Search
Close this search box.

المرأة المصرية … قوى عاملة غير مُستَغَلة

المرأة المصرية … قوى عاملة غير مُستَغَلة

 القاهرة: قمر عبد الحكيم

يعتبر القضاء على التمييز في المعاملة في أماكن العمل بين النساء والرجال في مصر أمراً لا يقل أهمية عن تطوير العملية التعليمية أو إعطاء العمال حقوقهم، لذلك يجب على الدولة أن تعمل على تسخير الإمكانات الكاملة للمرأة من أجل النهوض بالاقتصاد المصري.

تقول “سلمى يسري”: “أنا أعاني من التمييز في المعاملة في مكان العمل لمجرد كوني امرأة. فرغم معرفتهم الجيدة بمدى تفانيَّ في عملي، إلا أن تقديرهم لما أفعله ضئيل جداً، ودائماً ما يحصل الرجال على ترقيات على حساب التقدم الوظيفي للمرأة، وتلك هي المشكلة الكُبرى”.

وأضافت أنها يجب أن تدافع باستمرار عن مكانتها المهنية، على الرغم من أنها، في العموم، تلقى معاملة جيدة من قبل مديرها، وهو مدير لشركة كبرى مملوكة للدولة ولكنها لا ترغب في ذكر اسمها.

اشتكت يسري من أن الرجال في الشركة غالباً ما يُرسَلون في رحلات تدريب إلى الخارج لمدة ستة أشهر لتطوير حياتهم المهنية، في حين أنه نادراً ما تُمنح النساء فرصاً مماثلة.

وصرحت قائلة: “أحياناً في محاولة منهم لإرضائنا، يمنحنا المديرون بضع ساعة كعطلة إضافية. وفي بعض الأحيان يعاملوننا بلطف، وفي أحايين أخرى يتصرفون عكس ذلك”.

وعلى الرغم من عدم المساواة في المعاملة، ترى سلمى نفسها أفضل حالًا من الكثيرات من النساء العاملات في مصر، ويسرها أن تحصل على وظيفة في بلد أصبح فيه معدل مشاركة الإناث في العمل منخفضاً.

إذا حققت المرأة معدلات مشاركة في القوى العاملة مساوية للرجل، فإن دخل الأسر في مصر سيزيد بنسبة 25٪ على الأقل، وذلك وفقًا لما صرحت به وزيرة التخطيط المصري “هالة السعيد”.

بلغت معدلات البطالة مستوى منخفضاً جديداً في مصر بنسبة 19% في عام 2018، ولكن على الرغم من انخفاض معدل البطالة بين النساء، فإن المشاركة الإجمالية للنساء في القوى العاملة كانت منخفضة بالفعل. ففي عام 2017، كان معدل البطالة بين النساء في مصر 24.66٪، وكانت نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة 23٪، وفقًا لإحصاءات البنك الدولي.

وأوضحت “غادة برسوم”، أستاذة مشاركة في قسم السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن النظر إلى البطالة قد لا يكون مرجعاً مناسباً في مصر، مشيرة إلى أن معدلات المشاركة في القوى العاملة يُعد مرجعا أكثر دقة، لأن احصاءات البطالة لا تأخذ بعين الاعتبار الأشخاص الذين لا يبحثون عن عمل، في حين أن معدلات المشاركة في القوى العاملة تضم بيانات أولئك الذين استقالوا من العمل أو الذين لم يبحثوا عن عمل من الأساس.

تقول برسوم: “في الواقع، هناك أبحاث تشير إلى أن البطالة ليست مرجعاً مناسباً بالنسبة للبلدان في إفريقيا”، مشيرة إلى ارتفاع معدل العمل غير الرسمي.

تطلب اتفاق مصر في عام 2016 مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، إصلاحات بنيوية جذرية في مصر، وذلك للحد من الدين العام الذي أدى إلى تقليص حجم قوة العمل العامة. وكانت النساء المتعلمات، اللاتي ينجذبن لعشرات السنين نحو القطاع العام بسبب أمنه وسلامته وساعات عمله التي تناسب الحياة الأسرية، هن الأكثر تضررا. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لزيادة فرص العمل في القطاع الخاص، إلا أنه لم يحدث تحول كبير في عدد العاملات في هذا المجال.

أوضح “لوكا فيدي”، المتخصص في التوظيف في منظمة العمل الدولية في القاهرة، أن ظروف العمل في مصر قد شهدت تدهوراً كبيراً، فقد انخفضت مشاركة المرأة في القطاع العام إلى النصف منذ عام 2014. يقول فيدي: “عندما تعمل في القطاع غير الرسمي، فمن المرجح ألا يمنحك حقوقك الأساسية. فمثلا هناك أشياء ضرورية مثل مواعيد ساعات العمل، فهي ضرورية لكي تتمكن المرأة من التوفيق بين واجباتها المنزلية الثقيلة وحياتها المهنية.”

غالبًا ما تطالب النساء بظروف محددة لتتمكن من العمل، وذلك بسبب ارتفاع معدل التحرش الجنسي في مصر، بما في ذلك أماكن العمل، فتقول برسوم: “يجب أن تعمل النساء في أماكن آمنة، لا سيما الشابات اللائي يحتجن، بخلاف الأجر وساعات العمل، إلى ظروف عمل محددة.” وهذا يعني أيضًا أن القوى العاملة غير الرسمية في مصر، والتي تمثل حوالي 50٪ من الاقتصاد المصري، أي حوالي 10 مليون عامل، لا تناسب النساء في كثير من الأحيان.

أفاد صندوق النقد الدولي في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن مشاركة المرأة في القوى العاملة في مصر وفي بلدان أخرى في المنطقة يمثل “مورداً هائلاً غير مستغل” فهناك حاجة لاستثمارات كبيرة في الخدمات التعليمية والصحية، لتمكينها من الدور الذي يمكن أن تلعبه للنهوض بالاقتصاد المصري.

ولكن بالإضافة إلى تحسين جودة التعليم وحقوق العمال، ستكون هناك حاجة إلى تحول تام في ثقافة مكان العمل في مصر لتسخير الإمكانات الاقتصادية الكاملة للمرأة.

إن ثقافة العمل في مصر، والتي تعتبر مؤذية على الصعيد النفسي، قد دفعت هدير شريف إلى ترك عملها في مركز خاص برعاية الأطفال في القطاع غير الرسمي، والعمل في مكان آخر حتى لو كان الأجر متدنياً.

تقول هدير: “لقد عوملت معاملة سيئة في وظيفتي السابقة وكرهت العمل بسببها. لم يحترموا حقوقي، لذلك قررت ترك العمل والبحث عن عمل آخر يعجبني حتى لو كان المقابل المادي أقل من سابقه”.

 

المصدر:

https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2019/11/egypt-women-workplace-discrimination.html

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »