Search
Close this search box.

مذكرة استراتيجية: المساواة أولا، نحو دستور ديمقراطي

مذكرة استراتيجية: المساواة أولا، نحو دستور ديمقراطي

اجتماع الطاولة المستديرة

14 – 15 كانون الأول 2012 بيروت

المحتويات

مقدمة             4

الانتقال إلى الديمقراطية           6

                      حقوق النساء    8

الدستور وعملية بناء الدستور     10

مشاركة النساء في الحياة العامة والتمييز ضدهن                      12

الحوار              14

التضامن الدولي                       16

 

مقدمة

“نحن بحاجة للحديث عن حقوق المرأة في جميع المنابر” ناشطة سورية

عملت رابطة النساء السوريات (SWL) في عام 2011 على آليات بناء الدستور في سوريا، بدعم من المبادرة النسوية الأوروبية IFE-EFI، وذلك بهدف رفع مستوى الوعي حول ضرورة إدماج حقوق النساء في الدستور، مستقبلاً، وتطوير الخطاب حول الديمقراطية من منظور حقوق النساء، ودعم الناشطات السوريات في عملهن لتمكين النساء السوريات وتطوير مشاركتهن في عملية بناء شاملة للدستور في سوريا بما يؤدي إلى احترام وتعزيز حقوق النساء الإنسانية والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي  في سياق إطار ديمقراطي عام.

أعدت رابطة النساء السوريات، المنظمة العضوة  في تجمع سوريات من أجل الديمقراطية (CSWD) ، بحثا مقارنا حول دساتير تركيا والمغرب وتونس وسوريا، وبعد مناقشات ومشاورات واسعة توصلت الرابطة إلى صوغ مسودة مشروع حول المبادئ المؤسسة للدستور السوري متضمناً حقوق النساء والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي.

عقد تجمع سوريات من أجل الديمقراطية بالتعاون مع المبادرة النسوية الأوروبية المؤتمر الدولي: “المساواة أولا: من أجل دستور ديمقراطي” في بيروت خلال الفترة 14-15 كانون الثاني 2012 بهدف إثراء مسودة مشروع المبادئ المؤسسة للدستور، بدعم من منظمة  HIVOS الهولندية. نوقشت وثائق مؤتمر بيروت في تجمع سوريات من أجل الديمقراطية(CSWD)  وأسفر النقاش عن صياغة مسودة مشروع يتضمن المبادئ المؤسسة للدستور على نحو شامل.

شارك أكثر من 60 ناشطة وناشط في مجال حقوق النساء من سوريا، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والنشطاء، من النساء والرجال، من البلدان العربية وأوروبا والنيبال، في مناقشة وإثراء المقترحات الدستورية. وقد ساعد المؤتمر على تحديد الفجوات والاحتياجات ليتم مقاربتها وتناولها من قبل الناشطات السوريات والمجتمع الدولي. ومن بينها إطلاق عملية واسعة وشاملة لبناء الدستور في سوريا، الأمر الذي من شأنه أن يعزز تنظيم النساء ويدعم صوتهن ويضفي الطابع المؤسسي على حقوق النساء. كما شدد المؤتمر على الحاجة إلى بناء استراتيجيات لتمكين مشاركة النساء، ليس فقط كناخبات، بل كمنتخبات وصانعات  للقرار السياسي.

أثار المؤتمر عددا من التحديات، وجرى فيه تبادل الخبرات والتجارب الإيجابية المتعلقة بدسترة حقوق النساء والمساواة بين الجنسين، وأكد على الدور الحاسم للحركات النسائية في إدراج حقوق النساء والمساواة بين الجنسين في الدساتير والحفاظ عليها، باعتبارها القضية الجوهرية في مرحلة التحولات السياسية وخلال عملية بناء الدستور. صبت الناشطات النسويات جل اهتمامهن على شمولية العملية برمتها وليس على صياغة المبادئ المؤسسة للدستور فيما يخص المساواة بين الجنسين، فقط ، حيث تبين التجارب أن النساء غالبا ما يستبعدن من الهيئات والعمليات المتعلقة ببناء الدستور.

تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على النشاطات والتحليلات التي قامت بها منظمات حقوق النساء في سوريا، وإلى التأكيد على الدور الذي تقوم به هذه المنظمات في مرحلة الانتقال إلى بناء مجتمع ديمقراطي، بعيدا عن العنف. كما وتسلط الضوء على بعض النكسات والتحديات الرئيسة المتعلقة بحقوق النساء، في الحاضر والمستقبل، بما في ذلك التحليلات والدروس المستفادة من الدول الأخرى التي مرت بتحولات مشابهة.

 استنادا إلى المناقشات المكثفة على مدى  يومين متتاليين، طرحت الاستراتيجية عددا من القضايا الرئيسة أمام الناشطات في مجال حقوق النساء فيما يخص العملية الانتقالية في سوريا اليوم، وتقدمت بمجموعة من التوصيات والاستنتاجات ذات الصلة بكيفية معالجة هذه النكسات، وتلك التحديات. كما شملت الدروس المستفادة من مجمل عمل ونشاط منظمات حقوق النساء بالإضافة إلى المعطيات و إلى خبرات الجهات الفاعلة السورية والإقليمية والدولية.

 تتمسك ناشطات حقوق النساء الآن بكل فرصة لتنظيم الجهود والدعوة لوضع دستور عادل من خلال عملية واسعة وشاملة.

هذه العملية هي هدف وأداة، في الوقت ذاته، لإعلاء حقوق النساء والمساواة بين الجنسين بوصفها عنصرا أساسيا لبناء الديمقراطية في سوريا.

الانتقال إلى الديمقراطية

“المساواة على أساس النوع الاجتماعي ركنٌ من أركان الديمقراطيّة. لكنّنا لم نعرف ذلك في السابق.” ناشطة سلوفينيّة

سلّط مؤتمر بيروت الضوء على ما يجري الآن في العالم العربي، حيث فتحت الانتفاضات الداعية إلى التغيير الاجتماعي المجال أمام الإصلاحات والتحوّل إلى الديمقراطيّة. أطاحت المظاهرات الجماهيريّةّ بالأنظمة الدكتاتوريّة في تونس ومصر وألهمت حركات مشابهة في سائر المنطقة. بالرغم من تواجد المرأة على الخطّ الأمامي لهذه الحركات، يبقى من الصعب اعتبار حقوق النساء والمساواة على أساس النوع الاجتماعي أولويّة أو مسألة سياسيّة ضمن هذه المسارات. أضف إلى أنّ الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي غير المستقرّ في المنطقة يمكن أن يؤدّي إلى تأجيل مقاربة مسألة حقوق النساء. ويعتبر الناشطات والناشطون السوريّون في مجال حقوق النساء، بناءً على الدروس المستقاة من التجارب المختلفة السابقة، أنّ حقوق النساء جزءٌ لا يتجزّأ من أي عمليّة انتقاليّة تسعى إلى تحقيق الديمقراطيّة.

في ظل تصاعد الصراع المسلح والأخطار التي يمكن أن يحملها، لسورية وللمنطقة، تشتد الحاجة إلى صياغة البديل الديمقراطي الذي يحتاج إلى دعم إقليمي ودولي، مما يتيح أمام الناشطات والناشطين في مجال حقوق النساء الإنسانية فرصة للضغط على جميع المعنيين للتشديد على مسألة خلق “عمليّة ديمقراطيّة مراعية للنوع الاجتماعي والتوصّل إلى دستور ديمقراطي”. لا يستدعي ذلك تحقيق سيادة القانون فحسب، بل أيضاً المساواة على أساس النوع الاجتماعي واحترام حقوق الإنسان وكرامة المرأة والرجل على حدّ سواء.

