ترجمة و إعداد: نوار سعيد
نشرت بتاريخ 5/ شباط / 2020
عن معهد جيستون للدراسات السياسية الدولية
للكاتب: أوزاي بولوت
تلقي قضية الأمريكية سامانثا ماري الحساني (سامانثا سالي)، 32 عامًا – وهي أم لطفلين تركت منزلها في ولاية إنديانا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية المنهك الآن في سوريا – تلقي الضوء على القضية التي يتم نقاشها حاليًا في الغرب حول درجة تورط زوجات الإرهابيين، وما إذا كان ينبغي اعتبارهن ضحايا أم جناة.
في 25 تشرين الثاني / نوفمبر، وفي محكمة اتحادية بالولايات المتحدة، اعترفت الحساني بأنها مذنبة ومدانة “بتقديم الدعم المالي للأفراد الذين يرغبون في الانضمام لداعش”.
وقد حاولت الحساني تبرير وجودها ضمن صفوف التنظيم بإلقاء التهم على زوجها الإرهابي الموسى الحساني “قناص في داعش”، حيث قالت إن زوجها الراحل خدعها للذهاب إلى سوريا، لكن المحامي الأمريكي توماس ل. كيرش الثاني قال: “سافرت الحساني مع زوجها وشقيق زوجها إلى سوريا، حيث التحقوا في صفوف داعش كمقاتلين، مما عرض حياة أطفالها للخطر، ويعكس اعترافها بارتكاب تهم إرهابية خطورة سلوكها الإجرامي”.
“كشفت المدعى عليها أيضًا عن أطفالها الصغار الذين يعانون من سرعة التأثر نتيجة وجودهم في بيئة من الكراهية والعنف بغض النظر عن الضرر الذي تسببت لهم به”.
ومن المقرر أن يصدر الحكم على الحساني في مارس 2020، حيث وجهت وزارة العدل الأمريكية للحساني تهمًا بالتآمر، لتقديم دعم مادي لـ”داعش”، ومساعدة وتحريض الأفراد على تقديم الدعم المادي للتنظيم.
وفي يوليو 2018 ، تم نقل الحساني من مقر لقوات سوريا الديمقراطية التي قبضت عليها في سوريا إلى الولايات المتحدة.
عروس داعش
هناك حالة مماثلة لفتت الانتباه في الولايات المتحدة وهي قضية هدى مثنى، عروس “داعش” البالغة من العمر 25 عامًا. مثنى هي الابنة الأمريكية المولد لدبلوماسي سابق في الأمم المتحدة من اليمن، والتي غادرت منزلها في ألاباما عام 2014 للانضمام إلى داعش في سوريا. تؤكد مثنى البالغة من العمر 24 عامًا وتزوجت من ثلاثة جهاديين قتلوا جميعًا في المعارك، وأصبح لديها طفل، تؤكد أنها ندمت على تحولها إلى التطرف وترغب بالعودة إلى بلادها، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدخل شخصيًا لمنعها، لأنها حثت الجهاديين ذات يوم على “إراقة الدماء الأمريكية”، رغم أنها أعربت بعد ذلك عن أسفها لتصرفاتها، وقالت إنها لم تعد تؤمن بالفكر المتطرف، فهو: “ليس إسلامياً على الإطلاق، سأحارب ضد قول غير ذلك، أنا مجرد إنسان عادي تم التلاعب به مرة وهو ما آمل ألا يتكرر إطلاقًا”، حسب تصريحات عروس داعش المثنى.
رفعت عائلة المثنى دعوى قضائية في شباط / فبراير ضد إدارة ترامب، لتمكينها من العودة إلى الولايات المتحدة من سوريا، حيث تقيم الآن في مخيم للاجئين، لكن، القاضي الفيدرالي حكم مؤخراً (نوفمبر الماضي) بأن المثنى ليست مواطنة أمريكية – وفقًا لما حددته إدارة أوباما في عام 2016 – وبالتالي ليس لها الحق في العودة إلى البلاد.
قالت مثنى في مقابلة مع شبكة إن بي سي نيوز في أوائل تشرين الثاني / نوفمبر الماضي: “أي شخص يؤمن بالله يؤمن أن الجميع يستحق فرصة ثانية، بغض النظر عن مدى الضرر الذي ألحقته خطاياه بالآخرين”.
لكن هل تستحق النساء اللاتي حرضن الرجال على خطف واغتصاب وتعذيب وذبح اليزيديين والمسيحيين في العراق وسوريا، هل تستحق الرحمة؟
المؤسسة اليزيدية الحرة، وهي مؤسسة تأسست بعد فترة وجيزة من محاولة الإرهابيين القضاء على الشعب الإيزيدي في أغسطس 2014 في العراق، وتسعى لتوعية العالم بمحنة اليزيدين، ترى أنه “غالبًا ما يُنظر إلى الإناث من أعضاء داعش على أنهن سلبيات أو ساذجات أو حتى كضحايا، لكن هذا الوصف خطير وغير دقيق إلى حد كبير”.
في تقرير صدر حديثًا، استشهدت المؤسسة بمنشور صدر عام 2017 من قبل المخابرات العامة والأمن الهولندية (AIVD) بعنوان “النساء الجهاديات، تهديد لا يجب الاستهانة به” – والذي ينص على: “الفتيات السذج اللواتي يتبعن حب حياتهن، أو النساء الأكثر راديكالية من أزواجهن، أو النساء اللاتي يجدن عن طريق الصدفة أنفسهن في دولة الخلافة- تهيمن الصورة النمطية على التقارير عند الكتابة عنهن. أسئلة مثل” ما الدور الذي تلعبه النساء في الحركة الجهادية؟ وأي نوع من التهديد تشكله النساء الجهاديات؟” غالبًا ما تبقى هذه الأسئلة دون إجابة، رغم أنها ذات صلة كبيرة في الوقت الحالي، ففي العامين الأخيرين، حاولت عدد من النساء الجهاديات في أوروبا تنفيذ هجوم إرهابي … ولا ينبغي أن يتم الاستخفاف بالدور الذي تلعبه هؤلاء النساء الجهاديات داخل الحركة الجهادية، وفي كثير من الحالات، تكون المرأة الجهادية مكرسة للجهاد مثل الرجال، وتشكل تهديداً حقيقياً من خلال تجنيد الآخرين، وإنتاج ونشر الدعاية، وجمع الأموال، وعلاوة على ذلك، فهن يلقنن أطفالهن الإيديولوجية الجهادية، وهذا يشكل جوهر الحركة الجهادية”.
في أعقاب وفاة زعيم داعش المتعطش للدماء أبو بكر البغدادي في 27 أكتوبر/تشرين الأول، من الأهمية بمكان أن نتذكر أن أيديولوجيته الجهادية ما زالت قائمة، يواصل أتباعه الإرهابيون تنفيذها.
من المهم التأكيد على أن الضحايا الحقيقيين لممارسات داعش البغيضة ليسوا الآلاف من النساء والفتيات اللائي انضممن لداعش عن طيب خاطر وشاركوا بنشاط في الجرائم المروعة التي ارتكبتها الجماعة ضد الإنسانية، بل مئات الآلاف من المسيحيين واليزيديين والمسلمين الذين نزحوا وتعرضوا للتعذيب والقتل.
أخيراً
يستمر الجدل العالمي في التنامي حيال السماح لزوجات داعش بالعودة إلى بلدانهن الأصلية من عدمه، فيما تخوض حكومات دول مثل أمريكا وهولندا ومجالس برلمانية في دول أخرى معارك حقوقية للحيلولة دون عودتهن، لتبقى قضية ما يعرف بـ” نساء داعش” واحدة من أكثر المواضيع جدلية على الإطلاق، بينما تُحتجز العديدات منهن في مخيمات للّاجئين شرق سوريا، تشكل كل واحدة منهن قضية مختلفة بحد ذاتها، لكن يبقى القاسم المشترك بينهن جميعاً أنهن موضع شك العالم وتخوفه من إرهاب متنكر بغطاء ضحية.
المصدر: