Search
Close this search box.

جائزة نوبل للسلام تسلط الضوء على العنف الجنسي في زمن الحرب

جائزة نوبل للسلام تسلط الضوء على العنف الجنسي في زمن الحرب

نوار إبراهيم

جائزة نوبل للسلام لهذا العام ذهبت إلى نادية مراد، الناجية، والناشطة من أجل الناجين الآخرين من الاتجار بالجنس من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، ودينيس موكويغي، جراح أمراض النساء من الكونغو، وذلك تقديراً لعملهما “لإنهاء استخدام العنف الجنسي  كسلاح من أسلحة الحرب. من الجيد أن يتم الاعتراف بعملهما المهم على الساحة الدولية. ومن المثير للاهتمام أن 87 في المائة من الفائزين بجائزة نوبل للسلام كانوا من الرجال منذ عام 1901 (وهو العام الذي تم فيه منح الجائزة لأول مرة).

نادية مراد أصبحت شهيرة عالمياً عندما تحدثت عن الأهوال التي تحملتها على يد الدولة الإسلامية. ونادية مرأة يزيدية من العراق، اختطفها تنظيم داعش مع أمها وستة من إخوانها، الذين قتلوا جميعاً وبقيت هي على قيد الحياة، حيث تم الاحتفاظ بها كعبدة جنسية في الموصل، حتى تمكنت من الهرب بعد ثلاثة أشهر. ومنذ ذلك الحين، تحولت إلى ناشطة عن الشعب اليزيدي، حيث عملت على رفع الوعي ومكافحة استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب. في عام 2016، تم تعيينها سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة للدفاع عن الناجين من الاتجار بالبشر.

الرجل الذي يشفي النساء

وقد أطلق على دينيس موكويغي لقب “الرجل الذي يشفي النساء” لعمله الجراحي في مستشفى بانزي، وهي عيادة أسسها في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد قدم هو وزملاؤه الرعاية الطبية لأكثر من ثلاثين ألفاً من ضحايا الاغتصاب. وسافر عبر العالم لرفع الوعي بمحنة هؤلاء النساء، وتحدث في الأمم المتحدة، والبرلمان الأوروبي، وفي واشنطن العاصمة.

يعتبر العنف الجنسي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد السياسي للدولة الإسلامية، والذي يستخدم الاغتصاب والعنف الجنسي والعبودية الجنسية لفرض سيطرته على المجتمعات، وتجنيد مقاتلين جدد وتعذيبهم المختطفات بغرض استخراج المعلومات، وفرض زيجات غير توافقية، وإنتاج دخل من خلال الاتجار بالجنس، الفدية، وتجارة الرقيق. فالاغتصاب، على حد تعبير ممثلة الأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي، زينب بانغورا، يستخدم “كوسيلة من أساليب الإرهاب”.

يلقي عمل مراد وموكويغي الضوء على هذه الممارسات المروعة، مما يثير التساؤل: ما هي الاستراتيجيات القانونية المتاحة لمنع الدولة الإسلامية من الاستمرار في الاستمرار بمثل هذه الانتهاكات الجنسية؟ في عام 2017، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً مهد الطريق لإجراء تحقيق في الجرائم المروعة التي عانى منها مراد وغيره في العراق. وقد تم تعيين مستشار خاص لفريق التحقيق في شهر أيار / مايو من هذا العام، وفي أغسطس الماضي بدأ الفريق العمل. وإذا كان مجلس الأمن يفتقر إلى الإرادة السياسية لإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، يمكن للعراق أن يحيل الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية (البلد الذي وقعت فيه هذه الجرائم).

ومما يثلج الصدر أن مراد وموكويغي، من خلال منحهما جائزة نوبل للسلام، تلقيا اعترافاً بأن عملهما يستحق التقدير، لكن دعونا نأمل أن تتحول هذه الدعاية إلى عمل.

قصة نادية

نادية مراد ولدت وترعرعت في قرية كوشو الزراعية الهادئة بالعراق، حيث يعيش اليزيديون ومجتمعات أخرى بشكل متناغم كجيران. وهي عضو في المجتمع الإيزيدي، وقد عاشت هي وعائلتها – التي تضم العديد من الإخوة والأخوات – حياة سلمية سعيدة. كانت نادية في المدرسة الثانوية وتحلم أن تصبح معلمة تاريخ وفنانة مكياج.

انتهى وجود نادية السلمي في 3 آب / أغسطس 2014، عندما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قريتها، وبدأت حملة الإبادة الوحشية ضد الشعب اليزيدي. تم إعدام ستة من إخوة نادية التسعة على الفور. وتم أسر نادية مع شقيقتها وآلاف من النساء والأطفال الآخرين، وتعرضوا لجرائم لا توصف. قدم التنظيم للأسرى خياراً – اعتنقوا الإسلام أو سيتم إعدامكم. وإلى جانب التحول القسري للمعتقد، كانت الفتيات الصغيرات يُستعبدن ويتعرضن للعنف الجنسي والاتجار، وفي بعض الأحيان يُجبرن على الزواج. كانت نادية بعمر 21 سنة فقط، وكانت هي وشقيقتيها مستعبدتين؛ أُعدمت والدتهما لأنها كانت تعتبر كبيرة في السن من أجل الاستعباد الجنسي.

كانت نادية في البداية رهينة في مبنى يضم آلاف العائلات. . كان الرجل الأول الذي اقترب من نادية لأخذها أكبر سناً وكبير الحجم. قاومت نادية، لكنها كانت صغيرة جداً، وفيما بعد تمت معاقبتها عقاباً جسدياً قاسياً لمقاومتها. تعرضت نادية للضرب والتعذيب بشكل يومي، وعندما تم ضبطها وهي تحاول الفرار تعرضت للضرب المبرح.

بعد كثير من الوحشية التي لا يمكن تصورها، تمكنت نادية أخيراً من الفرار.

هاجرت نادية إلى ألمانيا حيث تلقت رعاية طبية وتم جمع شملها مع ناجين آخرين. وقد قُتل أو فُقد حوالي 18 من أفراد عائلة نادية. بمساعدة يازدا، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لمساعدة الناجين من اليزيديين والدفاع عن حقوق الأقليات العرقية والدينية المهمشة، تمكنت نادية من رواية قصتها على المسرح العالمي، مما أرغم القادة العالميين على الاستماع إلى أهوال الإبادة الجماعية المستمرة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. تم ترشيح نادية لجائزة نوبل للسلام وتم تعيينها سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة من أجل الدفاع عن الناجين من الاتجار بالبشر.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »