Search
Close this search box.

“الكرفانة” تحكي قصص اللاجئين السوريين

“الكرفانة” تحكي قصص اللاجئين السوريين

ترجمة وإعداد: هالة الحسن

بدأت مسرحية ’’الكرفانة‘‘، المقتبسة من شهادات اللاجئين السوريين، جولتها بوادي البقاع، ثم غرب لبنان وباقي الدولة، يوم 21 حزيران/ يونيو. المسرحية مبادرة من بيروت دي سي، المنظمة الداعمة لصناعة الأفلام المستقلة، بالاشتراك مع جمعية ’’سوا‘‘ للتنمية والإغاثة، ’’كلاون مي إن‘‘ ومسرح ’’تيموا‘‘، وبتمويلٍ من ’’الاتحاد الأوروبي‘‘ و’’اليونسيف‘‘ في لبنان ومعهد ’’غوته‘‘.

“الكرفانة” مشروع مسرح تفاعلي يجمع بين مسرح الشارع وبعض القصص التي تم تسجيلها بالصوت لتسليط الضوء على حكايات اللاجئين السوريين المقيمين في منطقة البقاع اللبنانية. وتتعاون في هذه المسرحية مجموعة من المسرحيين المحترفين مع مجموعة من اللاجئين الهواة بالإضافة إلى بعض المقابلات المسجلة.

ولدت فكرة ’’الكرفانة‘‘ من عمل سابين شقير مع اللاجئين السوريين في لبنان. شقير، أخصائية اجتماعية، تستخدم رواية القصص وورشاً مسرحية في عملها مع اللاجئين السوريين من مختلف الأعمار ومن الجنسين، من المحتاجين إلى دعم معنوي. وفقاً للمعالجة النفسية والمعلمة يوهانا سليفينسكي، فإن رواية القصص كانت ’’العنصر الأساسي في عملية التقييم والتدخل‘‘.

قالت شقير لموقع المونيتور ’’في نهاية كانون الثاني/ يناير 2016، كنت أعمل مع 20 إلى 25 شخصاً في العلاج الاجتماعي’‘، وأكملت ’’أبدأ دائماً بجعلهم يحكون قصصهم، ثم آخذ القصص التي أحس أن نشرها ضروري وأقوم بتسجيلها في خيمة مع فني صوت. وقد تطلّب هذا وقتاً طويلاً، لأن معظم الناس لا يجيدون القراءة أو الكتابة، وأيضاً اضطررنا أن نسجل وسط مقاطعة الفضوليين. ثم قمنا بتحرير المادة‘‘. 

وقد قامت شقير بتنزيل عشرين قصة على الإنترنت من أصل 250 قصة ليسمعها الجميع، بينما اختارت من العشرين ثمانية للعرض في مسرحية ’’الكرفانة‘‘.

في نهاية شهر نيسان/ أبريل، عُقدت تجارب الأداء بين مجموعة من اللاجئين السوريين في برّ الياس، التي أُخذت منها معظم الشهادات. تم اختيار ثمانية مراهقين تتراوح أعمارهم بين 13 و20 سنة، للمشاركة في المسرحية. وقد التقى موقع المونيتور المراهقين الثمانية: درغام، حنان، أحمد، سيّد، علي، عبودي، يوسف ومحمد، أثناء تدريباتهم على أدوارهم في المسرحية، بمساعدة وتوجيه من شقير وزميلتها إيلين كونانت من مسرح تيموا، التي سافرت من لندن للمساعدة في العملية الإبداعية لهذا المشروع.

شرحت شقير: ’’لم نغير شيئاً من الشهادات، الفكرة الأساسية من المشروع هي نشر القصص وإسماع الناس أصواتهم. غيّرنا الأسماء فقط، لأن اللاجئين شعروا بالقلق بالرغم من ثقتهم بنا. وكان ارتباط الممثلين بالقصص مذهلاً. أُعجبوا بهذه الشهادات جداً وشعروا أنها مهمة، ولديهم الكثير لتقديمه لأنها تتصل بتجاربهم الشخصية‘‘.

الفتاة الوحيدة في المجموعة هي حنان، 15 سنة، وصلت من حمص منذ ثلاث سنوات. قصة أمها ضمن العشرين شهادة التي نشرت على الإنترنت.

قالت حنان ’’التمثيل هوايتي‘‘، ثم أكملت ’’لاحظت عدم تقدم فتيات لتجارب الأداء، فقررت أن أُمثل النساء. وقد عارض الكثير من الفتيات هذا. غالباً ما يوجهن إليّ السؤال التالي: (لماذا تذهبين هناك مع كل هؤلاء الرجال؟)، و كنت دائماً أجيب أنه من المهم أن نكون مع الرجال، فهم ليسوا مخلوقات غريبة! أمي تدعمني، وانضم أخي إلى طاقم المسرحية أيضاً‘‘. ترى حنان أن المشاركة في ’’الكرفانة‘‘ فرصة للبدء بمهنة التمثيل والحصول على الشهرة ومقابلة العديد من الناس.

من بين القصص الكثيرة التي سيؤديها الممثلون السوريون الشباب، قصص تحكي عن مسائل شخصية، مثل المرأة التي أراد أبوها أن يُدرسها لكنها أرادت أن تتزوج مثل قريباتها. وبعد الزفاف، أقامت في منزل أهل زوجها بلا خصوصية، وقبل الحرب الأهلية دُفعت العائلة لطلب اللجوء إلى لبنان، فكانت تهتم بأطفالها في خيمة ولا تزال الخصوصية بينها وبين زوجها منعدمة. تتركز قصة أُخرى على من لا يملكون شيئاً ومع ذلك ظلوا كرماء ومعطائين، وكانوا يحيون هذه الفكرة في المسرحية بدعوة الجمهور للانضمام إلى الخيمة معهم.

كما أدخل بعض الأهالي إلى أذهان أطفالهم أن ما يحدث في سوريا هو نتيجة حرق تنين للمدينة، فأكمل الأطفال القصة بأن ذلك التنين سينفجر قريباً نتيجة ابتلاعه لكل هذا الكم الهائل من البشر. 

ورغم أن بعض الأطفال المشاركين من المخيمات لا يملكون أدنى فكرة عن المسرح، إلا أن سابين شقير تتعامل معهم على مستوى معقد من الاستعراض، حيث تتم رواية القصص في الخلفيّة، أمّا الأداء فيستند على الحركة وتوظيف الجسد من دون أي حوار مكتوب.

ستقوم ’’الكرفانة‘‘ بالتجول عبر لبنان لنشر رسالة اللاجئين السوريين ونقل نبضهم وتحسين صورتهم وسط المجتمع اللبناني، بعد اضطرارهم لترك بلادهم نتيجة الحرب وتحولهم إلى أشخاص بدون حقوق مدنية أو اجتماعية، حيث يتم توجيه الإساءات والإهانات لهم في معظم الأحيان. ولا تحتوي “الكرفانة” على أي رسائل سياسية أو دينية، وهو ما يتم التعويل عليه لجعلها مقبولة على جميع المستويات اللبنانية المتشظية، فالرهان الأساسي على الإنسان. 

 وقد تظهر بعض المشاكل في عرض المسرحية مع الأيام، مثل احتمال سفر بعض الممثلين إلى السويد. إلا أن شقير طمأنت موقع المونيتور بقولها: ’’سوف نجد حلاً إن حدث ذلك‘‘. كذلك هناك آخرون تقيدهم البيروقراطية اللبنانية، فهم لا يملكون تأشيرة ولذلك لا يستطيعون مغادرة وادي البقاع، وبالتالي نظمت بيروت دي سي تجارب الأداء في بيروت لممثلين سوريين محترفين بإقامة قانونية، للتمرين على المسرحية التي بدأها زملاؤهم في أيار/ مايو الماضي. وبعد الجولة في البقاع، سوف يتجول الطاقم الثاني في باقي مناطق لبنان، مقدمين التضامن والتعهد بإنجاح المشروع مثلما حدث مع أول طاقم. يؤثر إشراك اللاجئين السوريين في هذا المشروع إيجابياً عليهم، إذ يزيد من ثقتهم بأنفسهم ويسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي بعيداً عن أجواء الرقابة والخطر، كما يساهم في عملية الاندماج الاجتماعي.

ويهدف مشروع “الكرفانة” إلى تنظيم العروض المسرحية التفاعلية الجوالة، حيث سيتم عرضها للجمهور في الشارع، والتفاعل معهم بشكل ارتجالي مباشر، بحيث يصل إلى قلوب المستمعين عبر طريق قصيرة من خلال إعادة إنتاج الوجع على شكل حكاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »