لبنان – ناصر حدة
في قرار أثار الكثير من الاستنكار والاستهجان في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، قررت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وقف تقديم بدل الإيواء للاجئين الفلسطينيين الآتين من سوريا إلى مخيمات لبنان، والذين يبلغ عددهم حوالى 43 ألف لاجئ ابتداء من نهاية تموز المقبل. وبررت الأونروا الأمر بتضاؤل التمويل من الدول المانحة. حيث لم يصل إلا حوالي 21% من أصل 63 مليون دولار، هي حاجة خدمات فلسطيني سوريا في لبنان. رغم أن قيمة البدل الذي يتم تقديمه هو 100 دولار شهرياً فقط، وهو مبلغ متواضع قياساً بقيمة الإيجارات وغلاء المعيشة في لبنان.
وكانت قد انتشرت أخبار في المخيمات عن عزم الوكالة إلغاء بدل الغذاء الشهري أيضاً للنازحين الفلسطينيين من سوريا، بالإضافة إلى قرار بصرف 300 معلم من مدارسها، لكن الوكالة نفت هذه الأخبار واعتبرتها مجرد شائعات.
وعلى إثر اتخاذ هذا القرار، خرج الفلسطينيون في مظاهرات استنكاراً على تلك الاجراءات، معتبرين أن تنفيذها سيؤدي إلى تداعيات كارثية على حياة النازحين في صفوف الفلسطينيين. ودعت الفصائل الفلسطينية إلى “ضرورة استمرار الأونروا في تحمل مسؤولياتها وتأمين التمويل اللازم لدفع بدلات الإيجار للإيواء”، ودعت الدول المانحة إلى “الوفاء بتعهداتها وتأمين التمويل للأونروا كي تتمكن من القيام بواجباتها تجاه النازحين الفلسطينيين”.
يذكر أنه يعيش في لبنان أكثر من 420 ألف فلسطيني مسجلين لدى ” الأونروا” قبل الثورة السورية التي أدت الى نزوح أعداد إضافية. ويحمل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وثيقة لاجئ. ويُمنعون من ممارسة 71 مهنة، كما أنهم محرومون من الحقوق المدنية. وقد جرت محاولات عديدة لاعطاء الفلسطينيين حقوقا مدنية، إلا أنها لم يتم تطبيقها لأسباب عدة، منها الخوف من التوطين. ويعيش أكثر من 60% من سكان مخيمات لبنان من الفلسطينيين تحت خط الفقر نتيجة تفشي البطالة في أوساطهم، والتي تبلغ نسبتها 50%، حسب تصريحات اللجان الشعبية في تلك المخيمات.
جدير بالذكر أنه وكالة “الأونروا” تم تأسيسها عام 1949، حيث تعتمد على التمويل الطوعي من الدول المانحة. وأهم هذه الدول: بلدان الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وهناك شكوى فلسطينية دائمة أن الوكالة اكتفت منذ تأسيسها بالحد الأدنى من التمويل، الذي لا يمكن أن يفي بحاجة اللاجئين الفلسطينيين، ولم يتقصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى تقليص الكثير من المساعدات في السنوات الأخيرة، حيث قطعت المساعدات الطارئة وأوقفت العلاج التخصصي، وتوقفت عن إصدار قرارات التعيين في مجال التعليم.
وتعود تلك الأمور إلى عدم إيفاء الدول المانحة بتعهداتها تجاه الوكالة، رغم تعهدها في مؤتمر عقد 2014 بتقديم مبالغ كبيرة، مثل قطر التي تعهدت بدفع مليار دولار. ولا يبرأ الكثير من المسؤولين الفلسطينيين قرار تقليص الخدمات أسباب سياسية، ويرون فيه إجبار الفلسطينيين على الهجرة لقطع طريق العودة عليهم إلى أرضهم: فلسطين.