تحتفل الجمعية العامة للامم المتحدة سنوياً بتاريخ الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، ومنذ العام 1999 باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وتوصي المنظمة الدولية جميع المنظمات الرسمية وغير الحكومية ووسائل الاعلام حول العالم بالترويج لثقافة القضاء على العنف تجاه المرأة.
ثمة سؤال منطقي ربما لا يعرف اجابته الكثيرون لما هذه الذكرى السنوية في موعد الخامس والعشرين من تشرين الثاني؟ وما الحادثة التي ارتبط بها اعلان يوم عالمي لمناهضة العنف تجاه المرأة والقضاء عليه. وبطبيعة الحال فالتاريخ المذكور يرتبط بقصة مهمة تعود الى العام 1960 متلازمة بحادثة وقعت بالدومنيكان تلك الجمهورية الصغيرة الواقعة في الكاريبي على مشارف كوبا وهايتي.. حيث قتلت الأخوات ميرابال، لتصبح تلك الحادثة لاحقاً إلهام للعالم فيما يتعلق بقضايا مناهضة العنف ضد المرأة.
الأخوات ميرابال.. ثلاثة شقيقات دومنيكيان تم اغتيالهن من قبل مجهولين وبتوجيه حكومي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 1960 في عهد الدكتاتور رافاييل تروخيلو، واصبحن لاحقاً معلماً من معالم الحرية في الدومنيكان والعالم.
كان والدهن رجل اعمال ناجح وكن يعيشن حياة الطبقة الميسرة المستقرة مع شقيقتهن الرابعة (لازالت حية) وكانوا معارضين سياسيين لنظام الدكتاتور تروخيلو.. الذي ظل على هرم السلطة في بلاده حتى عام 1961، فارضاً سيطرة مطلقة على البلاد من خلال تحالفه السري مع الكنيسة والأرستقراطيين والصحافة.. مع ادارته لسلطة عسكرية بوليسية واعدامه الالاف من معارضيه.
وفي احدى المناسبات العامة التي تواجدت بها (مينيريفا) احدى الشقيقات وكانت تسعى لأن تصبح محامية.. وتواجد بهذه المناسبة الدكتاتور تروخيلو.. حاول الدكتاتور التحرش الجنسي بمينيريفا الا انها واجهته بشكل رافض مهين (وقيل انها صفعته) وغادرت المناسبة مع عائلتها، وشكلت لاحقاً حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام تروخيلو، وعرفت بأسم حركة الرابع عشر من يونيو، وضمن هذه المجموعة، كانت الشقيقات ميرابال يلقبن بالفراشات لجهودهن وحيوية الشباب التي يعشنها.. الا ان الدكتاتور سرعان ما امر بأعتقالهن وذويهن وجرى سجنهم والتنكيل بهم.. ولاحقاً وبعد الافراج عنهم قتل مجهولون الشقيقات الثلاث بطريقة وحشية وكشف لاحقاً بأن الدكتاتور كان وراء الاغتيال.. اغتيال الأخوات ميرابال كان الضربة القاضية لنظام تروخيلو ، الذي اغتيل بعد ستة أشهر من حادثة اغتياله للشقيقات.
بعد انهيار نظام الدكتاتور تروخيلو بأغتياله.. كرمت ذكرى الاخوات ميرابال، وقامت اختهن المتبقية على قيد الحياة لاحقاُ بتحويل المنزل الذي ولدن به الى متحف للراحلات يضم مقتنياتهن.. ويجمع العديد من الكتب والافلام الوثائقية والسينمائية التي خلدت ذكرى الاخوات ميرابال.
ولعل اشهر ما كتب حولهن رواية (في زمن الفراشات) للكاتبة الامريكية جوليا ألفاريز والتي نشرت عام 1994 ، ولاحقاً حولت الرواية إلى فيلم حمل نفس الاسم (في زمن الفراشات) عام 2001، وقامت النجمة العالمية سلمى حايك فيه بشخصية مينيرفا ،وشارك في الفلم المغني الشهير مارك أنتوني في دور مساعد.
عدة كتب اخرى كتبت حول الاخوات الراحلات.. كان اخره كتاب وضعته اختهم الباقية على قيد الحياة طبع عام 2009، سبقه بعامين صدور رواية جديدة للروائي الدومنيكاني جونتو دياز حول حياة الشقيقات الراحلات.. وهنالك مجموعات من قصص الاطفال حولهن وافلام وثائقية عديدة انتجت حول نشاطهن ورحيلهن.. فضلا عن عشرات النصب والتماثيل والمطبوعات التي حملت صورهن.
تماثيل للراحلات
في 17 كانون الاول/ديسمبر 1999 ، اعلنت الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة تعيين 25 نوفمبر (ذكرى اغتيال الأخوات ميرابال) موعدا سنوياً لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة تقديراً لأخوات ميرابال، هذا اليوم يصادف أيضا بداية من 16 يوما من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة، تنتهي يوم 10 كانون الاول/ديسمبر المصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان .
ويعد العنف ضد النساء والفتيات واحدا من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقا في العالم. فهو يتخطى الحدود والعرق والثروة والثقافة والجغرافيا. ويحدث في كل مكان في المنزل أو في العمل، في الشوارع أو في المدارس، في أوقات السلم أو الصراع. ولكن هذا ليس أمرا حتميا. إذ يمكن مواجهة العنف ضد النساء والفتيات والحد منه بشكل منهجي، ومع مزيد من الإصرار يمكن القضاء عليه.
عن موقع “الحرة”