Search
Close this search box.

سياسيات أوربيات من أصول عربية … الاندماج عنوان النجاح

سياسيات أوربيات من أصول عربية … الاندماج عنوان النجاح

إعداد: رهف موسى

طفولة صعبة، عائلة كبيرة، معاناة من العنصرية أو فقدان أحد أفراد العائلة… هذه هي ظروف حياة بعض النساء اللاتي استطعن شق طريقهن نحو الوزارات أو البرلمانات الأوربية، وأثبتن وجودهن في الساحات السياسية، مثلها مثل أي سياسي آخر. وقد كان لهذه الظروف بلا شك دور كبير في رسم مسيرتهن وتحديد ملامح نضالهن وأهدافه، إلا أن أحد أهم أسباب نجاحهن في بادئ الأمر هي قدرتهن على الاندماج في المجتمع المضيف.

 خديجة عريب: رئيسة البرلمان الهولندي

سياسية هولندية من أصل مغربي، انتخبت في الرابع عشر من كانون الثاني/يناير 2016 كرئيسة للبرلمان الهولندي، وقد حصلت في هذه الانتخابات على 83 صوتاً من أصل 134 صوتاً خلال عملية تصويت في مجلس النواب الهولندي الذي يضم 150 عضواً.

ولدت “عريب” في إحدى ضواحي مدينة سطات عام 1960، وهاجرت إلى هولندا وهي بعمر الخامسة عشر لتلتحق بأسرتها، وهناك درست علم الاجتماع. وفي هذه الفترة أسست هي ومجموعة من النساء “اتحاد النساء المغربيات في هولندا”، الذي سعين من خلاله للضغط على السياسيين الهولنديين لتكريس المساواة بين الجنسين دون تفرقة بين الجنسيات، فقد لاحظن حينها أن القوانين الهولندية حينها لم تكن عادلة بما يتعلق بالنساء المهاجرات ولا تكرس المساواة إلا بين الهولنديين.

بعد تولي عريب بضعة مناصب ذات صبغة اجتماعية انضمت إلى حزب العمل الهولندي عام 1998 وأصبحت نائبة في الغرفة الثانية، لذا فهي تعتبر أقدم نائبة في البرلمان الهولندي حتى الآن. كادت عريب تنتخب كرئيسة للبرلمان الهولندي عام 2012، إلا أن حزب الحرية اليميني صوت للمترشح المنافس لها، وبذلك أعادت المحاولة في عام 2016 وأصبحت رئيسة للبرلمان.

إلا أن انتخاب عريب رئيسة للبرلمان سبب إرعاجاً كبيراً لليمين في هولندا، واعتبر النائب اليميني “غيرت فيلدرز” أن انتخابها “يوم أسود في تاريخ هولندا”، وذلك لأنها لا تزال تحتفظ بجنسيتها المغربية إلى جانب الهولندية.

 رشيدة داتي: وزيرة في الحكومة الفرنسية

سياسية فرنسية من أصل مغربي، شغلت منصب حارسة أختام الجمهورية ووزيرة العدل في فرانسوا فيون منذ عام 2007 حتى 2009 وهي أيضاً رئيسة بلدية الدائرة السابعة في باريس منذ عام 2008 ونائبة في البرلمان الأوروبي منذ عام 2009.

ولدت “داتي” عام 1965 لأب مغربي وأم جزائرية، وقد عاشت طفولة صعبة كونها ثاني مولود من بين إخوتها وأخواتها البالغ عددهم 11 فردأ. شغل والدها منصباً متواضعاً في مصنع في مدينة سان ريمي الفرنسية. وقد عملت كمساعدة ممرضة لتمويل دراستها، فقد درست “داتي” القانون في جامعة دييجو الفرنسية وحصلت على درجة الماجستير في القانون العام وماجستير في العلوم الاقتصادية وإدارة الشركات.