تعتبر مرحلة التحول إلى الديمقراطيّة تحدياً كبيراً. إذ تشمل أحياناً الرغبة بتحقيق الديمقراطيّة وفي الوقت عينه، قد تشهد تراجعاً في حقوق النساء. لذا ثمّة حاجة إلى مراجعة مستمرة، ليس فقط، لمسار عملية التحول الديمقراطي، بل محتواها، أيضاً. لأن الديمقراطيّة ليست مجرّد سيادة الأكثريّة من خلال الانتخاب، بل هي تكريس لقيم المساواة على أساس النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان للنساء والرجال على حدّ سواء.

في ظلّ أجواء القلق والترقب حيال التطوّرات السياسيّة في سوريا وعدم استقرار الوضع الإقليمي، وفي الوقت الذي يصعب فيه توقّع لحظة وقف تصاعد الأعمال العسكرية ، تحظى المرأة بفرصٍ محدودة لدسترة حقوقها إن لم تكن مستعدة للدفاع عنها وكسب الآخرين لدعمها. بالرغم ممّا تشهده المنطقة من عسكرة ومشاكل وطنيّة عالقة وزيادة انتشار التعصّب الطائفي وموجات التحفّظ التي تحرّض على مزيد من العنف، يستمرّ الناشطون في مجال حقوق النساء الإنسانية ببناء المستقبل على أسسٍ وحقوق عالميّة. ولحيازة هذه الحقوق، على السوريّات مواجهة أي نظام سياسي يستلم الحكم في نهاية هذه المرحلة العنيفة من التاريخ السوري.

التوصيات

  • يجب أن تصبح القضايا التي تعنى باحترام وتعزيز حقوق النساء والمساواة بين الجنسين على أساس النوع الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من النقاش حول الديمقراطية خلال عملية التحول السياسي..
  • يجب أن تحظى الناشطات في مجال حقوق النساء بدعم دولي قوي للقيام بخطوات فعالة بغية تحقيق المساواة بين الجنسين على أساس النوع الاجتماعي  خلال الفترة الانتقالية.
  • على الناشطات في مجال حقوق النساء الاستثمار في مجال بناء قدراتهن، وإشراك المجتمعات المحلية والجهات الفاعلة في نقاش واسع النطاق حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتحول السياسي السلمي، بعيدا عن العنف، كقاعدة  للانطلاق نحو الديمقراطية وحقوق النساء والمساواة بين الجنسين على أساس النوع الاجتماعي باعتبارها عناصر لا تتجزأ.

حقوق النساء

حقوق إنسان عالميّة

“لا نعاني مشكلة هويّة؛ نعاني مشكلة مرجعيّة” ناشطة وحقوقيّة تونسيّة

تتجذّر أشكال التمييز ضدّ النساء في الكثير من البلدان، وتُعزى إلى الثقافة أو التقاليد أو الدين، وربّما تعتبر مقبولة أو حتّى شرعيّة. ورغم أن معظم أدوات حقوق الإنسان الدوليّة تكرّس المساواة على أساس النوع الاجتماعي وتدعو إلى مناهضة التمييز، لكن يرى القادة الروحيّون أنّ الكثير منها يتعارض مع الالتزامات الدينيّة. وغالباً ما تكون الخصائص الثقافيّة غير متوافقة مع الحقوق العالميّة، وبخاصّة، حقوق النساء في حالات النزاع أو خلال مراحل الانتقال العنيفة. وتتفاقم صعوبة تغيير التقاليد التي تحول دون تحقيق حقوق النساء والمساواة نتيجة غياب الوعي، وقبول النساء أنفسهن بهذا الوضع، ونتيجة تفشّي مفهوم “الخصوصية الثقافيّة” في المجتمع الدولي وفي الأوساط التي تعنى بحقوق الإنسان وباحترام التنوّع الثقافي، في حين أكّد منهاج عمل بكين، بعد إعلان فيينا، أنّ حقوق النساء هي حقوق إنسان أساسيّة وجوهرية وتتخطّى حدود التنوّع الثقافي والديني.

تقع حقوق النساء في صلب حقوق الإنسان العالميّة والأساسيّة، أصيلة، وملازمة للكرامة الإنسانيّة. وتتفوّق مبادئ احترام الإنسان والمساواة بين النساء والرجال على الأعراف والتقاليد سواء كانت دينيّة أم غير ذلك، دون أية مساومة.

تؤكد اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال العنف ضدّ المرأة (CEDAW) على واجب الدول في حماية المرأة من كلّ أشكال التمييز في جميع السياقات سواء كان ذلك في الفضاء العلني العام أو في حياتها الشخصيّة، وإلى واجب الدول في أن تمنع الممارسات الاعتياديّة والتقليديّة المؤذية ضد النساء. ومع ذلك ما زالت معظم الدول العربية تعتبر بنودا عدة في اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال العنف ضدّ المرأة مبادئ “غربيّة” وغير مراعية للقيم الدينيّة فتتحفّظ عليها نتيجة “التعارض” بين الاتّفاقيّة والقوانين المحليّة و/أو بعض المواد الدستوريّة. تتصل التحفّظات على الاتفاقية والتي تؤكد على التمييز الرسمي والقانوني ضدّ المرأة بمسائل تتعلّق بالأحوال الشخصيّة (الطلاق، الزواج، الإرث، الملكيّة، حقّ الوصاية) وبحرمان المرأة من حقها بالمواطنة كغيرها من المواطنين، وهو جلّ ما تشدّد عليه الاتّفاقيّة. ويتعارض ذلك مع هدف الاتّفاقيّة وغايتها وبالتالي تعد مثل هذه التحفظات باطلة بموجب المادّة 19 من اتّفاقيّة فيينا لقانون المعاهدات.

التوصيات

  • تعد المرحلة الانتقالية بالزخم الذي تحمله، فرصة للتأسيس للمساواة على أساس النوع الاجتماعي، عبر المفاوضات التي تجريها الحركة النسائية مع المجتمع الدولي من أجل الحصول على دعمه الفعال للجهود التي تبذلها الحركة النسائية في سوريا الآن.
  • على المجتمع الدولي أن يدعم ويساند الحركة النسائية في نضالها مع القيادات السياسية وصناع القرار لرفع جميع التحفظات عن الاتفاقية الدولية لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة
  • يمكن للمجتمع الدولي أن يطرح حقوق النساء كشرط أساسي في علاقاته المتبادلة مع القيادات السياسية في المعارضة خلال المرحلة الانتقالية وبعدها.

الدستور وعملية بناء الدستور

“عندما لا يتم احترام حقوق الإنسان الخاصّة بالنساء  خلال مسار إعداد الدستور، كيف يمكن للدستور أن يحترم هذه الحقوق؟” ناشطة مصريّة

أظهرت كلّ التطوّرات في البلدان العربية وكذلك الجدل الجاري والمستمر بشأن وضع دساتير جديدة حضور جلي لحقوق النساء في صلب عمليّات الانتقال السياسي..في الحقيقة، أن هناك حاجة ماسة إلى دسترة جميع حقوق النساء الإنسانية لضمان الانتقال إلى الديمقراطيّة الفعلية، وبينت هذه التطورات الضرورة القصوى  لمعالجة التشريعات القائمة على التمييز ضد النساء، وتغييرها، من أجل دعم تطبيق هذه الحقوق لاحقاً.

بدأت عمليّة “بناء الدستور” في سوريا، بطريقة غير رسميّة، في ظلّ تزايد أعمال العنف، ويعمل تجمّع سوريّات من أجل الديمقراطيّة بدعم من المبادرة النسويّة الأوروبيّة على بناء قاعدة شعبيّة داخل سوريا والحصول على دعم عالمي لفسح المجال أمام الجدل والنقاش الشامل حول مبادئ الدستور السوري القادم وضمان أوسع مشاركة في العمليّة. أرسلت الناشطات السوريات مقارباتهن حول المبادئ المؤسسة للدستور إلى مؤتمر المعارضة السوريّة الذي عُقد في القاهرة في حزيران/يونيو 2012 ، بالإضافة إلى ذلك، جرى الاتصال بعدد من القيادات السياسية التقدميّة التي تملك إمكانية التأثير في هذا السياق. وفي الحقيقة تقدم سوريا مثالاً عالميّاً آخراً على التنكر لإسهامات النساء الكبيرة في النضال من أجل الحريّة وعلى غياب حقوق النساء، كمسألة أساسيّة من مسائل الانتقال الديمقراطي، عن أي من جداول أعمال القوى الفاعلة في عملية التحول السياسي، حتّى ولو كانت تشارك في تحمّل عبء الصراع  وتبعاته.

ما زال تجمّع السوريّات من أجل الديمقراطيّة يحشد الأصوات ويحثّ على بناء دستور يكرّس شموليّة حقوق النساء من خلال حملته الوطنيّة: “نحو دستور ديمقراطي”بالتعاون مع  للمبادرة النسويّة الأوروبيّة  IFE-  EFI – ذلك أن من الضروري التنبّه إلى شموليّة العمليّة برمّتها وإلى ضمان المبادئ الدستورية المتعلّقة بالأحكام واللغة فيما يتعلق بالمساواة على أساس النوع الاجتماعي، الآن وفي المستقبل.

التوصيات

  • تبين الدروس المستفادة والتجارب الجيدة أن العملية الشاملة لبناء الدستور هي الهدف والأداة من اجل الارتقاء بحقوق النساء والمساواة على أساس النوع الاجتماعي  بوصفهما عنصرين أساسيين لبناء الديمقراطية.
  • على المجتمع الدولي أن يستخدم جميع  الفرص التي تساعد في تنظيم ودعم الفعاليات الناشطة في مجال حقوق النساء الإنسانية خلال عملية بناء الدستور، وفي حملات حشد التأييد التي تطلقها من أجل  دستور عادل، شامل، ومراعٍ للنوع الاجتماعي.

مشاركة النساء في الحياة العامة والتمييز ضدهن

“لا تطلب النساء دوماً إلا القليل!” ناشطة إسبانيّة

ما زال للنساء نفاذ محدود إلى السلطة وإلى المراكز العليا من صناع القرار في المجال العامّ، نتيجة لهيمنة الأدوار المجتمعية التقليدية على أساس النوع الاجتماعي والمشاركة غير المتكافئة في تحمل المسؤوليّات الأسرية، وبالتالي لا يتاح للكثير منهنّ التوفيق بين حياة الأسرة والحياة العمليّة، بالإضافة إلى الصور النمطيّة المستمرّة حول النساء والسلطة، والنساء والسياسة. في هذا الإطار، يبقى دور الأحزاب السياسيّة مهمّاً لاتّخاذ تدابير من شأنها أن تزيد من تمثيل النساء في الأوساط السياسية. وبالرغم من إعلان الأحزاب عن الحاجة إلى تحقيق المساواة على أساس النوع الاجتماعي، إلا أنه نادراً ما تعكس هيئاتها القياديّة هذا الأمر، حيث لا تتعدّى نسبة النساء في القيادات الحزبيّة حول العالم 11%.

تعد منطقة شرق المتوسط وشمال إفريقيا  عسكرية، حيث يتمّ التخلّي عن حقوق الإنسان وبخاصّة حقوق النساء. وتواجه النساء العاملات في الحقل السياسي مقاومة شديدة ليس فقط في المجال العام، بل أيضاً من قبل أفراد العائلة والزملاء والأصدقاء؛ لذلك تكون النساء شبه غائبات عن الساحة السياسيّة الأمر الذي يعد عائقا أساسيا أمام الاستقرار والديمقراطيّة في المنطقة . رغم أن الأحداث الجارية توحي بزيادة فرص مشاركة النساء في الحياة العامّة والسياسة، فما زال من الصعب عليهن رفع صوتهن وإسماع وجهة نظرهن في عمليّات اتّخاذ القرارات السياسيّة بشأن التحوّلات الجارية. إذ أن النساء العاملات في المجال السياسي قلة، إضافة إلى أنهن يعملن في أوساط تهيمن عليها القيم الأبوية التي تعطي لنفسها الحق في تحديد الحاجات والأولويّات. أضف إلى ذلك أنّ كثيرا من هؤلاء لا يتمتعن بادراك عميق  لحقوق النساء، أو لا يجرؤن على التعبير عن أنفسهنّ كي لا يتّهمن ـبعدم الولاء للقوى والأحزاب التي قدمتهن. وفي الواقع، تتمتّع النساء العاملات في المجال السياسي، بغض النظر عن وعيهنّ، بنفاذ محدود إلى السلطة كما أنهن بأمس الحاجة إلى دعم الحركات النسائيّة.

ومن أجل تغيير هذا الوضع، يجب إعداد وتطوير استراتيجيّات لتعزيز قدرات النساء وتعزيز ثقتهن بأنفسهن كي يترشّحن إلى الانتخابات المقبلة، كما يجب تكريس التعاون بين النساء العاملات في المجال  السياسي على المستويين المحلّي والوطني وبين الناشطين والناشطات في مجال حقوق النساء من المجتمع المدني، سعيا لاجتذاب عدد أكبر من النساء إلى المجال السياسي وتعزيز مشاركتهن السياسيّة كجزء أساسي من عمليّة بناء الديمقراطيّة.

وبخصوص الجدل الجاري حول الكوتا، يرى الكثيرون أنّ نسبة 30% لا تعكس تمثيلاً نسبيّاً للنساء. وقد نص منهاج عمل بكين، على حصة 30% للنساء على الأقل، كمطلب لتشكيل مجموعة ذات ثقل  قادرة على إحراز التغيير، وترى الناشطات النسويات انه يمكن القبول بهذه النسبة في المرحلة الانتقالية كمقدمة للحصول على التناصف والمساواة.

بالنظر إلى تنوّع أشكال التمييز المرئيّة وغير المرئيّة التي تعيق مشاركة المرأة في الحياة العامة، اتّفق المجتمعون/آت في بيروت على ضرورة اتّخاذ التدابير اللازمة من قبل الأحزاب السياسيّة والمشرّعين، معا، لضمان التمثيل النسبي للنساء لإتاحة فرص حقيقيّة للمشاركة الفعليّة لهن، لأن من شأن هذه المشاركة أن ترجّح كفّة الميزان لصالح حقوق النساء وتحقيق التساوي.

التوصيات

  • على المجتمع الدولي دعم مطالب الحركة النسائية في سوريا وفي المنطقة بأسرها من اجل وضع “كوتا” بحدود  30٪ في الحد الأدنى، كمرحلة انتقالية، وصولا إلى المناصفة وتحقيق المساواة التامة.
  • ينبغي دعم مجالات التعاون بين النساء العاملات في الحقل السياسي والنسوي ونشطاء المجتمع المدني من خلال تفعيل تبادل الخبرات  والتجارب الجيدة.
  • تعد هذه الخطوة ذات أهمية كبيرة وحاسمة لضمان عدم إهمال  قضايا   المساواة بين الجنسين، على أساس النوع الاجتماعي وحقوق النساء الإنسانية وترك هذه القضايا خارج العملية الانتقالية.

الحوار

“في وقتٍ نشهد فيه تطرفاً عالميّاً، نحتاج إلى حوار دولي” ناشطة لبنانيّة

يجري في سوريا استهداف الناشطين والناشطات، وتحدث عمليّات اعتقال واختفاء وضرب وقتل بشكلٍ علني في الأماكن العامّة. ولا يتمتّع الناشطون والناشطات في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني بالحقّ أو القدرة على إنشاء التنظيمات الخاصة بهم. كما أن هناك محاولات لقمع وإبعاد الناشطين في الحركة الاجتماعيّة. كما يجري تهديد الناشطات بمزيد من العنف الجنسي. ويُعتبر منع السفر شكلا من أشكال ممارسات الاستبداد الاعتيادية، ولا تتجرّأ الناشطات على طلب الإذن بالسفر خوفاً من استهدافهنّ مجدّداً. وفي الوقت ذاته تتعرّض آلاف اللاجئات والنازحات السوريّات الآن إلى العنف والخطر.

من جهةٍ أخرى، يزداد النزاع الطائفي ويمارس الاضطهاد من قبل النظام وبعض القوى المسلحة الأخرى. فتعزّز هذه الأجواء التطرّف الطائفي والتحفّظ الاجتماعي والسياسي وهي عوامل تقيد حقوق النساء المنقوصة أصلا. كما تغيب الفضاءات المدنية حيث يلتقي الناس ويتبادلون الآراء حول التحدّيات الكبرى خلال المرحلة الانتقالية، كمسائل  تحقيق العدالة في المرحلة الانتقالية والتحوّل إلى الديمقراطيّة والمجتمع المدني وبناء الدستور، كما ينعكس غياب هذه الفضاءات سلبا على تعزيز الحوار بين مختلف المجتمعات الدينيّة والإثنيّة لتقليص الاحتقانات الطائفيّة والعمل على إعادة بناء سوريا الموحّدة.

يعتبر بعض قادة حقوق الإنسان أنّ حقوق النساء والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي ليست من أولويات المرحلة الانتقالية، لذلك تسعى الناشطات الى ممارسة الضغط عليهم والتواصل معهم للبرهنة على أنّ حقوق النساء مطلب ديمقراطي ووسيلة هامة لتحقيق الديمقراطيّة وليست أمراً “ثانويّاً”. ولتعزيز هذه الرؤية، هناك حاجة ماسة إلى إجراء الحوار بين الناشطين في مجال حقوق النساء وجميع أطراف الحركة الديمقراطيّة.

يتطلّب الانتقال السلمي نحو بناء الديمقراطيّة وقف العنف ونشر الوعي بشكلٍ موسّع وشامل بالإضافة إلى التركيز على العدالة الانتقالية. ويتجلى، من الدروس المستقاة من  كلّ تجارب النزاعات العنيفة وعمليّات الانتقال السياسي، الأهمية القصوى لإشراك ناشطات في مجال حقوق المرأة لتعزيز قيم اللاعنف وفضّ النزاعات بالطرق السلميّة. وأكّد مؤتمر بيروت على أهميّة الدور الدولي في تعزيز قدرات الناشطات في الحركة النسوية في عمليات تيسير الحوار وتوفير فرص للحوار مع القوى الفاعلة، والضغط عليها من أجل دعم المطالب النسويّة.

كما يجب اتّخاذ التدابير والخطوات اللازمة لإزالة التهميش والعزل المفروضين على المقاربة المبنية على أساس النوع الاجتماعي، وللمزيد من العمل على رفع وعي المجتمع المدني وتوسيع منابره حتى لا يتم التخلّي عن المبادئ الأساسيّة لحقوق النساء.

التوصيات

  • هناك حاجة ماسة لطرح وإجراء الحوار حول الديمقراطية وحقوق النساء على أنها حقوق عالمية، وتعتبر هذه الخطوة ضرورة ملحة لا يمكن أن تنتظر لوقت “لاحق”
  • على المجتمع الدولي أن يدعم المنظمات الدولية والوطنية والمحلية لإيجاد مساحات للحوار وتبادل الآراء بين الناشطات في مجال حقوق النساء وحقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني، من جهة، ومع صناع القرار والمستفيدين أو أصحاب المصلحة من جهة أخرى، حيث يمكن للناشطات التفاوض حول حقوق النساء دون أية مساومة.
  • على المجتمع الدولي أن يقوم بتيسير مساحات للحوار على جميع المستويات من أجل دعم وتعزيز قضايا حقوق النساء والمساواة على أساس النوع الاجتماعي ووضعها كأولوية على جداول أعمال القوى السياسية، إلى جانب تعزيز مواقع الناشطات في مجال حقوق النساء كقيم حوارية هامة في المجال السياسي.

التضامن الدولي

“يجب أن نحرص على عدم استبدال الدكتاتوريّة الطائفيّة بالدكتاتوريّة المنتخبة ديمقراطيّاً ونحضّر بالمقابل خطاباً مضاداً؛ نطالب فيه بالإرث العادل ونحظّر زواج الأطفال وتعدّد الزوجات والتمييز على أساس العرق أو النوع الاجتماعي…” ناشطة عراقيّة

تعد مسارات التضامن والتعاون وتبادل الخبرات بين المنظّمات النسويّة غير الحكوميّة على المستويين الإقليمي والعالمي من الأمور الملحة والضرورية في هذه المرحلة من اجل بناء الاستراتيجيّات المناسبة للحؤول دون استبعاد النساء من العمليّات السياسيّة الراهنة. وتدعم مسارات التشبيك بين المنظّمات النسويّة غير الحكوميّة الناشطة في المجالين الإقليمي والعالمي عملية التحليل الجماعي وتطوير القدرات والتعلّم والنشاط داخل هذه البلدان وفيما بين المنظمات. كما يتيح التشبيك وتبادل الخبرات بين المنظّمات النسويّة من دولٍ مختلفة فرصاً لطرح قضايا هذه المنظمات على المستوى الدولي باستخدام آليات الضغط والحشد والتأييد المشترك لوضع حد للتمييز المستمر ضد النساء ولإفلات المعتدين ومرتكبي أعمال العنف ضدهن من العقاب، كما يسهم هذا التعاون في عملية مأسسة حقوق الإنسان الخاصّة بالنساء والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي.

تعتبر المبادرة النسويّة الأوروبيّة والشركاء في “المساواة أوّلاً” عملية التضامن الدولي مسألة أساسيّة وضروريّة لتطوير عملية تنظيم النساء وتفعيل دور الحركة النسوية على المستوى الوطني، وبخاصّة خلال أزمات الصراع المسلح العصيبة وما بعدها. وتسعى المبادرة النسويّة الأوروبيّة جاهدة إلى تأمين الدعم من خلال تواجدها وجاهزيتها للإصغاء والمساعدة، عند الحاجة، للمساهمة في تعزيز وتطوير التحليل المشترك والخطاب الموحّد من خلال الاعتراف بالسياقات المختلفة والمتشابهة لحالات الاضطهاد ضد النساء. بالتالي، يوفّر التضامن وضوحا في الرؤيا، ويساعد في تعميق تأثير الحركة النسوية على العمليّات السياسيّة.

يعمل تجمّع السوريّات من أجل الديمقراطيّة والمبادرة النسويّة الأوروبيّة سويّاً على المستويات المحليّة والوطنيّة والإقليميّة لرفع صوت الناشطات السوريّات في مجال حقوق النساء على كافّة الصعد.

التوصيات

  • كشفت مسارات التضامن الدولي والتحليلات المتصلة بها، النقاب عن أنماط من البنى السلطوية الأبوية وأشكال مختلفة من ممارسات الاضطهاد ضد النساء على الصعيد العالمي، وفي جميع السياقات ذات الصلة، مما يساعد على صياغة الاستراتيجيات الملائمة لتعزيز حقوق النساء كجزء لا يتجزأ في بناء الديمقراطية وفي عمليات التحول السياسي.
  • تسهم مجالات التعاون والتضامن على المستوى الدولي في تقوية الخطاب النسوي وأولياته على الصعيد الدولي والإقليمي والوطني والمحلي.
  • يساعد التضامن الدولي ودعم المنظمات العاملة في مجال حقوق النساء الناشطات السوريات في تقوية وتوسيع أساليب معالجاتهن لقضايا حقوق النساء وتعزيز خطابهن دون المساومة على هذه الحقوق بذريعة الخصوصية الثقافية والعادات والتقاليد أو أي ذريعة أخرى.

المبادرة النسوية الأوروبية

IFE-EFI

20 ريو سوفلوت 75005 باريس فرنسا

ص. ب. 17345 عمان 11195 الأردن

البريد الإلكتروني: ife-efi@europa.org

الموقع الإلكتروني:  www.efi-ife.org

تجمع سوريات من أجل الديمقراطية CSWD

دمشق، سوريا

كانون الأول 2012

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »