي النظام حرمة المؤسسات التعليمية، وبالمقابل فعل تنظيم الدولة الشيء ذاته، فقد دنس حرمة المدارس باتخاذها مقار له، كمعسكرات، وتجمعات سكنية لعائلات المقاتلين المهاجرين، كما انه جعل منها منابر لتسميم عقول أجيال الناشئة: الأطفال والشباب اليافع، بمفاهيم وأفكار التطرف والعنف. وإغلاق المدارس يعني بالنسبة لداعش إجبار الصغار على الانضمام إلى صفوف المقاتلين، وهذا ما تفعله  عبر معسكرات التدريب الخاصة بالأطفال. ومن شأن إغلاق باب التعليم إمامهم، دفعهم إلى أسواق العمل المفقودة، وبالتالي ذهابهم للانضمام إلى داعش أو الهرب من المدينة.

وبالفعل فقد دفعت السياسة التعليمية لداعش عشرات العائلات للنزوح عن المناطق التي تسيطر عليها ما يسمى بالدولة الإسلامية، إما إلى تركيا، أو إلى مناطق النظام بهدف إكمال تعليم الأبناء.

الواقع إن تقرير اليونسيف الذي يتحدث عن ضرر إغلاق المدارس بحق أكثر من 600 ألف طالب، إنما يتناول مسالة الحرمان من التعليم. لكن أطفال الرقة، يتعرضون إلى انتهاكات واسعة في حقوقهم، من حيث إجبارهم على حمل السلاح، وتوجيههم من خلال مناهجهم الخاصة على التطرف والعنف، ولا يغيب عن بال أحد تأثيرات ذلك في المستقبل السوري.

ويواصل الكاتب مطر كلامه: “إن إغلاق المدارس في الرقة، يأتي أيضاً في سياق استيلاء داعش، كسلطة عنف محتلة، على المقار العامة والخاصة، بما فيها المنازل والمحلات والمراكز الحكومية وبالطبع المدارس، وهناك خشية كبيرة من استخدامها في أعمال قتالية أو لوجستية تجعل منها هدفاً لضربات التحالف الجوية. لذلك يتوجب على اليونسيف أن تعمل على استصدار قرار دولي يمنع كل الأطراف في سورية من استخدام المؤسسات التعليمية كمنطلق للعمليات العسكرية، وتجريم وتحريم استهدافها، واعتبارها بؤر آمنة للتعليم ولإيواء النازحين”.

جيل على حافة الضياع

ويرى الناشط ( م. ح ): “إننا نعيش الحرب وكل ما يصدر من قرارات لا يثير استغرابي، إنما أقلق وأحزن على جيل كامل على حافة الموت والضياع، فهذا القرار مؤذٍ جداً وله أبعاد سياسية كثيرة. فمدينة الرقة كانت مزيجاً من القوميات الموجودة في سورية من عرب وكورد وهي منطقة مسالمة وشعبها واعٍ ومحب لبعضهم البعض وهذا ما لا يرغبه داعش. فهدف هذا التنظيم انهيار البنية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وإن بقي الحال هكذا ، حريٌ بنا أن نترحم على الرقة وهي تسحب آخر أنفاسها”.

الهرب من الرقة

جدير بالذكر أن المدرسين عانوا كثيراً قبل وبعد إغلاق المدارس، تقول لنا السيدة رمال أحمد (معلمة سابقة):”هجرت مدينتي قبل ثلاثة أشهر، عانينا كثيراً بسبب عدم استلامنا الرواتب الشهرية وعدم وصول المعونات لنا ولا لطلابنا بسبب سيطرة هذا التنظيم، مما اضطرنا أنا وعائلتي السفر إلى مدينة القامشلي لتكون هناك فرصة لان يكمل أطفالي دراستهم”.

بهذه التعديلات والتغييرات ، يركز التنظيم على جعل مادة التربية الدينية مادة أساسية في المنهاج ولاسيما الفقه والعقيدة وذلك لسهولة زرع أفكار متطرفة وإجراء التغييرات متشددة في عقول الأطفال. وبهذا الخصوص صرح المتحدث باسم منظمة الطفولة التابعة لأمم المتحدة ( يونسيف ) أن (٦٥٠) ألف طفل سوري في ثلاث محافظات (الرقة ، حلب ، دير الزور) قد تعطلت دراستهم جراء إغلاق المدارس من قبل تنظيم دولة الشام والعراق.

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »