سلمى الدمشقي
كثر الحديث في سورية ومنذ عام 2015 عن أهمية الاطلاع ومناقشة القرار الصادر عن مجلس الأمن عام 2000 ورقمه 1325 حيث شدد هذا القرار على مراعاة خصوصية المرأة واشراكها في عمليات الحفاظ على الأمن وبناء السلام وتوعية قوات حفظ السلام والشرطة والسلطة القضائية بخصوصية المرأة في الصراع واتخاذ تدابير لضمان حمايتها ودعم دور المرأة في مجالات المراقبين العسكريين والشرطة المدنية والإنسانية ومراقبي حقوق الانسان وتمثيل النساء في المجتمعات التي شهدت صراعات مسلحة لإسماع اصواتهن في عملية تسوية الصراعات ولتكن جزءا من جميع مستويات صنع القرار كشريك على قدم المساواة لمنع الصراعات وحلها ولتحقيق السلام المستدام ، حيث يعتبر هذا القرار هو الأول من نوعه والذي يوصف المرأة في حالة الحرب بأنها ليست ضحية فقط بل يمكن أن تكون فاعلة في صنع السلام .
ولتنفيذ هذا القرار يتعين على الدول الأعضاء وضع وتنفيذ خطط العمل الوطنية بهذا الشأن فمن اصل 196 دولة لم ينفذ هذا القرار سوى 21 دولة عضو في الأمم المتحدة .
وهنا النقطة التي تهمنا كسوريين وسوريات مناقشتها في هذا القرار المهم جدا تنفيذه في سورية في المرحلة المقبلة، حيث عقد أول مؤتمر بخصوص سورية عن هذا القرار في 8/12/2016 وكان بعنوان المرأة والسلام والأمن في بيروت، تم تنظيم هذا المؤتمر من قبل المبادرة النسوية الأورومتوسطية وسفارة السويد في دمشق في اطار برنامج دعم التحول نحو الديمقراطية في سورية.
أيضا عقدت المبادرة الأورومتوسطية بالتعاون مع تجمع سوريات من أجل الديمقراطية وبتمويل من السويد مؤتمراً أخر لتطبيق هذا القرار في بيروت يومي 12و 13 /12/ 2018 وذلك لمناقشة الإستراتيجيات اللازمة لتنفيذ القرار وذلك بالإستفادة من الدروس والتحديات والإنجازات الإقليمية ولاسيما في الأردن والعراق وفلسطين وتونس.
وخلال هذين العامين تم عقد ورشات ومؤتمرات مماثلة في مدن عدة وكلها لم تقترب من المعضلة الأساسية لتنفيذ هذا القرار .
تقول لنا هذه المؤتمرات جميعاً ما ملخصه أنه يجب علينا جميعا كسوريات وضع خلافاتنا وولاءاتنا السياسية جانبا والاشتراك جميعا وحشد القوة للضغط لتنفيذ هذا القرار، وضمان مشاركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ، فنحن المتضررات رقم واحد من هذه الحرب الدائرة على أراضي بلدنا منذ سبع سنوات جميعنا وعلى اختلاف مذاهبنا وايديولوجياتنا خسرنا في هذه الحرب زوجاً أو ابناً أو بيتاً أو وطناً حيث أصبحنا في مناطق النزوح واللجوء، والأن يجب أن نسعى لدى جميع الدول والمنظمات لوضع هذا القرار مسعى التنفيذ وضمان مشاركتنا في تنفيذه لانه يمكن لنا كنساء أن نضغط على ألامنا و جروحنا ونسامح، ونسعى لبناء السلام في بلد لم يعد يتسع لمزيد من الخسائر والهزائم.
لتنفيذ هذا القرار يجب أن يكون هناك خطة وطنية تلتزم الحكومة بها كون تنفيذ هذه الخطة يدخل في صلب اختصاص أي حكومة فهي المشرفة على القضاء والشرطة والجيش والدفاع الوطني ولا يمكن تنفيذها من قبل منظمات المجتمع المدني وبعيداً عن الحكومة حيث أن هذه المنظمات مهما ملكت من الاتساع والتمويل لا تملك السلطة الأمنية ولا القضائية التي تخولها لتنفيذ الخطة الوطنية للقرار 1325 ووضعها موضع التطبيق .
فكيف اذا كانت هذه الحكومة تتبع لنظام وصف من قبل المجتمع الدولي بمجرم حرب؟ كيف لحكومته أن تنفذ هذا القرار وتضع خطة وطنية لحماية النساء واشراكهن في عمليات حفظ السلام والأمن؟
كيف يمكن لحكومة هذا النظام أن تلتزم بتطبيق الخطة الوطنية لهذا القرار بمهنية وحرفية ودقة عالية في التنفيذ وهي التي لا يسمح لها نظامها بأي هامش من حرية التطبيق ولو في المسائل الاقتصادية والقضائية والأمنية؟ فكل شيء يأتي من الجهات العليا مرسوم وعلى الحكومة والتي هي السلطة التنفيذية تطبيقه بدقة متناهيه وعدم ابتكار أي نوع من المبادرات وتنفيذها من غير الموافقة عليها من الجهات العليا.
كيف يمكن لهذه المؤتمرات أن تنجح في الحديث عن تطبيق الخطة الوطنية لهذا القرار دون أن يكون الشريك الأساسي في التنفيذ وهو الحكومة غير مدعو وغير ملتزم بالأساس بالتنفيذ؟
ورغم هذه البديهية نرى أن جميع المنظمات الدولية الأن تطرح وبكثافة هذا القرار للمناقشة والاستيعاب على منظماتنا المحلية على اختلاف أنواعها وتسمياتها، ويمكن القول أن الموضه لهذا العام هو مصطلحي العدالة الانتقالية والقرار 1325.
مؤخرا عقد اللوبي السوري وأيضاً مع المبادرة الأورومتوسطية في باريس مؤتمرا للعدالة الانتقالية الحساسة للجندر . ويشكل مفهوم العدالة الانتقالية حساسية عالية لدى النظام السوري، فهو لا يتضمن فقط عامل المسامحة كما ’يروج له بل يتضمن أيضا محاسبة مجرمي الحرب على جرائمهم وحينها ستكون أصابع الاتهام أغلبها موجهة ضده.
ونعود لموضوعنا وهو القرار 1325 ورغم أنه قرار مهم جدا لنا كنسويات حيث يلحظ حمايتنا في حالات الحرب والنزاع المسلح واشراكنا في عمليات حفظ الامن وتثبيت السلام ويعطي لنا دوراً كبيراً يجب أن نتمسك به ونضع كل الخطط اللازمة لإنجاحه. لكن يجب القول أنه يصعب تنفيذ هذا القرار دون بدء المرحلة الانتقالية وتعين حكومة جديدة تكون هي المسؤولة عن التنفيذ.
وأي حديث عن تنفيذ هذا القرار في المرحلة الحالية وقبل أن تتوضح ملامح سوريا المستقبلية هو نوع من التطبيع مع هذا النظام والغزل الصريح له.
خاص “شبكة المرأة السورية”