في عام 1954م أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ يوم عالمي للطفل يكون فرصة لإرساء قيم التآخي بين الأطفال على الصعيد العالمي، وتركت لكل دولة اختيار التاريخ الذي يناسبها في بادرة لها دلالتها في تعزيز شعور الدول الأعضاء بالخصوصية، خاصة وأن مسألة الخصوصية تثار أكثر ما تثار عندما يتعلق الأمر بالطفولة والمرأة، كما أن ترك الخيار للدول يمكنها ربما من الاحتفاء بإنجاز ما يرتبط بالطفولة ورفاهها على الصعيد الوطني فتختار تاريخا يتوافق معه، أما العشرين من نوفمبر فهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الطفل في عام 1959م واتفاقية اتفاقية حقوق الطفل في عام1989م.
ويوافق الاحتفال باليوم العالمي للطفل هاذ العام الذكرى الخامسة والعشرين للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تعهدت على لسان الدول الأعضاء ببذل أقصى الجهد لحماية الأطفال وكفالة حقوقهم في البقاء والنماء والتعلم والنمو وتمكينهم من إسماع أصواتهم. وقد قررت لجنة حقوق الطفل هذا العام تسليط الضوء على احترام حق الأطفال في المشاركة في القرارات التي تؤثر عليهم بشكل خاص، وهو الأمر الذي ما فتئت اللجنة يقول به مؤكدة على ضرورة أن يكون الأطفال جزءا من الحلول لمشاكلهم.
غير أنه وعلى الرغم من الإنجازات العالمية الكبيرة في ضمان حقوق الأطفال مثل انخفاض معدل وفيات الرُضع وزيادة معدل الالتحاق بالمدارس، إلا أن الطريق لا يزال طويلا والفجوة لا تزال كبيرة بين واقع الأطفال وحقوقهم الدولية، إذ لا تزال هناك أعداد كبيرة من الأطفال تعيش بعيدة كل البعد عن حقوقها الإنسانية، كما أن هناك تحديات جديدة برزت وتضافرت مع التحديات القديمة لتشكل حائلا ضد استمتاع جميع أطفال العالم بحقوقهم كما نصت عليها الاتفاقية الدولية لحقوق الأطفال.
لقد صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل حتى الآن 194 دولة وهي بذلك الاتفاقية الدولية الأكثر مصادقة من قبل الدول، مما ينبئ عن رغبة دولية في الاعتراف بحقوق الطفل والعمل على حمايتها على الأقل على الصعيد النظري، وهذه الحقيقة تبعث على الأمل والتفاؤل في أن تعمل هذه الدول على بسط حقوق الأطفال على أرض الواقع ولا يكون ذلك إلا بالاعتراف بدور الأطفال في عملية التغيير فيما حولهم والاستماع لهم وتقدير وجهات نظرهم.
إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان إذ نحتفي بهذه المناسبة نؤكد أن الصراعات المسلحة والحروب الأهلية ومشاكل الفقر والجهل والمرض من أكبر مهددات حقوق الأطفال وليست ببعيدة عن أذهاننا التقارير المروعة عن انتهاكات حقوق الأطفال من حولنا وخاصة في الدول التي تشهد اضطرابات وصراعات ملتهبة في منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة.
إننا نأمل أن تخمد نيران هذه الحروب، وتدور بدلا عنها عجلة التنمية، فلا رفاه للطفولة في ظل الحرب ولا حماية للطفولة في غياب التنمية والاستقرار، إن الأطفال جزء عزيز من الحاضر لكنهم أهم دعامات المستقبل التي يتحتم حمايتها وتأكيد الرهان عليها.
عن موقع “معهد جنيف لحقوق الانسان”