كانت انطلاقة داتي القوية حين عملت في الشركة النفطية الفرنسية والتي تولت فيها العديد من المناصب، وفي عام 2002 استدعاها “ساركوزي”، الذي كان مكلفاً آنذاك بحقيبة الداخلية وعينها مسؤولة ضمن مبادرته التي أطلقها لمكافحة الجريمة، وكانت “داتي” همزة الوصل بينه وبين شبان الضواحي الفرنسية التي شهدت أعمال عنف واسعة النطاق في أواخر عام 2005″”، ولعبت كذلك دوراً بارزاً في تحسين العلاقات المتوترة بين “ساركوزي والجاليات المهاجرة في الضواحي الفرنسية. استمرت “داتي” بالتقرب من العمل السياسي وانضمت عام 2006 إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية بزعامة “ساركوزي”، وعملت بعد ذلك كمتحدثة باسمه خلال الانتخابات الرئاسية عام 2007، تلا ذلك شغلها لمنصب حافظة أختام الجمهورية ووزيرة العدل.

 نجاة بلقاسم: وزيرة التعليم في الحكومة الفرنسية

سياسية فرنسية من أصل مغربي تشغل منصب وزيرة التعليم، وقبل ذلك وزيرة لحقوق المرأة وناطقة رسمية باسم الحكومة الفرنسية منذ 2012.

ولدت “بلقاسم” عام 1977 لأب من أصل مغربي في بلدة بني شكير في الريف المغربي بإقليم الناظور بشمال المغرب، وقامت هناك لفترة غير قصيرة برعي ماعز العائلة. هاجر والدها إلى فرنسا ليعيل أسرته التي تضم سبعة أطفال من خلال عمله كعامل بناء في مدينة ليون وسط فرنسا. وقد التحقت به مع والدتها عام 1982 وهي في سن الخامسة، وحصلت على الجنسية الفرنسية في سن الثامنة عشر. هناك حصلت على شهادة في العلوم السياسية والإدارة، وبدأت حياتها العملية كمتخصصة في القانون في مكتب محاماة في باريس لمدة ثلاث سنوات، وقد عملت كذلك كمستشارة لـ”سيجولين رويال” في حملة الانتخابات العامة الفرنسية عام 2007. وبعد ذلك شغلت منصب نائبة عمدة، ثم المتحدثة باسم “فرنسوا هولاند” في حملته الانتخابية قبل أن يصبح رئيساً. عملت “بلقاسم” أيضاً في عهد رئاسة “هولاند” منذ عام 2012 حتى 2014.

عام 2012 تم تعيين بلقاسم كناطقة رسمية باسم حكومة “جان مارك إيرولت” وكوزيرة لحقوق المرأة والمدينة والشباب والرياضة، لتكون بذلك الوزيرة الأصغر سناً في حكومة “إيرولت”، وقد أطلقت عليها صحيفة الغارديان البريطانية حينها لقب “الوجه الجديد لفرنسا”، كونها من جيل الشباب الذي استطاع شق طريقه في الحياة السياسية.

في 26 آب/ أغسطس 2014، تم تعيين “بلقاسم” وزيرة للتربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي في حكومة “فالس” الثانية، وبذلك أصبحت أول امرأة في تاريخ الجمهورية تعين كوزيرة للتعليم. إلا أنها واجهت هجوماً قوياً من اليمين المتطرف ومحاولات لنشر شائعات كاذبة عنها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

  سوسن شبلي: المتحدثة باسم الخارجية الألمانية

سياسية ألمانية من أصول فلسطينية، تشغل منصب الناطقة الرسمية باسم الخارجية الألمانية منذ مطلع عام 2014، وهي لا تتجاوز منتصف عقدها الثالث.

تنتمي شبلي لعائلة من مهاجري عام 1984، قضت عائلتها 20 عاماً في لبنان قبل أن يهاجروا إلى ألمانيا، حيث ولدت “شبلي”، إلا أنها حصلت على الجنسية الألمانية في سن الثانية عشرة وظلت في السنوات السابقة لذلك دون جنسية أو أوراق إقامة دائمة. كما افتقدت لدعم والديها في مسارها الدراسي لكونهما كانا أميين ويتحدثان فقط باللغة العربية في المنزل. إلا أن ذلك لم يكن عائقاً في طريق تقدمها، وحازت على شهادة في العلوم السياسية كما كانت الوحيدة التي نجحت في إتمام دراستها من بين إخوتها وأخواتها الإثني عشر. توجه “شبلي” للسياية كان له ارتباط كبير بكونها قد تربت كلاجئة فلسطينية، فأدركت منذ صغرها أثر السياسة في تغيير مصير عائلة بكاملها.

في الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2014، تم تعيينها كمتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية كما أنها كانت أول امرأة عربية تتولى رئاسة قسم حوار الثقافات لدى وزير داخلية الحكومة المحلية في ولاية برلين عام 2010، وهي تعمل أيضاً كمستشارة مباشرة لوزير داخلية هذه الحكومة فيما يتعلق بقضايا الإسلام والاندماج. إضافة إلى ذلك تقوم “شبلي” بالإشراف على مؤتمر الإسلام في ألمانيا، لاسيما فيما يخص الجواب المرتبط بسياسة اندماج المسلمين في مدينة برلين.

 نجوى جويلي: عضوة في البرلمان الإسباني

سياسية إسبانية من أصل مصري، فازت في كانون الثاني 2015، بعضوية البرلمان الإسباني لتصبح أصغر النواب سناً في عمر 25، وأول نائبة عربية في برلمان إسبانيا. وقد أهلها هذا الفوز لإدارة الجلسة الافتتاحية للبرلمان حسب نص القانون الإسباني.

ولدت “جويلي” في مدريد عام 1991 بعد عام من سفر والدها إلى إسبانيا ليكمل تعلم اللغة الإسبانية. هناك درست علم النفس في جامعة الباسك، وأكملت دراستها العليا في علم النفس التعليمي، وهي متخصصة بعلم نفس الأطفال.

مع أن “جويلي” ولدت في إسبانيا وقضت حياتها هناك، إلا أن النشاط الثوري المصري كان له أثر كبير وواضح عليها. فقد شاركت ووالدها في تنظيم مسيرات لدعم الثورة المصرية في إسبانيا، وقد يتجلى ذلك أيضاً بكونها إحدى مؤسسي حزب “بوديموس” الذي يمثل النسخة الإسبانية للحركات الاحتجاجية التي اجتاحت العالم سنة 2011، واستطاع أن يحقق تقدماً سياسياً كبيراً ليحصد ثالث أكبر عدد من المقاعد بالبرلمان الإسباني، أي 69 مقعداً من أصل 350.

 مريم الخمري: وزيرة العمل في فرنسا

سياسية فرنسية من أصل مغربي، تشغل منصب وزيرة العدل في حكومة “مانويل فالس” منذ أيلول/ سبتمبر 2015. وهي كذلك كاتبة الدولة الفرنسية لسياسة المدينة.

ولدت “الخمري” عام 1978 في الرباط، عاصمة المغرب، لأب مغربي يعمل كتاجر وأم فرنسية تعمل كمدرسة من منطقة بريطاني. أمضت طفولتها في المغرب ثم في منطقة (لي دو سيفر) وسط فرنسا، قبل أن تلتحق بجامعة “السوربون” في باريس لتدرس مادة القانون العام. بعد تخرجها من الجامعة التحقت “الخمري” ببلدية في الدائرة الـ 18 بالعاصمة الفرنسية لتصبح عضواً في الحزب الاشتراكي. ومن ثم التحقت ببلدية باريس، حيث أسندت لها مهمة الأمن والوقاية من المخاطر الأمنية من قبل العمدة السابق “برتران دو لانوي”، قبل أن تقلد منصب المتحدثة الرسمية باسم “آن هيدالغو” خلال حملتها الانتخابية في 2014.

بدأت “الخمري” عملها في الحكومة في شهر آب/ أغسطس 2014 بمنصب كاتبة دولة مكلفة بسياسة المدينة تحت إشراف “باتريك كانير”، وزير المدينة، والذي عبر أكثر من مرة عن تقديره لجهودها، وكذلك عن رأيه بأنها وزيرة المدينة الحقيقية وليس هو. وفي أيلول/ سبتمبر 2015 تم تعيينها بمنصب وزيرة العدل، الذي يقع على عاتقها فيه الكثير من المسؤوليات الحرجة وأهمها محاربة أزمة البطالة التي بلغت نسبتها 10٪.

تنتمي “مريم الخمري” و”نجاة بلقاسم”، وزيرة التربية، إلى الجيل الجديد من النساء اللاتي اقتحمن عالم السياسة الفرنسية، بالإضافة إلى “فلور بيلران” وزيرة الاتصال.

 فضيلة عمارة: وزيرة مكلفة بشؤون المدينة في الحكومة الفرنسية

سياسية فرنسية من أصل جزائري، شغلت منصب وزيرة مكلفة بشؤون المدينة في الحكومة الفرنسية منذ عام 2007 وحتى 2010 عندما غادرت الحكومة.

ولدت “عمارة” عام 1964، في إحدى غيتوهات الضواحي الشعبية قرب مدينة ليون الفرنسية وقضت طفولتها هناك مع إخوتها العشرة ووالدتها ووالدها الذي كان يعمل في قطاع البناء. حينما كانت في الرابعة عشر من عمرها توفي شقيقها “ماليك” الذي كان يبلغ من العمر خمس سنوات بعد أن صدمته سيارة وفارق الحياة بعد الحادث بلحظات، وقد شهدت “عمارة” انحياز الشرطي للسائق المذنب لدواعي عنصرية، ما كان له أثر واضح على مسيرتها الكفاحية.

أطلقت “عمارة” ومجموعة من رفيقاتها في عام 2002 مسيرة تاريخية من مدينة مارسيليا الجنوبيّة إلى العاصمة باريس، وانتهت المسيرة باعتصام أمام البرلمان الفرنسي لتقديم عريضة تطالب بضمان حقوق المواطنة لنساء الضواحي. ومن ذلك التحرك ولدت جمعية “لا عاهرات ولا خاضعات” التي تجاوز صداها حدود فرنسا، ففتحت فروع لها أوجمعيات مشابهة في 2″ دولة. حينها تعرفت عمارة على “نيكولا ساركوزي” الذي كان وزيراً للداخلية. عينت عام 2004 عضوة في اللجنة الاستشارية الفرنسية لحقوق الإنسان، ثم حصلت على عضوية السلطة السامية لمكافحة التمييز والمساواة، وفي عام 2007 عينت كاتبة دولة مكلفة بسياسة المدينة في الحكومة الفرنسية اليمينية مع أنها يسارية منذ نشأتها، إلا أنها الأكثر شعبية بين “وزراء الانفتاح” في الحكومة الفرنسية حينها. غادرت “عمارة” الحكومة عام 2010، وفي كانون الثاني 2011 تم تعيينها كمفتش عام للشؤون الاجتماعية الفرنسية.

 من الواضح في كل هذه التجارب أن أول ما نجحت فيه كل من هؤلاء النساء هو الاندماج في المجتمع المضيف، بالإضافة إلى التمسك بأصولهن التي كان لها، في كثير من الأحيان، أثر كبير على نضالهن السياسي. وإن كن يقدمن خدمة كبيرة لمجتمعاتهن المضيفة، إلا أن معظم جهودهن موجهة نحو أولئك الذين يعيشون ظروفاً مشابهة لما مررن به، وكان ذلك أكثر ما يكون وضوحاً في مسيرة كل من “نجاة بلقاسم” و”فضيلة عمارة”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »