ترجمة وإعداد: نوار سعيد
بعد ظهر يوم ممطر في أوائل كانون الثاني/ يناير 2014، التقيت مع مجموعة من النساء السوريات في مقهى بجنيف، حيث بدأت أحدث جولات محادثات السلام السورية. وقد نظمت شبكة من النساء، من جميع أنحاء البلاد تقريباً، تعملن بالفعل على حل النزاعات على المستوى المحلي في سوريا، وقد جئن إلى جنيف لإسماع صوتهن في المحادثات. لكن للأسف، تم منعهن من المشاركة من قبل الحكومة السورية ووفود المعارضة والأمم المتحدة.
وهذا يقدم دليلاً قوياً على أهمية إشراك النساء في كل جانب من جوانب صنع السلام والمحافظة عليه. وقد وجدت دراسة قام بها معهد السلام الدولي، شملت 182 اتفاقية سلام بين عامي 1989 و 2011، أنه عندما يتم إشراك النساء في عمليات السلام، هناك زيادة بنسبة 35 في المئة في احتمال أن تستمر اتفاقية السلام 15 سنة أو أكثر.
تشير الدلائل إلى أن النساء المشاركات في عمليات السلام عادة ما يركزن بشكل أقل على غنائم الحرب وأكثر على المصالحة والتنمية الاقتصادية والتعليم والعدالة الانتقالية – وكلها عناصر حاسمة لسلام مستدام.
إن إدراج المرأة يمكن ويجب أن يتخذ أشكالاً عديدة، خاصة في الجهود الرامية إلى التصدي للصراع العالمي العنيف المتصاعد الذي حدث منذ نهاية الحرب الباردة داخل الدول، من تمرد مسلح أو حروب أهلية تمزق البلدان. لا يمكن صياغة نهاية هذه الصراعات من خلال عملية سلام من أعلى إلى أسفل، مع أطراف مسلحين فقط على طاولة المفاوضات. بدلاً من ذلك، يتطلب الأمر عملية أكثر شمولاً – تشمل المرأة التي تلعب أدواراً محورية أكثر في بناء السلام من الأسفل إلى الأعلى وكذلك من الأعلى إلى الأسفل، مع إشراك العديد من أصحاب المصلحة. يجب أن تتجمع الأطراف ليس فقط في العاصمة ولكن أيضاً على المستوى المحلي حيث تواجه تلك المجتمعات مجموعة من القضايا الحرجة التي إن تُركت دون معالجة يمكن أن تفكك أي اتفاق سلام.
في عام 2015، أطلق معهد الولايات المتحدة للسلام مشروعاً في كولومبيا لدعم شبكة من النساء المشاركات في بناء السلام والمنظمات التي تقودها النساء لللاعنف والاصلاح. وبمساعدة الأعضاء الذين انتشروا في كل قطاع من قطاعات المجتمع، استكملت هذه الشبكة عملية السلام الرسمية كما بدأت، فقد تفاوضت مجموعات النساء على وقف إطلاق النار على المستوى المحلي مع الجماعات المسلحة وفزن بإطلاق سراح الرهائن. كما ضغطن على المتمردين لرفع حواجز الطرق وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى احتجاجهن على أولويات الميزانية للحكومات المحلية وسعيهن إلى حلول للاتجار بالمخدرات وغيرها من الأنشطة غير القانونية. وقد تمت دعوة بعض هؤلاء النساء إلى طاولة المفاوضات لمحادثات السلام في كولومبيا في هافانا، حيث كان ثلث المشاركين في الطاولة في الواقع نساء. وكان من بين الأدوار الأخرى دور فعال في ضمان أن تنعكس قضايا ضحايا الحرب في آليات المصالحة والمساءلة في الاتفاق النهائي.
وقد حفزت هذه النتائج قرار الأمم المتحدة التاريخي بشأن المرأة والسلام والأمن الذي صدر في تشرين الأول / أكتوبر 2000، والذي أكد على أهمية دور المرأة في منع الصراعات وتسويتها وشدد على أهمية مشاركتها على قدم المساواة ومشاركتها التامة.
قبل إصدار قانون الأمم المتحدة للمرأة والسلام والأمن، لاحظت من خلال مراجعة 664 اتفاقية سلام من 1990 إلى 2000 من جانب منظمة الأمم المتحدة للمرأة أن 11 في المائة فقط منها تتضمن إشارة إلى أمن المرأة وإدماجها. وفي الفترة من 1992-2011، كان 4 في المائة فقط من الموقعين وأقل من 10 في المائة من المفاوضين من النساء.
والخبر السار هو أنه يتم إحراز تقدم، ففي عام 2015، أُدرجت أحكام تهدف إلى معالجة أمن المرأة وإدماجها في 7 من بين 10 اتفاقات للسلام وقعت في ذلك العام.
في أوائل شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2017، وافق الكونغرس الأمريكي بدعم من الحزبين على قانون المرأة والسلام والأمن لعام 2017، برعاية السناتور جان شاهين، الذي يوجه الحكومة الأمريكية لوضع استراتيجية شاملة لزيادة وتعزيز مشاركة المرأة في جميع جوانب مفاوضات السلام ومنع النزاعات، والعمل مع الشركاء الدوليين. يشير مشروع القانون إلى الدور المهم الذي تلعبه المرأة في دعم السلام، لا سيما في البيئات الهشة.
إن الإدماج المنهجي والممثّل للمرأة في مجموعة واسعة من قضايا السلام والأمن ليس مهمًا فقط لضمان إجراء مفاوضات ناجحة، ولكن أيضاً لضمان معالجة مصالح المرأة. استخدمت البروفيسور فاليري هودسون من جامعة تكساس إي أند أم تحليلًا كمياً لإثبات أن أمن المرأة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الشعوب التي تعيش فيها. ويرتبط الأمن بقدرة النساء على الحفاظ على السلام من خلال الأدوار القيادية، وبناء السلام من خلال التواجد بشكل كامل على الطاولة. تعد المساواة بين الجنسين مؤشراً أقوى على سلمية الدولة من المؤشرات الأخرى، مثل الناتج المحلي الإجمالي.
ما زال أمامنا طريق طويل نقطعه في إطلاق العنان لإمكانيات وقوة المرأة في بناء واستدامة السلام، لا سيما في البلدان الأكثر تضرراً من الصراعات العنيفة. ففي الوقت الذي تصاعدت فيه الصراعات العنيفة، وبتكاليف مالية وبشرية كبيرة، تعد هذه استراتيجية منطقية.
خاص “شبكة المرأة السورية”
المصدر:
https://www.usip.org/publications/2017/11/essential-role-women-peacebuilding