Search
Close this search box.

تقدّم في عمل المنظّمات النسويّة في الجزيرة ولكن…

تقدّم في عمل المنظّمات النسويّة في الجزيرة ولكن…

كاشيا عثمان

في الخامس عشر من كانون الأوّل/ديسمبر 2017، قام مؤتمر ستار وهو منظّمة نسويّة تتبع إلى حركة المجتمع الديمقراطيّ “تف دم”، بتنظيم مظاهرة في مدينة الحسكة ” شمال شرق سوريا مندّدة بمقتل السيّدة مريم محمّد علي على يد شقيق زوجها.

لم تنكشف ملابسات الجريمة بعد، حيث لا تزال التحقيقات مستمرّة، ولكنّ الرواية تقول إنّ مريم التي تبلغ 25 عاماً، والأمّ لطفلين، قدّمت شكوى لدى قوّات الأسايش “وهي القوة الأمنية للإدارة الذاتية” تدعي فيها أنها تعرضت للاعتداء الجنسي من قبل شقيق زوجها و أبيه، الأمر الذي أثار غضب شقيق زوجها، لينشب عراك بينهما انتهى بمقتل السيّدة برصاصتين إحداهما في الرأس الأخرى في كتفها الأيمن.

بعد أكثر من ستّ سنوات على عمل منظّمات نسائيّة عدّة في الشمال السوريّ، وفي وجه خاصّ في ” مقاطعة الجزيرة”، هذه هي المرّة الأولى التي يقوم فيها تنظيم نسويّ بنشاط ميدانيّ “المظاهرة ” في مواجهة عرف مجتمعيّ، وهو نشاط فرضته الأسباب التي وجدت لأجلها المنظّمة ” مؤتمر ستار، بهدف تحرير المرأة من قيود المجتمع”، بحسب المسؤولة الأولى في ” مؤتمر ستار” فيها وليدة بوتي .

وتوضح بوتي لـ”المونيتور”: ” المظاهرة التي ضمت العشرات من النساء والرجال و الأطفال كانت ضدّ الذهنيّة الذكوريّة التي تشرّع قتل المرأة تحت ذريعة الشرف بغضّ النظر عن المذهب أو الدين أو العرق”. وقالت بوتي: “الهدف الرئيسيّ من تلك الخطوة حماية حقوق المرأة، والحدّ من الجهل ومن النظرة الدونيّة للمرأة، نريد أن نوصل فكرة إلى المجتمع أنّه مهما كان الذنب الذي اقترفته المرأة الضحية – حتى لو كانت خيانة زوجية – فنحن نقف بشدّة ضدّ قتل المرأة”.

ولم تتحرك المنظمات النسوية إزاء حادثة أخرى مماثلة تزامنت مع حادثة مقتل مريم، حيث كشفت نجاح أمين عضو اللجنة الحقوقيّة في منظّمة سارة لـ”المونيتور” عن حرق رجل من مدينة عامودا زوجته حيث تقول أمين ل” المونيتور” : ” لم يتم فتح التحقيق في القضية، وتم التعامل مع الحادثة على أنها حادثة انتحار ” إلا أنهم يشككون في ذلك .

ولكن عمل المنظمات النسوية في ” مقاطعة الجزيرة ” قد يكون السبب الأبرز في تناقص حالات العنف ضد المرأة، بالنظر إلى كثرة أعدادها ” سارة، آفرين، المرأة الكردية الحرة، شاويشكا، بيت المرأة، ستار” واتحادات نسائية تتبع للجهات السياسية المعارضة، وهي في جملتها تعتمد نشاطات تهدف لتوعية المجتمع بحقوق المرأة، بالإضافة لوجود لجنة مؤلفة من عدة منظمات باسم اللجنة الكردية للدفاع عن المعنفات، إذ تشير الإحصاءات التي أصدرها في 30 كانون الأوّل/ديسمبر الماضي مجلس العدالة الاجتماعيّة في ” مقاطعة الجزيرة ” إلى أنّ حوادث القتل بحق المرأة تناقصت من 22 حالة لسنة 2016 إلى سبع حالات فقط للسنة الماضية، وتناقصت حالات الاغتصاب من 8 حالات إلى ثلاث حالات فقط، وأيضاً تناقصت حالات زواج القاصرات من 31 حالة إلى 13 حالة.

وتعتبر منظّمة سارة إحدى المنظّمات النسويّة الفاعلة خلال السنوات الأربع الماضية، في توثيق حالات العنف ضدّ المرأة، وتعرّف نفسها بأنّها منظّمة مدنيّة اجتماعيّة تناهض العنف والتمييز ضدّ المرأة بكلّ أشكالهما حسب ما صرحته نجاح أمين عضو اللجنة الحقوقية في منظمة سارة لـ ” المونيتور” . وتقول عضو اللجنة الحقوقيّة في منظّمة سارة نجاح أمين لـ”المونيتور” : ” إنّ هناك جرائم ترتكب ضدّ المرأة تبقى طيّ الكتمان تحت مسمّى الانتحار، موضحة أنّهم يسعون إلى أن يكونوا طرفاً مدّعياً في المحاكم المتعلّقة بقضايا المرأة ضمن مساعيهم إلى تبيان الحقيقة ومعاقبة المجرم.”

ولكنّها استدركت بالقول: “لا نجد تعاوناً كافياً من القوّات الأمنيّة ومكتب مكافحة الجريمة المنظّمة المعنيّ بمتابعة القضايا الجنائيّة بدعوى محافظتها على سرّيّة التحقيق وحساسية مثل هذا النوع من القضايا”.

وبحسب أمين منذ العام الماضي، لاحظوا تغيّراً إيجابيّاً حيث لم تكن قوات الأسايش ومكتب مكافحة الجريمة تسمح لهم بالتدخل في تعاطي محاكم الإدارة الذاتيّة معهم لجهة السماح لهم بحضور جلسات المحاكمة ومتابعة حيثيّات القضايا من حضور جلسات المحاكمة والاستماع إلى شهادات الشهود إن وجدوا، و الاطّلاع على ملف التحقيق، مؤكّدة أنّ هذا يساعد في تطوّر ثقافة المجتمع المدنيّ. ولكنّها أشارت إلى أنّ القضايا المتعلّقة بالمرأة لا تأخذ القدر الكافي من التحقيق، ويتمّ الاستعجال في إنهاء التحقيق وإغلاق القضايا لحساسيّتها الاجتماعيّة.

منظّمة المرأة الكرديّة الحرّة في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، هي إحدى أقدم المنظّمات النسويّة الكرديّة في شمال سوريا، ولها فروع خارجيّة في تركيا وألمانيا وتعرّضت عضواتها إلى المضايقة من سلطات الأمن السوريّ منذ تأسيسها في عام 1994، بحسب ما ذكرته رئيسة المنظّمة يسرى زبير.

وأكّدت زبير في حديثها إلى “المونيتور” أنّهم حقّقوا خطوات جيّدة في توعية المرأة بحقوقها، من دون أن يكون ذلك سبباً في تمرّد المرأة على المجتمع، موضحة أنّ تقبّل المجتمع دور منظّمات المجتمع المدنيّ هو أهمّ الخطوات التي تساعدهم في الوصول الى أهدافهم أو تحقيق جزء منها. وأشارت زبير إلى أنّ عملهم لا يقتصر على التوعية بل تمكين المرأة اجتماعيّاً، والعمل على إكسابها مهارات مختلفة، مضيفة أنّهم يقيمون باستمرار دورات تدريبيّة في التمريض وبرامج الحاسوب، إضافة إلى دورات في اللغات الأجنبيّة، موضحة أنّهم من خلال هذه النشاطات يعزّزون ثقافة الانفتاح على المرأة والعكس، وأنّ دورها لا يقتصر فقط داخل المنزل. ولكنّها أشارت أيضاً إلى أنّ هناك من لا يتقبّل خروج المرأة من المنزل وتفاعلها مع المحيط العامّ .

من جهتها، أشارت روجين حبو مديرة قسم المرأة في منظّمة شار للتنمية ل”المونيتور” : “وهي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز التنمية ومنها التنمية الاجتماعية” إلى عامل الزمن في الوصول إلى نتائج هامة.وتوضح حبو ” لا يمكن تلمّس نتائج مباشرة بخصوص اشتغال منظمات المجتمع المدني في منطقة الجزيرة في القضايا المتعلقة بالمرأة كالعنف ضد المرأة أو التوعية لحقوقها في العمل أو الطلاق أو أبسط حقوقها الاقتران بمن تحب لأن هذه القضايا تحتاج إلى الوقت كي تثمر عن النتائج المطلوبة “.

وكشفت حبو عن تقصير عام في عمل المنظمات المدنية في دراسة الوقع بشكل مقرب، لجهة بطئها في تنفيذ بعض البرامج أو عدم تنفيذها جيدا، وتضيف حبو ل”المونيتور” : “وقد تكون العوائق الاجتماعية كالذهنية الذكورية سببا في عدم تمكن المنظمات من الوصول إلى النماذج المقموعة من النساء، كما أن العوائق الاجتماعية تجعل المنظمات بعيدة عن تناول المسائل الحساسة مثل جرائم الشرف”.

عن “المونيتور”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »