سنا السلام _ ريف حلب
شتاء جديد يَحلُّ على المناطق المحررة في الشمال السوري، قديمٌ بطبيعته جديد بعدد المهجرين الوافدين من عدة مناطق سوريّة، أجبرهم نظام الأسد على الرحيل بعد سيطرته على مناطقهم.
لكن شتاء عام 2018 مختلف جداً، ليس فقط بعدد المهجرين، إنما من حيث الارتفاع الكبير في الأسعار، الذي سببه انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وبدأ هذا الانخفاض مع فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن والذي سمح لبدء أول عملية تبادل تجاري بري منذ أكثر من خمس سنوات، وهو ما كشف السعر الحقيقي لليرة السورية.
بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد في الشمال السوري في الفترة الأخيرة 500 ليرة سورية فيما كان يبلغ بشهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي 445 ليرة سورية. وسرعان ما انعكس هذا الانخفاض على معظم السلع الضرورية من غذائيات وغيرها، وعلى العنصر الأهم في أيام الشتاء داخل مناطق الشمال السوري ( الوقود ) من مواد الديزل والمازوت والغاز، والتي سجلت ارتفاعاً بنسبة تزيد عن 10%. يقول عضو في المجلس المحلي في مدينة الباب بريف حلب الشرقية رفض الكشف عن اسمه: “إن سبب ارتفاع سعر المحروقات ليس متعلقاً فقط بانخفاض قيمة العملة السورية، بل إن السبب الأكبر هو إغلاق طرق الإمداد من معابر وحدات الحماية الذاتية الكردية والتي تسيطر على آبار النفط الواقعة شمال وشرق البلاد والتي تغذي المناطق المحررة في الشمال السوري.
وترجع أهمية الوقود في الشمال السوري الخارج عن سيطرة نظام بشار الأسد لاعتماده على توليد الكهرباء عبر المولدات الكهربائية حيث تغيب خدمة الكهرباء النظامية عن أكثر من 80 % من تلك المناطق، فيما تُغذى منطقة جرابلس الملاصقة للحدود مع تركيا بالكهرباء المدعومة من الحكومة التركية.
ويقدر الناشط عبيدة البابي تكلفة التدفئة الاعتيادية في أي أسرة متوسطة الأفراد بألف ليرة سورية في اليوم الواحد ما يعادل قرابة 2 دولار، وهو مبلغ قد يكون إجمالي إنتاج الأسرة في تلك المناطق، ولا تنحصر التدفئة على الوقود فقط حيث “للحطب” نصيب أيضاّ وهو ما سجل ارتفاعاً بسعره عن سوابقه من السنين الفائتة، حيث بلغ سعر الكيلو 70 ليرة، ومن المعلوم أن استهلاك الحطب في المدافئ أكبر من استهلاك الوقود.
ويقول عبيدة في حديث لشبكة المرأة السورية: “مبلغ 2 دولار قد يبدو زهيداً على المستوى العالمي، لكنه بالنسبة لسوريا مبلغ كبير جداً، يبلغ دخلي اليومي في أيام الشتاء 2200 ليرة سورية، أي حوالي 4,5 دولار أمريكي فقط”، فهل من المعقول أن أنفق نصفها في سبيل تدفئة أسرتي فقط وأتركهم دون طعام؟”
وأوضح المسؤول في المجلس المحلي أن العمل جار لكبح ارتفاع أسعار الوقود وذلك بتأمين المحروقات من الجانب التركي، حيث يتم التنسيق مع عدة شركات تركية لإدخاله إلى سوريا ولعل أهمها مادة ’’المازوت الأوروبي‘‘ نوع ثاني، حيث ستكون بأسعار مقبولة ومناسبة للسوق.
أما بخصوص المواد الغذائية فيقول مسؤولون محليون أنه ارتفع بنسبة 15 % من مثل الخضروات المستوردة في الشمال السوري بعد انخفاض قيمة الليرة السورية مطلع شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي.
ويقول محمد برو، أحد تجار الغذائيات في مدينة إعزاز: “الارتفاع شمل المواد المستوردة من تركيا وغير المتوفرة في الشمال، وأهمها السكر والشاي والمعلبات والزيوت والخضروات والمياه الغازية، حيث يتعامل أغلب التجار الكبار في عمليات البيع والشراء مع التجار الصغار وأصحاب الحوانيت بدولار فقط وهو ما يزيد من قيمة الأسعار على العملة السورية.
وقد تسبب هذا الازدياد بحالة من الغضب والاستياء العام لدى المواطنين، ولا سيما أولئك المهجرين والقاطنين في الشمال السوري، الذين زادت عليهم النفقات، فهم يختلفون عن سكان مدن الشمال الأصلين من حيث السكن حيث يضطر جلهم لاستجار منازل قد تصل قيمتها ل 150 دولار بالشهر، وقد فاقم الشتاء من معاناتهم بمصاريف التدفئة وارتفاع الأسعار معاً. ويقدر عدد سكان الشمال السوري الخارج عن سيطرة نظام الأسد، والذي يتألف من معظم محافظة ادلب وأجزاء كبيرة من ريف حلب الشمالي والغربي والشرقي بأكثر من 5 ملايين بينهم مئات الآلآف من المهجرين والنازحين من مناطق مختلفة من سوريا أهمها ريف دمشق ودير الزور وحمص.
وقد تذيلت سوريا قائمة الدول من حيث دخل الفرد السنوي من الناتج المحلي حسب آخر إحصائية أممية حيث جاءت في المرتبة 188 بناتج يبلغ 480 دولار للفرد سنوياً، وهي نسبة تنذر بنسبة فقر مدقع قد تفوق 50 %من السكان وتنذر بمأساة اقتصادية قد تدوم لعقود.
خاص “شبكة المرأة السورية”