Search
Close this search box.

“الأم تيريزا” الشام تحرس بيوتها

“الأم تيريزا” الشام تحرس بيوتها

logorodeachtergrond

ميرا ، 50 عاماً،  دمشق

“معظم أصدقائي هربوا أو رحلوا عن سورية، كل منهم لسبب مختلف. ولأني ربما الوحيدة التي بقيت في هذا الحي فقد ائتمنني أصدقائي على بيوتهم، أعطوني مفاتيح بيوتهم المهجورة، أسقي لهم أصص الورود والنباتات، صار لدي مجموعة كبيرة من المفاتيح”.

تقول ميرا انها لم ترغب يوماً بأن تكون الام تيريزا لكن الحرب وهذه البلاد التي تفرغ كل يوم من سكانها جعلوها تأخذ دوراً شبيها يذكرها كل يوم انها الأم تيريزا .

تقول ميرا : ” أتلقى يوميا الكثير من الاتصالات من اصدقائي وأقاربي خارج سورية، اليوم مثلاً تلقيت اتصالاً من صديق لي ، قال لي أن أمه لا تجيب على الهاتف وأوصاني أن أذهب اليها ثم اعود للاتصال به بعد أن أوصيها أن تتصل به عبر الفايبر أو الوتس آب وهما وسيلتا الاتصال الأساسيتان للسوريين في الداخل مع ذويهم في الخارج”.

منذ يومين اتصلت بي إمراة لا أعرفها قالت لي أنها متعبة جدأ وأن أحد اصدقائي أعطاها رقم هاتفي. قالت ” أريدك ان ترافقيني لرؤية طبيب” . كانت امرأة عجوز تعيش وحيدة بعد ان هاجر كل افراد عائلتها.

“ذهبت معها “،  تقول ميرا “. بينما بدأ الطبيب يفحصها كنت أمسكها وأساعدها على خلع ملابسها ونزع جواربها، ثم عند انتهائه البسها حذائها. نسيتُ ونسيتْ أننا لا نعرف بعضنا البعض من قبل وأنها ليست أمي وأنني لست ابنتها”.

“ولأنني منذ مدة فرض علي أن أكون الأم تيريزا فقد عودت نفسي على وضع زجاجة ماء أمام باب بيتي المطل على الشارع المزدحم . هو للنساء المتعبات والعطاشى غير القادرات على شراء عبوة ماء”. قد يساعدهن مائي ويمنحهن القوة حتى يستطعن الوصول لبيوتهن البعيدة “، أقول لنفسي.

“في كل يوم أحس انّي أقترب من الجنون”، تتابع ميرا . ” كلما دخلت بيوت أصدقائي الغائبين أقوم بتقبيل ستائر نوافذ البيوت والجدران وأمسح الغبار عن الصور المعلقة عليها. أتحدث مع أصص الزهور والنباتات وأقول لها: “بيسلم عليك صديقي فلان ويقول لك إياك أن تذبلي قبل عودته، هو وعد أن يعود قريباً”. أذهب الى المطبخ، أشعل طباخ الغاز فينسل بعض الدفء في أركان البيت وجدرانه وأشياءه ويعود له الأمل بأن أصحابه عائدون.

“أنا الأم تيريزا الدمشقية التي لا تستطيع العيش بعيداً عن دمشق، أنا آخر ما تبقى هنا بعد أن غادر كل الأحبة”، تقول ميرا منهية حديثها، ثم تكمل: “سأبقى هنا انتظرهم جميعاً مع مفاتيح بيوتهم المهجورة وأصص نباتاتهم التي وعدتهم بأن اسقيها دائماً كما اسقي النساء العابرات امام باب بيتي”.

21 تشرين أول 2015

ملاحظة: لقراءة المادة على المنصة يرجى الضغط على اللوغو

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

2 Responses

  1. قصة جميلة ورائعة ..هي واقع الشعب الذي له حكايات الاصرار, والمستقبل الذي يمر عبر الموت والدمار انه قصة المرأة التي ارادتها تاء تأنيث سورية كي تكون هي المؤثث لسورية القادم بلمستها برقتها هي ربة المكان ضد وحش الغربة والقتل…هي ام بحق ..وهي امرأة هي قائدة الجمال..والمؤسسة لزوال القبح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »