هنادي زحلوط
ضمن محاولة لاستيضاح آراء النشطاء والمهتمين بالشأن العام في سورية لحقوق المرأة والحيز الذي تشغله، أو يجب أن تشغله، سواء في العمل الذي تقوم به منظمات حقوق الإنسان، أو في مشروع التغيير الديمقراطي الذي طرحه إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، فقد تم طرح استبيان على هؤلاء المهتمين بهذا الشأن.
المرأة في منظمات حقوق الإنسان:في إطار الحراك الديمقراطي الذي بدأ سنة 2000 في سورية، فقد تم إنشاء العديد من منظمات حقوق الإنسان التي ضمت في عضويتها العديد من النساء، الحقوقيات غالبا، اللواتي ساهمن مساهمة فعالة في عمل هذه المنظمات دون أن ترأس ناشطة امرأة أي منظمة لحقوق الإنسان في سورية.
أما من حيث القضايا التي تم العمل عليها فقد تم اقتصارها على قضية الاعتقال السياسي والاختفاء القسري في سورية، من خلال بيانات استنكار وشجب، ومطالبة بالحرية لمعتقلي الرأي والضمير، دون أن تبادر أي منظمة لطرح قضية تتعلق بحقوق المرأة، أو الأسرة عموما.
المرأة في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي:
تضم الأحزاب المنضوية في إطار إعلان دمشق عددا قليلا من النساء السياسيات اللواتي تمكّنهن ظروفهن من ممارسة العمل السياسي الشاق والصعب في سورية، إضافة لكون رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق امرأة، طبيبة، هي السيدة فداء حوراني.
وينص إعلان دمشق بشكل واضح على ” سيادة القانون في دولة يتمتع جميع مواطنيها بذات الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو الإثنية أو الطائفة أو العشيرة”، دون أن يرد أي ذكر لحقوق المرأة في نص إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، ودون أي ذكر لكلمة “المرأة”.
حول الاستمارة:
وبسبب حساسية الوضع السوري عند إجراء أي استطلاع للرأي، حتى وإن كان يختص بقضايا المرأة، فقد تم إغفال الاسم والمعلومات الخاصة من استمارة الاستبيان التي وزعت الكترونيا وأجاب عنها 90 تسعون من الناشطين والمهتمين بالشأن العام السوري.
النتائج:
وقد تضمنت الاستمارة تسع نقاط تم استفتاء رأي المشاركين حولها:
فعند السؤال حول ما إذا كانت حقوق المرأة هي جزء من حقوق الإنسان، كانت الإجابة بنعم بنسبة 100%.
وفيما إذا كانت المطالبة بحقوق الإنسان تغني عن المطالبة بحقوق المرأة أجاب 60% من المشاركين بنعم فيما كان جواب 40% لا.
بينما اعتبر 73.33% من المشاركين القول بأن القوانين الحالية في سورية منصفة للمرأة خاطئا، فيما وجده 20% من المشاركين خاطئا تقريبا، وأجاب 6.66% بأنه صحيح تقريبا.
وعند السؤال عن القوانين المتعلقة بالمرأة الواجب تعديلها أشار المشاركون إلى قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الجنسية، فيما لم يحدد أي منهم قانونا آخر يجب تعديله، فكانت نسبة خيار جميع القوانين السابقة 100%.
وفيما يرى 60% من المشاركين أن منظمات حقوق الإنسان في سورية تعمل فقط على قضايا المعتقلين السياسيين، فإن 20% تجد أنها تعمل على قضايا المعتقلين السياسيين وقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، و%13.33 ترى أنها تعمل على قضايا المعتقلين السياسيين وقضايا المرأة معا، فيما يجد 6.66% أنها لا تعمل على أي من القضايا السابقة.
أما بالنسبة لقضايا المعتقلين السياسيين فإن 73.33% تجد أن منظمات حقوق الإنسان تولي أهمية لقضايا المعتقلين بغض النظر عن الجنس، فيما يرى 26.66% أنها تولي أهمية لقضايا المعتقلين بشكل خاص، فيما لم يشر أي من المشاركين إلى اهتمام هذه المنظمات بقضايا المعتقلات بشكل خاص.
ويؤكد 86.66% على وجوب الاهتمام بقضايا النساء المعتقلات بشكل خاص من قبل منظمات حقوق الإنسان، فيما يرى 13.33% أنه لا يجب ذلك.
أما فيما يخص إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي فقد رأى 100% من المشاركين أنه يجب إعادة النظر في رؤية إعلان دمشق للتغيير على الصعيد الاجتماعي.
وأشار 80% من المشاركين إلى ضرورة دعم كل من مشاركة كل من الرجل والمرأة في إطار نشاطات إعلان دمشق، وأجاب 20% بضرورة دعم مشاركة المرأة بشكل خاص في هذه النشاطات.
تعليق:
الناشط الحقوقي الكردي السوري مسعود عكو، والكاتب في مجلة ثرى الإلكترونية التي تعنى بحقوق المرأة والطفل في سورية، أكد أن هذه الأرقام تحمل عدة مؤشرات هامة، سواء حول “قناعة” الناشطين بأن القوانين المحلية لا تنصف المرأة، “إذا هناك خلل قانوني كبير يجب معالجته”، كما حول ضرورة تعديل القوانين التي تميز المرأة عن الرجل في قانون الأحوال الشخصية والعقوبات وقانون الجنسية، ويضيف “إلا أنني أرى بأن هذه القوانين غير منصفة حتى للرجال”.
أما بالنسبة لنشاط منظمات حقوق الإنسان في سورية فيجد عكو أنه لا وجود لأي نشاط ملحوظ لمنظمات حقوق الإنسان السورية فيما يتعلق بقضايا المرأة، ويقول أنه “حتى عندما ينشر خبر أو بيان عن اعتقال أنثى فإنه من باب التغطية الإعلامية ومتابعة أخبار الاعتقال السياسي وليس كون المعتقلة امرأة أو رجل”.
ويرى الناشط عكو أن نسبة التصويت كانت معبرة بخصوص أنه لا يوجد تمييز ضد المرأة في تغطية نشاطات المنظمات الحقوقية بل يجد فيه تحديدا “إهمال للعمل الحقوقي” من قبل هذه المنظمات.
ويتفق الأستاذ مسعود عكو مع تأكيد غالبية المشاركين على ضرورة العمل على قضايا المعتقلات السياسيات بشكل خاص، ويضيف ” علينا كناشطين مستقلين ومنظمات حقوقية متابعة كافة قضايا وشؤون المرأة وليس فقط المعتقلات بل حتى تلك النسوة خارج إطار العمل السياسي واللائي يعانين الويل من جراء التمييز ضدهم في الأسرة والعمل والدولة والمجتمع”.
يرى الناشط عكو ضرورة إعادة النظر في إعلان دمشق ككل، وليس فقط فيما يتعلق بالتغيير على الصعيد الاجتماعي.